الرئيسية » بأقلامهم
الثأر الشرعى

القاهرة_ المغرب اليوم

 

من أصعب المشاعر التى تواجه الإنسان فى حياته هى الاضطهاد، فهذا الشعور إذا تَوَلَّدَ بداخل إنسان ونال منه، يجعله يرفض كل من حوله، لاسيما لو شعر بعجزه عن استرداد حقوقه، والاقتصاص لنفسه، فيظل هذا الشعور راسخًا فى وجدانه، ومُتعمقًا داخل عقله الباطن، وللأسف، كلما كَبُرَ الإنسان فى السن، كلما ازداد هذا الشعور بداخله، لدرجة أنه يكون شديد الحساسية تجاه الآخرين، وربما يفهم الكثير من تصرفاتهم بصورة خاطئة، ويُترجم سُلوكياتهم، بما لا يتماشى مع أغراضهم الحقيقية؛ والسبب فى ذلك، هو أنه عندما تعرض للاضطهاد فى بداية حياته، لم يَثْأرْ لنفسه، أو حتى يعترض؛ بسبب ضعف موقفه حينذاك، ولكى نتجنب هذه المشاعر السلبية، ولا نجعلها تترسخ بداخلنا، علينا أن نُفرغ الطاقة السلبية فورًا؛ حتى لا تتراكم بداخلنا مع مرور الوقت، وتصبح جُزءً لا يتجزأ منا، ويمكن أن يحدث ذلك لو تعلمنا كيف نرد الإهانة بما لا ينال منا أو يُحْسَب علينا.ومن لا يعرف "نيلسون مانديلا"، الذى شغل منصب رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، منذ عام 1994 حتى 1999م، فحين كان يدرس الحُقوق فى الجامعة، كان أحد الأساتذة العنصريون، ويُدْعى "بيتر"، وقد كان أبيض البشرة، وكان يكره "مانديلا" بشدة، وفى أحد الأيام، كان الأستاذ "بيتر" يتناول الغذاء فى مطعم الجامعة، فاقترب من "نيلسون مانديلا" حاملاً طعامه، وجلس بجواره، فقال له الأستاذ "بيتر": "يبدو أنك لا تفهم يا سيد مانديلا أن الخنزير والطير لا يجلسون معًا ليتناولا الطعام"، فنظر إليه "مانديلا"، وقال بهدوء: "لا تقلق يا استاذ، فسأطير بعيدًا عنك"، ثم ذهب وجلس على طاولة أخرى، فلم يتحمل الأستاذ جواب "مانديلا"، فقرر الانتقام منه، وفى اليوم التالى، طرح الأستاذ "بيتر" فى المُحاضرة سؤلاً على "مانديلا"، قائلاً: "سيد مانديلا، إذا كنت تمشى فى الطريق، ووجدت صُندوقًا، وداخل هذا الصُّندوق كيسين، الكيس الأول فيه المال، والكيس الثانى فيه الحكمة، أى كيس تختار؟"، ومن دون تردد أجابه "مانديلا": "طبعًا، سأختار كيس المال"، ابتسم الأستاذ، وقال ساخرًا منه: "لو كنت مكانك لاخترت كيس الحكمة"، بكل بُرود، أجابه "مانديلا": "كل واحد يأخذ ما يحتاجه".
 وفى هذه الأثناء، كان الأستاذ "بيتر" يستشيط غضبًا وحقدًا، لدرجة أنه كتب على ورقة الامتحان الخاصة بـ"مانديلا" "غبي"، وأعطاها له، أخذ "مانديلا" ورقة الامتحان، وحاول الاحتفاظ بهدوئه، وبعد بضعة دقائق، وقف "مانديلا"، واتجه نحو الأستاذ، وقال له بنبرة مُهذبة: "أستاذ بيتر، لقد وَقعتْ الورقة، ولكنك لم تضع لى أى علامة"، فلا شك أن كل مُحاولات "مانديلا" فى الحصول على حقة، والثأر لنفسه فى ذات اللحظة، هى التى جعلته شخصية مُتوازنة، لدرجة أنه أصبح من أهم السياسيين الثوريين، حتى أصبح رئيس جنوب إفريقيا؛ وذلك لأنه لم يدع لمشاعر الاضطهاد أن تتراكم بداخله، وتسلُبه ثقته فى نفسه وفى الآخرين، فكان دائمًا ما يُفرغ تلك الطاقة السلبية، بمجرد مُهاجمتها له، فإذا كانت فكرة الثأر فى حد ذاتها مرفوضة، ولكن فى بعض الأحيان، تكون هى الحل الأمثل، لاسيما لو كانت للحفاظ على الكرامة، ولو كانت بالأسلوب اللائق الذى لا يتسبب فى المزيد من الخسائر، فهذا حقًا هو الثأر الشرعى.

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

"سطر مسلح" رواية لـ محمود الشناوى تكشف دور الإعلام…
"إمبراطورية حمدان" رواية عبد الوهاب الأسوانى فى "روائع الأدب"
الروائى واسينى الأعرج يكتب" نجاة" نداء ملكوتى يأتى من…
عبث الكمان وكل أنواع الشعر
داليا مجدى عبد الغنى تكتب" الثأر الشرعى"

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة