زبائن للأكفان

زبائن للأكفان!

المغرب اليوم -

زبائن للأكفان

علي الرز

تبدو المعركة الحقيقيّة للتنظيمات والأحزاب الإسلامية المتطرّفة ضدّ المسلمين أنفسهم، فهي تلاحق المسلمين والعرب في الدول التي يعملون ويتعلّمون فيها ويسترزقون منها ويساعدون الآخرين في بلادهم الأصلية، من أجل ايجاد مناخاتٍ عدائية تؤدّي الى طرْدهم وبالتالي زيادة مساحات البؤس فتوسيع الحاضنات المتطرّفة لها ... بعدما انكمشت الحاضنات الموجودة من جهة وتوسّعت مشاريع التنظيمات والأحزاب من جهة ثانية.

أن تَقتل بلجيكياً او فرنسياً او ألمانياً او أميركياً، أن تفجّر منشآت او طائرات او باصات او قطارات، فأنتَ تقتل عشرات ومئات المسلمين ايضاً، وتهدّد وجودهم الآمن في بيئات آمنة عادلة معتدلة، وتضع مصائر عشرات آلاف اللاجئين أمام المجهول وبعضهم يفضّل الموت نزفاً عند شريطٍ حدودي شائك على التراجع. سيعود الكثيرون الى بلادهم في طائراتِ الترحيل على أجنحة اليأس والبؤس. سيعودون مزنَّرين بأحزمةِ الحقد والحزن، بعضهم سيعتبر نفسه ضحية مَن يدّعون الإسلام. وبعضهم، للأسف الشديد، قد توصِله الجدران العازلة المنتصبة في كل شوارعنا الى محاولات تفجيرها لعجزه عن القفز فوقها... وكثيرون سيتيهون في عالمٍ جديد يبدو ان بُناه التحتية تتحضّر لتحويله الى مجمّعٍ تجاري عابرٍ للقارات يُمارِس فيه الغرب والشرق هواية البيع والشراء حسب المواسم والعروض والطلبات.  

لم يعد الحديث عن الإسلام وبراءته مما يحصل سوى ترف لا علاقة له بجوهر الأعمال الإجرامية التي تحصل. هذا أمرٌ خارج تماماً عن الموضوع والنص، حتى "الداعشي" الذي فجّر نفسه لم يعد يدّعي انه يدافع عن الدين كما كان يفعل سابقاً. اليوم هو ينتقم لاعتقال رفاقٍ له. تماماً كما بدأ "حزب الله" يبرّر تَدخُّله في سورية بحجّة الدين والدفاع عن مقدّسات ومراقد، فإذا به ينتهي بالتصريح العلني انه كان يدافع عن بشار الأسد ضدّ الثورة وان مئات الضحايا الشبان في صفوفه إنما سقطوا كي لا يَسقط النظام السوري.

والتطرّف تتقاطع خيوطه ولا تتقطّع، تلتقي أطرافه في المضمون والنتيجة مهما اختلفتْ في الشكل. فعندما يحتلّ "حزب الله" الحكومة اللبنانية ويضرب في سورية والعراق واليمن والبحرين وتنتشر خلاياه في مختلف الأماكن، فإنما هو في العمق يضرب ايضاً الانتشار اللبناني الذي يعمل في بيئاتٍ آمنة مستقرّة ويساهم بدعم بلده اجتماعياً واقتصادياً. حزبٌ ذهب بعيداً جداً في تكريس نفسه أداةً لسياسة إيران الإقليمية من دون حتى ان يراعي الحدّ الأدنى من مصلحة بلده وأبناء بلده بل وأبناء الطائفة الشيعية تحديداً. ففي حين تراعي إيران في خطابها الرسمي المعلَن بعض المبادىء الديبلوماسية واللياقات مع المحيط والعالم، نرى الحزب يحمل شعار الموت المتنقّل وكأنه استلم بالباطن مناقصة القضاء على كل أشكال الوحدة والاستقرار وعلاقات لبنان الطبيعية مع محيطه، او كأن الأُسَر اللبنانية أعطتْه تفويضاً شاملاً بأخذ أبنائها الى الموت مرّةً في الجنوب وأخرى في سورية وثالثة في العراق ورابعة في البوسنة وخامسة في الأرجنتين وسادسة ... وسابعة ... وثامنة!

ما حصل ويحصل في أوروبا على يد "الدواعش" و"القاعدة"، وما يفعله "حزب الله" اقليمياً وعربياً يشي بأن المعركة الكبرى لهذا النهج المتطرف هي ضدّ المسلمين والعرب بشكلٍ أساسي بهدف "تحريرهم" من عقولهم واعتدالهم واستقرارهم وسلامهم وتعليمهم وأعمالهم وحقوقهم، ومن ثم استدراجهم الى بلاد النار حيث الميدان ملتهبٌ والأكفان الموجودة والمعروضة أكثر من الضحايا التي تَسقط، والمصنع الذي يخيط الأكفان للمتطرّفين من كل المذاهب انفرج مالياً ورُفعت عنه العقوبات وجاهزٌ لتصدير منتجاتٍ أفضل بأقمشة مزركشة بمختلف الشعارات الشيعية والسنية حسب الطلب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زبائن للأكفان زبائن للأكفان



GMT 07:42 2018 الأربعاء ,28 آذار/ مارس

منصّة صواريخ ... لا دولة!

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 14:35 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

... والثاني أيضاً قضى شهيداً!

GMT 14:18 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

دُعاة بريطانيا... وقَدَم صلاح!

GMT 05:26 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

بين عهد التميمي وحمزة الخطيب

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya