آفة حارتناالفشخرة

آفة حارتنا..الفشخرة!

المغرب اليوم -

آفة حارتناالفشخرة

بقلم الكاتب الصحفي / محمد رفعت

أعرف زميلًا اضطر للاستدانة من "طوب الأرض"، وقبل أن يحصل على أموال بالربا، حتى يقيم حفل زفافه في فندق خمس نجوم، ويدعو رئيسه في العمل، وقيادات المؤسسة لحضور الحفل، ويتباهى أمامهم وأمام أهل العروس بقاعة الفرح ونوع الكوشة وعدد أدوار "تورتة" الزفاف، وبعد انتهاء الحفل ظل يقتطع من راتبه أكثر من النصف كل شهر، حتى يسدد ما عليه من قروض بسبب إدمانه للتفاخر والتظاهر أمام الأهل والأصدقاء والمعارف والجيران.

واذكر زميلًا آخر من أيام الجامعة كان يسكن في حي شعبي قريب من حي آخر راقٍ، وظل يكذب ويدعى أنه يعيش في حي الأثرياء، حتى انكشف أمره على طريقة فيلم "أنا لا أكذب ولكني أتجمل" للنجم الأسمر الراحل أحمد زكي، وكان موقفه مخزيًا وتركته الفتاة التي يحبها، لا لأنه يسكن في حي شعبي عشوائي، ولكن لأنه كذب عليها وعلى الجميع!.

وأسمع من زميل آخر الآن كل يوم حكاية مختلفة عن أسباب كراهيته لنظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ورجال ثورة يوليو الذي صادروا أراضي جده الباشا!.. وعن والده المرحوم الذي يقول لي مرة، إنه كان "حكمدار" في الشرطة ومدير أمن، وينسى أنه قال لي ذلك، ويحكي مرة أخرى عنه باعتبار أنه كان جنرالًا في الجيش، وحارب في النكسة وفي النصر، ثم يتحول بعدها بفترة غير طويلة إلى قاضٍ ورئيس محكمة.. أما أحدث أكاذيبه لي فهى أن زوجته أميركية، وأنه يتحدث معها الإنجليزية، وقد نسى بالطبع أنني سبق أن التقيت به مع زوجته بالصدفة في أحد "المولات"، وكان مظهرها يدل على أنها عادية جداً، بل وبصراحة "بيئة طحن"!.. ولكن حب "الفشخرة" وادعاء الانتساب إلى الباشوات القدامى والجدد وعلية القوم وأصحاب النفوذ وعقدة الخواجة والإحساس بالدونية ومركبات النقص، كلها أسباب وراء أكاذيب هذا الزميل وغيره ومثله كثيرون.

والحقيقة أن هذه النزعة المتأصلة في معظم المصريين هي السبب في كثير من المشكلات التي نعاني منها والمصائب التي تحدث لنا، بل تكاد تكون السبب الحقيقي في خراب البيوت.. وعنوسة البنات وإحجام الشباب عن الزواج، بل والسبب في كثير من جرائم الرشوة والسرقة والاختلاس، لأن محاولات البعض للظهور بمظهر لا يتفق مع دخولهم الحقيقية، وسعي البعض الآخر للتشبه بزملائهم أو جيرانهم أو أقاربهم، حتى لا يبدو أنهم أقل منهم في الشأن أو المكانة، وهذا ما يدفع البعض إلى الكذب في بعض الأحيان، لتعويض الفارق المادي والاجتماعي ولو بالكلام، ويدفع آخرين إلى الرشوة أو الحصول على المال بأي طريقة، حتى ولو كانت غير مشروعة، حتى لا يراهم الناس في وضع أقل من أقرانهم.

وقال لي مصرى مغترب في إحدى دول الخليج منذ سنوات طويلة، وفتح الله عليه كثيرًا، بعد أن كان فقيرًا، إنه لا يشعر بقيمة البدلة الآلية التي يرتديها، أو السيارة الفارة التي يقودها، أو أي شىء يملكه أو يشتريه أو يرتديه، إلا وهو في مصر، حيث يرى انعكاس صورة هذه الأشياء في عيون من يعرفهم، ويتحقق بنفسه من نظرات الإعجاب أو الحسد.. وبدون ذلك لا يشعر بأنه قد حقق شيئاً.. بالله عليكم.. ألا يحتاج الكثيرون منا إلى الذهاب وفورًا إلى أقرب طبيب نفسي؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آفة حارتناالفشخرة آفة حارتناالفشخرة



GMT 09:22 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

"أديب ذو سجون " للكاتب المغربي عبده حقي

GMT 04:13 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تدريس مادة التربية الإسلامية والمسيحية بالأمازيغية

GMT 12:20 2019 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

فتاة القطار

GMT 17:55 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

عالم الأمومة المفخخ

GMT 12:05 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

أجيال

GMT 19:07 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هذا ما أراده سلطان

GMT 14:38 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الحُرّيّة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 03:19 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

استقرار أسعار الذهب في الأسواق العالمية السبت

GMT 05:32 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"الاكسسوار الشفاف" أحدث موضة في 2018
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya