لاَ

لاَ!

المغرب اليوم -

لاَ

بقلم : رشيد مشقاقة

في لقاء علمي نظمه فريق البحث في قانون الأعمال والمقاولات بكلية الحقوق السويسي في موضوع: “مشروع التنظيم القضائي” بتاريخ 18 ماي 2016، خطرت ببالي قصة ذلك الذي ادّعى النبوة، فلّما أنكر عليه الخليفة نُبُوَّتَه قائلا: “أَلم تسمع بقول الرسول “ص”: “لاَ نَبِيَّ بَعْدِي”. رَدَّ بثبات: “نعم سَمِعْتُ بِذَلِك، فَأَنَا “لاَ””.
نجح هذا المُتَنَبِّي في تمرير فكرته إِلَيْنَا، فالشخصيات الذهنية أو المعنوية والمؤسسات بشكل عام لخَّصها البعض منا في أشْخَاصِهم الطبيعية، ودافعوا عنها من موقع أنهم المقصودون بِهَا!!
فلا تَعْجَبَنّ إذا وقَفْت أمام رَجُل عَاقل أَنِيق بلباس رَسْمِي أَزْرَق وَربْطة عُنُق حَمْرَاء وَقَالَ بِعِبارَة فَصِيحَة: “إن أحْوالي تغَيَّرَت لَمّا أصبحتُ مُشَرعاً”. لو كُتِبَتْ لأستاذنا الرّاحل الفقيه عبد الرحمان القادري الحياة وسمِعَ منْ صاحِبِنَا هَذا الكلام، لأضاف إلى قائمة الأَصفار التي تَضَمَّنَتْها نَشْرَةُ تَنْقيطه أَيام كان معنا طالبا صفرا آخر!!
ولا تَعْجَبَنّ أيضا، مَتَى أبْهركَ زميل له بنفس الهِنْدام والحماسة والخفة وهو يُدافع عن الموارد البشرية القضائية من موقع أنّهُ المَعْنِيّ بِها شخصيا، والحال أن المتناظرين يتَحَدَّثُون في موْضُوع قضائي مُجَرّد عَام لا علاقة له بَتَاتا بالأشخاص، على أَنَّ لهذا النموذج هدف معين، فهو يسعى جاهدا لِيُبَلَّغَ عَنْهُ لَدَى رُؤسَائِه وَجِهَةِ التَّعْيين بِالأَساس أنّه يُدافِع عنها ويَتفِقُ معها في ما تفعله بِالقطاع، فِيمَا كان قبل سنة فقط، يقف مشاكسا مُنتقدا مُعَارِضا يَقْلِبُ الطّاوِلَةَ على من يُحَاورُه. فَسُبْحَانَ الّله!!
ولا تعجبنَّ أيضا، إذا مَا وَقَفْتَ مُدَافِعا عَنْ ضَعْفِ تَعليل رفضنا إحْدَاث مجلس الدولة ببلادنا، والسرعة القياسية التي عرفها إنجاز القانونين التنظيميين للقضاة والسّلطة القضائية، والدَّورِ الباهِت الذّي شاب موقف المجلس الدستوري، وعدم الإِحاطة تماما بصُلْب الإخفاقات التي كانت تحيط بالقوانين المعدلة، وسيادة مبدأ الانتقائية في العنصر البشري الذي أعدّ المشاريع دُون أن نقصد بكلامنا زيدا أو عمرا من الناس، فيُنْكِرُ عليك المتهافتون انتقادك للأشخاص باعتبار أنهم هم تلك المؤسسات قيَاسا على النّبي “لاَ” الذي أتى بعد الرسول الكريم!!
مازالت أوْبِئة مُعْدِيَة كَالمُحاباة والتَمَلّق والوُصُولِية والانتهازية وربحِ الوَقْتِ، والتَشبث بالمِظَلات، مُسْتَشرية في وَسَطِنَا القضائي، ومازالت الخِشية وَالخوف والتّحفظ غَيْرِ المُبَرَّرِ يَتحكَّمُ فِي مواقفِنا، فلا تَسْتغْرِبن إذَا مَا لاحظْتَ مُتَدخّلاً فِي مُنَاظَرَة مَا يلْتفت ذات اليمين وذات الشمال ويبْتَسِمُ للصّفوفِ الأَماميةِ كي يَسْتَدر الرِّضى والعطف ويواصل غزواته!!
عندما قُلت إننّا بكل تأْكيد لَنْ نكونَ حاضرين بعد أربعة عُقود متفق عليها عُرفاً لانطلاق أي حملة لإعادة صياغة هذه القوانين التي سوف تدخل إلى حيّز التطبيق معيبة المعنى، ركيكة اللفظ، فسوف نكون انتقلنا إلى عفو الله عز وجل، فإنّنا لا نسعى سوى إلى التأكيد على عَدَمِ تضييع فُرصَة ذَهبيَّة سانحة لصناعة قانون مَتين لا يَضَعُ المبادئ والثوابت والأسس التي قَرَأناهَا في السنة الأولى من كلية الحقوق في مادة التنظيم القضائي كمسلمات جانبا، لم أكن مبالغا أو أرسل الكلام على عواهنه.
استعجل المجلس الدستوري مُهمته في مراقبة مدى دستورية القانونين التنظيميين للقضاة والسلطة القضائية، فإذا كانت قراراته غير قابلة للطعن، فكيف نلغيها وفيها عيب قانوني واضح منشأه هذه العجلة: أنَّ المجلس الدستوري محكمة دستورية ينطبق على أعْضَائه ما ينطبق على القضاة بخصوص التجريح والمخاصمة والتّحفظ، فهو هيئة قضائية مستقلة تخضع لمبدأ الحياد والتجرد، فكيف نُفسِّرُ أن يكون من بين مُصدري القرارين المتعلقين بمشروع قانون السلطة القضائية والقضاة عضوا أو عضوين كَانَا في اللجنة العُلْيَا التي عَيَّنَها الملك لإعداد ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وهي الجهة التي زَكَّتْ القانونين قبل عَرْضِهِمَا على المجلس الدستوري؟ وكيف نُعِيدُ النظر إذن، بشأن هذا الَعيب الواضح؟!
إذا كان من حسنات هذا اللقاء الذي أشرف عليه زميلنا الأستاذ الفاضل “عبدالرحمان الشرقاوي” أنه دق ناقوس الخطر كي لاَ نَتَسَرَّعَ ثانية في إعداد قوانين لاحقة أخرى، فمن أهم ما نتج عنه هو أنّ البعض منا لازال يضيع وقته في المَدْح الأجوف، وفي استبدال القبعات على ذات الجمجمة التي لا تجد حرجا في نسبة الأشخاص الذهنية إليها كما نسب مُدّعي النبوة إلى نفسه اسم “لا” النبي الذي أَتى بعد الصادق الأمين !!
سبحان الله!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لاَ لاَ



GMT 04:53 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

غَنِّي لِي شْوَيَّ وْخُذْ عينيَّ!

GMT 04:46 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

السَّمَاوِي!

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

شُفْتِنِي وَأَنَا مَيِّت!

GMT 05:01 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

القاضي الشرفي!

GMT 04:55 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

لاَلَّة بِيضَة!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 12:59 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

الكمامة القماش لا تحمي من عدوى "كورونا" تعرف على السبب

GMT 10:41 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

صور لمقبرة "توت عنخ آمون" تعرض بالألوان للمرة الأولى

GMT 06:04 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

شاب مريض نفسي ينتحر بطريقة مروعة في الدار البيضاء

GMT 01:44 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

دشني مراد قصة نجاح بعد بماضٍ أليم

GMT 23:52 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعلامية بوسي شلبي تؤكد تعاطفها مع الشيخ صالح عبد الله كامل

GMT 21:24 2014 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

محار ملزمي بالثوم

GMT 09:27 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

العاهل المغربي يلغي لقاء وزير الخارجية الأميركي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya