بنكيران يستعيد الميكروفون

بنكيران يستعيد الميكروفون

المغرب اليوم -

بنكيران يستعيد الميكروفون

بقلم ـ توفيق بو عشرين

كانوا يريدون أن يكرموه في حفل ختامي دلالة على إحالته على التقاعد السياسي، وإذا به يقفز أمامهم جميعا، ويعلن برنامجا جريئا للمستقبل عنوانه: استعادة كرامة المواطن المهدورة، والتحذير من مخاطر زواج السلطة بالمال، وانتقاد احتقار أصوات الناس في الانتخابات، والدعوة إلى التمسك بالمرجعية الأخلاقية للحزب.

هكذا بدا بنكيران يوم الأحد من على منصة مؤتمر شبيبة حزبه، حيث خطف الأضواء من الأمين العام الحالي، سعد الدين العثماني، الذي ظهر أمامه كرئيس حكومة دون طموح سياسي، وكرئيس حزب دون كاريزما ولا جرأة على قول ما يفكر فيه الناس.

بنكيران، الذي عزل من منصبه قبل 11 شهرا، بعث، في كلمته أمام الشباب، رسائل عدة إلى داخل الحزب وخارجه، وإلى كل مهتم بمستقبله السياسي، وبموقع حزب العدالة والتنمية في المشهد الحكومي والانتخابي، ومن هذه الرسائل التالي:

للدولة قال بنكيران إن حزب العدالة والتنمية حزب ملكي، لكنه ليس حزبا مخزنيا، وهذا معناه السياسي المباشر أن الحزب، ورغم ولائه للعرش وللجالس عليه، فهو يرى نفسه شريكا لا خادما، فاعلا لا أجيرا. وبمقتضى هذه العلاقة، فإن الحزب سيستمر في قول الحقيقة للملك، مهما كانت هذه الحقيقة مزعجة، وسيستمر في برنامجه الإصلاحي، مهما اختلف المنظور والأولويات بين الحزب والمؤسسة الملكية، وهذا ما يجعل للسياسة معنى وللحزب وظيفة، أما المخازنية، فموجودون في القصر وحوله، وليس هناك أسهل من إيجاد من يلعب دور «تامخزانيت».

الرسالة الثانية وضعها بنكيران في علبة رسائل صاحب شركة «أكوا»، وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات وتنمية العالم القروي، عزيز أخنوش، وإلى هذا الأخير كتب بنكيران بلغة واضحة، وبمداد يقرؤه الأمي قبل المتعلم، فقال: «زواج السلطة بالمال مهلك للدولة»، وضرب المثل بعمر بن الخطاب، الذي عمد إلى أخذ عدد من الجمال من ابنه عبد الله بن عمر، بمبرر أن الناس كانوا يفسحون لجمال ابنه في المأكل والمشرب، ويقولون: ‘‘أفسحوا لجمال ابن أمير المؤمنين’’، ولهذا وجب أخذ جزء من ثروة ابن أمير المؤمنين وردها إلى بيت مال المسلمين… بنكيران، وعوض أن يتحدث عن تضارب المصالح في سيرة أغنياء الحكومة والدولة، وعوض أن يتحدث عن قواعد المنافسة الغائبة اليوم، يعمد إلى مخاطبة عقول الناس بما يفهمونه من دينهم وتراثهم وتاريخهم، محذرا من استعمال السلطة في جني المال، والمس بالتنافسية، وحتى بأصول وقواعد الاقتصاد الرأسمالي… ولكي يسخر من أحلام أخنوش في الحصول على المرتبة الأولى في انتخابات 2021، قال بنكيران: «من هي الشوافة التي أخبرتك بهذا الأمر؟ ومن هي الجهة التي وعدتك بهذا الأمر؟». بنكيران يحاول أن يعيد ترتيب خصوم الحزب وخصوم العملية الديمقراطية المعطوبة في المغرب، ويحذر من الدور الذي أعطي لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يحاول العثماني والداودي أن يبيضا سيرته في الحكومة وخارجها. وكما فعل بنكيران مع حزب البام، حيث أعطبه من جهة علاقته بالسلطة، يحاول أن يعطب الأحرار من جهة ارتباطهم بالمال السياسي وبمخططات المطبخ الانتخابي الشهير.

ثالث رسالة وجهها بنكيران، الذي استعاد الميكروفون بعد استراحة دامت أشهرا، كانت لقيادة الحزب الحالية، والتي توجد في موقع لا تحسد عليه منذ قبلت أغلبية حكومية مفروضة من الأعلى، وقبلت دخول الاتحاد الاشتراكي تحت جناح التجمع الوطني للأحرار للحكومة، بعدما عاقبه الناخبون، وقبلت توزيعا للحقائب الوزارية لا علاقة له بنتائج اقتراع السابع من أكتوبر، ثم انتهت هذه القيادة بخفض السقف السياسي للحكومة إلى مستوى أصبحت معه كل المكتسبات مهددة. بنكيران قال لإخوانه إنه لم يمت، وإنه لن ينسحب من المعركة، وإنه سيستمر في أداء دوره وقول كلمته، لكنه، في الوقت نفسه، لام القيادة الحالية للحزب على الخوف المبالغ فيه من الابتلاء، ورجوعها إلى لغة الخشب، وتراجعها في الانتخابات الجزئية، ولم ينته حتى حملها مسؤولية استعادة كرامة المواطنين كبرنامج مرحلي للمستقبل.

بين ثنايا جمل بنكيران لا يوجد، فقط، انتقاد الدولة والأحزاب وقيادة العدالة والتنمية، هناك أيضا شيء من النقد الذاتي أيضا، واعتراف بنكيران الضمني بفشل مشروعه الإصلاحي، وعدم قدرته على حماية أصوات الناس، لذلك، يشدد رئيس الحكومة السابق كل مرة على الاعتصام بالمرجعية الدينية للحزب، لأنها، في نظره، هي «العاصم» من الغرق في بحر السياسة الذي لا قرار ولا قواعد له… هذا معناه أن بنكيران يجر خصومه إلى حقل للصراع لا يعرفون كيف يكسبون معاركه، ولا كيف يديرون حروبه.. إنها استراتيجية جر الخصم إلى أرض لا يعرفها.

عندما انتهى بنكيران من خطابه ونزل من المنصة، انتصب سؤال كبير أمام مناضلي العدالة والتنمية، وهو: كيف سيسير الحزب بقيادة أمين عام هو العثماني وزعيم هو بنكيران؟ الأول لديه مفاتيح الحزب، والثاني لديه مفاتيح قلوب أعضاء الحزب.. الأول يحوز الشرعية التنظيمية، والثاني يحوز المشروعية الأخلاقية. لقد تحول بنكيران إلى ضمير للحزب يصعب تجاوزه في هذه الظروف، وكلما جرى إضعاف العثماني وحكومته، ازداد بنكيران قوة وتأثيرا في الحزب وخارجه. إنها طريقة أخرى للرد على ما جرى في 2017، من البلوكاج إلى حكومة أبريل. لسان حال بنكيران يردد اليوم المثل المغربي الشهير الذي يقول: «اللي عندو باب واحد الله يسدو عليه».

نقلا عن جريدة اليوم 24 المغربية .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنكيران يستعيد الميكروفون بنكيران يستعيد الميكروفون



GMT 06:19 2018 السبت ,23 حزيران / يونيو

سيناريو البحث عن سيناريو!

GMT 04:29 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

مقاطعة منتوجات مغربية تصل تركيا

GMT 08:19 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

لا تعبثوا مع المدرسة

GMT 07:56 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

العثماني يطرق الباب الخطأ

GMT 05:55 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

العثماني فقد أعصابه

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:30 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الوفاق تُعطل قرار فرض رسوم على مبيعات الدولار "مؤقتًا"

GMT 06:29 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

اليك طريقة عمل افضل كريم مقشر للجسم

GMT 12:58 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

جريمة قتل بشعة تثير ضجة في مدينة ورزازات

GMT 06:19 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

منافسة مهمة بين 16 جوادًا على كأس أحمد بن راشد

GMT 21:01 2014 السبت ,16 آب / أغسطس

الطباهج الليبي

GMT 14:00 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ليال عبود في طرابلس للمشاركة في معرض "الأعراس"

GMT 05:22 2017 السبت ,20 أيار / مايو

رسائل من "التنف"

GMT 04:06 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

"ترنتي ميرور" تأمل في شراء مجموعة صحف جديدة في انجلترا

GMT 23:38 2016 الخميس ,22 أيلول / سبتمبر

5 أسباب صحية للنوم عارية

GMT 07:22 2016 الخميس ,11 آب / أغسطس

سلاح الجو الأميركي ينقصه 700 طيار حربي

GMT 19:28 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

برج التنين.. قوي وحازم يجيد تأسيس المشاريع

GMT 06:53 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيرفي رونار "الثعلب" الذي أعاد للأسود شراستها

GMT 22:46 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

ثلاث شرطيات مغربيات يتعرضن للتحرش الجنسي

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

تعرف على أسعار ومميزات هاتف "آيفون X " من آبل

GMT 03:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

النجمة ريهام حجاج حبيبة عمرو سعد في "وضع أمني"

GMT 02:13 2017 الثلاثاء ,26 أيلول / سبتمبر

غطاء "أيفون 8" الزجاجي صعب الإصلاح حال تحطّمه

GMT 03:28 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض لوحات مرعبة للفنّان إنسور في معرض الأكاديمية الملكية

GMT 03:18 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

أسماء الخمليشي تنشر صورة تعبر فيها عن رياضتها المفضلة

GMT 09:28 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن وبكين توقعان عقودًا تجارية بقيمة 253.4 مليار دولار
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya