تانغو طوكيو تسرد تحولات الحياة بين التقليد والحداثة
آخر تحديث GMT 08:40:10
المغرب اليوم -

"تانغو طوكيو" تسرد تحولات الحياة بين التقليد والحداثة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

دمشق - سانا

تحكي رواية (تانغو طوكيو) لليابانية ريكا يوكوموري عن (سايا) شابة يابانية تعيش في أسرة غير متوازنة حيث الأم تعمل وتجهد بينما الأب عاطل عن العمل رغما عنه الأمر الذي زاد من تسلطها عليه ما أدى في النهاية إلى هجره اسرته وبتحفيز مادي من أمها باشتراطها عليها أن تقبل في جامعة معروفة تنجح سايا في الدخول إلى كلية الآداب على نفقة الأم فتقوم هذه الشابة بمتابعة دراستها الأكاديمية لكنها وهي تعيش حياتها الجامعية وبسبب الاحساس بالفراغ الوجودي والعاطفي لم تستطع كبح جماحها في مجتمع اليابان المنفتح على ثقافة الغرب الاستهلاكية فتنجرف في اللهو والمتعة لدرجة أنها تعمل في عدة وظائف بدوام جزئي من أجل الإنفاق على التسلية واللهو في البارات والمراقص. وتتعرف سايا في إحدى تلك الوظائف على أرمل يعمل في عصابات الياكوزا اليابانية فتقع بحبه وتؤخذ بشخصيته المستهترة والصارمة لدرجة أنها تصبح رهن إصبعه وترتبط بهذا اللاهي المقامر المحتال وتنجرف مع هذا الحب بعماء رغم ما يتصف به هذا الرجل من صفات سيئة إلا أن طريقة تعامله مع النساء وخصوصا معها جعلتها تنسى كل ذلك السوء الذي فيه أو الذي سيعاملها به حين وجدها منقادة له لدرجة أنه يجعلها تعمل من أجل أن تدفع تكاليف معيشتهما لكنه بعد فترة من تضحيتها لأجله يجد فيها الملجأ الذي يجعله يأوي إليه لينسى حياة المقامرة واللهو والاحتيال فيحاول قدر المستطاع العمل من أجل تأمين رفاهيتها بالكسب غير المشروع طبعا. حياة الاحتيال واللعب في البورصة لرجل الياكوزا أكسبته المال الوفير ما جعلها تعيش حياة فارهة فارغة لا معنى لها بعدما كانت مليئة بالجهد والعمل فتجد نفسها ضائعة بلا هدف لحياتها فصحيح أنه أمن لها حياة عاطفية ومستوى جيد من الرفاهية إلا أنها تصحو على لا معنى وجودها في ذاك الخواء المترف فتبحث عن عمل يسد فراغ حياتها وتحصل عليه في دار للفنون التشكيلية وتحتك بتلك الطبقة المثقفة التي تعمل فيها وترتادها ما يجعل أحاسيسها وأفكارها تتأثر بجو هذه الطبقة فتتحول شيئا فشيئا عن القناعة بالحياة التي عاشتها مع زوجها الذي تكتشف بأنه رغم حبه لها أنه يخونها فتعيش في صراع داخلي مع نفسها وخارجي مع رجلها التي تخبو عاطفتها اتجاهه خصوصا بعدما تعرفت على سمسار للوحات التشكيلية يعمل في نفس صالة الفنون. هنا تبدأ العلاقة مع زوجها بالتشقق والانهيار حين تستيقظ على ذاتها التي كانت تهملها لحساب حبيبها وزوجها الذي كان قد بدأ يشعر بأهميتها في حياته فيحاول استعادة الود القديم لكنها لم تعد تستطيع الاستمرار في نكران الذات فتتجرأ وتنفصل عنه رغم خوفها من أن يؤذيها وتستقل بنفسها حتى علاقتها الجديدة تفشل إلا أنها تستطيع الخروج من اليابان والبدء بدراسة تصميم الأزياء المجال الذي كانت تتمنى العمل فيه. لا تبدو رواية يوكوموري أبسط من قصة بسيطة يمكن تلفزتها وتحويلها إلى مسلسل سيجد جمهوره بسهولة إلا أن التفكير فيها يكشف عن طبيعة مجتمع اليابان في فترة الثمانينيات فترة الفورة الاقتصادية حيث البذخ والاستهلاك إضافة إلى نمو ما ينمو من مافيات في المجتمع الرأسمالي التي تستغل تهاون السلطات وربما تعاون بعض أفرادها في اللعب التجاري من خلال نظام (دعه يعمل دعه يمر) والمقصود هنا الرأسمال كما تكشف عن طبيعة العلاقات الاجتماعية القائمة على التمثيل والرياء في مجتمع تحركه المصالح والشكليات حتى في العلاقات الإنسانية بل والأسرية التي تتحول فيه هذا العلاقات إلى بورصة مشاعر تقوم أسسها على الربح والخسارة. إلا أنه في نهاية الرواية يتبدى ملمح إنساني ذو طبيعة غرائزية يتمثل في الأمومة التي انتصرت في الأم حين تعي ما كان يجب عليها تجاه ابنتها والتي شعرت واعترفت للابنة بمسؤوليتها تجاه ما وصلت إليه من ضياع فتقوم بمساعدتها بتقديم العون لها فتدفع لزوجها الفار والمطلوب الذي هددها بالقتل إن لم تعطه مليون ين كتعويض على ما قدمه لها أثناء زواجهما وحين قدمت لها مالا من ما ادخرته من عملها من أجل دراستها تصميم الأزياء بعدما تخلى عنها خوفا من رجلها المافيوي صديقها. لكن الأهم من ذلك هي التجربة التي عاشتها سايا خلال أربع سنين مليئة بالكثير من المشاعر والأفكار والتجارب التي صقلتها وأنضجتها فصحت بعدها على امرأة ناضجة تعرف ما تريد ومن هنا من آخر الرواية ستبدأ حياة جديدة بدا من منطق راويتها بأنها أصبحت متوازنة وقابلة للتحكم في لحظاتها. فنيا كان السرد حكيا مسلسلا من الماضي إلى الحاضر ليس فيه أي تنويع تقني في البناء تنفك عقدة الرواية عندما تصحو البطلة على ذاتها وتعود إلى رشدها التي كانت صاحبة البطولة المطلقة في الرواية التي تتحدث بضمير المتكلم عن تجربتها الشخصية في فترة معينة قصيرة إضافة إلى خلوها من أي مضامين فكرية سياسية حتى الطرح الاجتماعي كان فرديا محصورا بتجارب البطلة فبدا الهم العام عابرا وكل هذا جعل القراءة سلسة ومريحة. يذكر أن الرواية من ترجمة شارل شهوان وهي الاصدار الخامس لدار الكلمة من سلسلة الروايات اليابانية. 

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تانغو طوكيو تسرد تحولات الحياة بين التقليد والحداثة تانغو طوكيو تسرد تحولات الحياة بين التقليد والحداثة



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 19:03 2015 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيروز تحتفل بعيد ميلاد الثمانين السبت

GMT 19:51 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لكل ربة منزل لا تضعي هذه الأطعمة في الثلاجة

GMT 23:56 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

200 شاحنة عسكرية أميركية لتدعيم الجيش المغربي

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 02:16 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

بريجيت ماكرون تظهر في حجاب حريري في الإمارات
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya