لاَلَّة بِيضَة

لاَلَّة بِيضَة!

المغرب اليوم -

لاَلَّة بِيضَة

بقلم : رشيد مشقاقة

صاحب الدكان في القرية يبيع المواد الغذائية، ويشهد في المحكمة، ويذبح أكباش الجيرة في عيد الأضحى، ويؤذن في الناس، ويخبر الدرك والمقدم والشيخ بالمستجدات، ويحرر الخطابات، ويشارك في الحملات الانتخابية، ويجمع المعونات، كل هذه الأعمال يُباشرها رَغْمَ تنافرها في الوقت نفسه!

وقد اقتدينا به في مناحي سلوكنا، فبدت الأحداث رَغْمَ تنافرها وتناقضها طبيعية لا شذوذ بها، بل وتبدو جذابة طريفة تُسر الناظرين، وهي تذكرنا بزمن الطفولة عندما كنا نضع قطرات المداد بورقة بيضاء ثم نطويها، فنحصل على رسم مبهم جميل يصلح صورة تُعلق على الحائط، ولم تسلم الوقائع عندنا مهما تباينت مواضيعها من هذه الخلطة العجيبة الغريبة التي تعلن عن نفسها في السياسة والثقافة والاقتصاد وهلم جرا!

وقد سألني سائل لَمَّا شاهد مناظر الخلاعة والتفاهة والمجون على إحدى قنواتنا عن اسم الوزير المكلف بالقطاع، واستغرب لَمَّا عرف توجهه، لكنه اقتنع لَمَّا أجبته بأنه فقط وزير، وليس ضروريا أن يكون وزيراً في موضوع محدد، وليس هو وحده من على هذه الحالة بين شخصه وتكوينه ومبادئ فريقه وما يعمل فيه، بَوْن شَاسِع!

أمَّا الذي ترجم السياسة الاحتكارية لعدة مهام بدون دراية في يد واحدة، هو ذلك الفنان المراكشي الذي سألته مذيعة التلفزيون قائلة:

ـ كيف تستطيع الجمع بين الإنتاج والتمثيل والإخراج والجزارة وبيع الحوامض، فقال لها ضاحكا:

ـ “وإذا صْدْقَاتْ” كل شيء بالرزق والميمون، ولعل هذا هو سر تراجع الفن في بلادنا في مختلف أنماطه، فالمقاولون وأصحاب المحافظ والمهنيون والموظفون يجمعون بين عملهم الأساسي ويدخلون المشهد الثقافي بأحذيتهم الثقيلة بين المكونات غير المتناسقة في المشاهد التي نراها، وبين استقلال الشخص ذاته بعدة وظائف ومأموريات لا يفهم فيها شيء. هذه “الشَخْبَطَة” تجعل النجار إسكافيا، والفلاح بحارا، والأخرس والأبكم ناطقين سامعين، ولا نجد مع الاعتياد والديمومة أي فرق أو استنكار في ما نراه!

ولم يخطئ الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب عندما علَّق على جوقة من الطبالين والزمارين وحملة الدفوف والراقصين المرددين بمختلف اللهجات، قائلا: هذه فوضى منظمة!

ـ أنظر جيدا إلى السماء، ترى السحب تأخذ أشكالا متعددة ومختلفة، إذ يُخَيَّلُ لك أنها رَسْم جَمِيل، وما هو سوى ضباب تُجمع بذلك بالشكل العجيب، ولم ينظمه أحد!

ليس في ما نحدثه من فوضى في الأشخاص والمؤسسات بذرة خلاقة، بل هي تذكرنا بفقيه الجامع في زمن الطفولة عندما كان يلزم كل واحد منا أن يأتي بدزينة من البيض ليصنع لنا من خليطها، وكذا بعض المواد الأخرى رسما على لوحة خشبية نسميها “لاَلَّة بِيضَة”، لذلك فكلما شاهدنا  “شَخْبَطَة” أو “لَخْبَطَة” في حدث أو شخص ما، وافتقدنا فيهما بوصلة الفهم السليم أو الذوق الرفيع، قلنا ضاحكين هذه “لاَلَّة بَيْضَة”!

وبالتأكيد، فإننا نعيش زمنها ونحن كباراً في ما نراه ونسمعه ونتحدث به!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لاَلَّة بِيضَة لاَلَّة بِيضَة



GMT 04:53 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

غَنِّي لِي شْوَيَّ وْخُذْ عينيَّ!

GMT 04:46 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

السَّمَاوِي!

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

شُفْتِنِي وَأَنَا مَيِّت!

GMT 05:01 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

القاضي الشرفي!

GMT 05:42 2017 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

الصَّرْدي مفخرة وطنية!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 12:31 2019 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

4 أكواب من القهوة يوميا تحد من زيادة الوزن

GMT 22:15 2016 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد مصارعة المحترفين "wwe" ينفي وفاة النجم بيغ شو

GMT 06:58 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

إيلي صعب يقدم مجموعته الجديدة من الفساتين لشتاء 2017

GMT 19:08 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

نادين الراسي تفجر مفاجأة صادمة عبر "توتير"

GMT 22:37 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

عمرو أديب يكشف عن موعد إذاعة حوار صلاح

GMT 12:04 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

المغرب يطلق أول كبسولة إلى الفضاء

GMT 20:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة تهيئة مرافق نادي التنس في وجدة

GMT 17:26 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مارين سيليتش يبلغ ربع نهائي بطولة أستراليا المفتوحة

GMT 09:28 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

استطلاع يعلن أنّه يُنظر إلى ميلانيا ترامب بشكل إيجابي

GMT 04:32 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

شابة في أستراليا تشعل التواصل الاجتماعي بصور عن المأكولات

GMT 11:31 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الاسباني فيليبي السادس يستعد لزيارة المملكة المغربية

GMT 20:45 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

كالديرون "يذبح" الزمالك ونيبوشا يقترب مِن الرحيل

GMT 05:59 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الخميس

GMT 07:22 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ريم بوشناق تُواصل "البيت الكبير" بعد سلسلة من التأجيلات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المدير العام للأمن الوطني يعفي أحد المسؤولين في طنجة

GMT 11:27 2013 الخميس ,13 حزيران / يونيو

إيمي أنيقة في فستان أسود وبني دون أكمام
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya