ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي

ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي

المغرب اليوم -

ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي

بقلم : عريب الرنتاوي

أصدرت المحاكم المصرية أحكام إعدامٍ بالجملة بحق 75 من قادة وكوادر جماعة الإخوان المسلمين المحظورة من بينهم قادة معروفون مثل عصام العريان وصفوت حجازي ومحمد بلتاجي ووجدي غنيم، تزامناً مع أحكام بالإعدام على المحسوبين أو المقربين من الجماعة ذاتها في دول عربية أخرى، وقد أثارت الأحكام  انقساماً وردود فعل متفاوتة في أوساط المراقبين والنشطاء ووسائط التواصل الاجتماعي ... ما يعيد الجدل من جديد حول الكيفية التي تتعامل بها الحكومات والأنظمة العربية مع الجماعة الأعرض والأكبر في المنطقة.
في توصيف المواقف الرسمية من الجماعة، تتوزع الحكومات والأنظمة العربية على مقاربات ثلاث:
الأولى؛ وتمثلها دول (تتزايد عدداً) لجأت إلى تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية محظورة، يحكم على منتسبيها ونشطائها، بأحكام مغلظة، تصل حد الإعدام ... هذه المجموعة من الدول تضم كل من سوريا ومصر وغيرها من دول عربية.
الثانية؛ وتمثلها كل من تونس والمغرب، وبدرجة ما العراق ولبنان والسودان، وتميل إلى إدماج الجماعة في العمليات السياسية الجارية في دولها، من البرلمان إلى الحكومة ... باعتبارها ركناً من أركان العملية السياسية وجزءاً من النسيج الاجتماعي لهذه الدول ومجتمعاتها.
الثالثة؛ وتضم كل من الأردن، وبدرجة ما «السلطة الفلسطينية» حيث يجري اعتماد «تكتيك مركب» في التعامل مع الجماعة، لا يصل إلى حد وصفها بالإرهاب، وتعتمد دول هذه المجموعة مزيجاً من الضغط على الجماعة مع إبقاء الباب مفتوحاً لمستويات أدنى من المشاركة المقيّدة والمضبوطة.
هذا التوصيف للمقاربات المختلفة، يرصد اللحظة الراهنة في العلاقة بين الجماعة والحكومات ذات الصلة، لكن ما تجدر الإشارة إليه، أن الدول المختلفة، اعتمدت مقاربات مختلفة، في أزمنة مختلفة ... وثمة ديناميكيات تدفع باستمرار لإعادة تعريف العلاقة وتحديد ضوابطها وقيودها ومحدداتها ... الصورة متحركة وليست ساكنة.
دول المجموعة الأولى، الأشد عداءً للإخوان المسلمين، لم يمنعها عداؤها للجماعة، من التعامل معها في بعض الفروع والساحات ... مصر التي أطلقت أحكام إعدام بالجملة ضد قادة «إخوانها»، لا تكف عن استقبال قادة حماس في القاهرة للبحث معهم في المصالحة مع فتح والتهدئة مع إسرائيل.
موقع الإخوان في دول المجموعة الثانية متفاوت ... فهم قوى ضاربة وتحتل مكانة متقدمة في الانتخابات النيابية في كل من تونس والمغرب، بيد أنهم لا يحظون بالشعبية ذاتها في لبنان والعراق، وهم وإن ظلوا خارج مواقع التأثير في عملية صنع السياسة والقرار في هذه الدول، فذاك عائد لكونهم أحزاب أقلية، بل وأقلية ضئيلة، وتتضح هذه الصورة في لبنان أكثر من العراق.
أما دول المجموعة الثالثة، فتختلف ظروفها تماماً، حماس حازت على أغلبية ساحقة في انتخابات 2006، ليس بمقدور الإخوان في الأردن الحصول على مثلها ... وفي حين أدى استلام حماس للسلطة في قطاع غزة، إلى تكريس الانقسام الفلسطيني الأخطر في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، فإن إخوان الأردن، يواجهون مسلسلاً متعدد الحلقات، من الانقسامات الداخلية التي أفضت وتفضي إلى تآكل في مكانتهم الشعبية.
تجربة الإسلاميين (عموم الإسلاميين وليس الإخوان وحدهم) في الحكم، تكشفت عن حقيقتين اثنتين: الأولى؛ أن سد كافة السبل في وجه الإسلاميين والإخوان بخاصة، هو أقصر طريق لانعدام الأمن والاستقرار، وليس العكس، وفي ظني أن «من الإرهاب وسم الجماعة بالإرهاب»، مع كل التحفظ على جوانب رئيسة من خطابها وممارساتها .... والثانية؛ أن الإسلاميين إن تركوا وحدهم في الساحة والميدان، ومن دون وجود قوى موضوعية، معادلة لهم في الأوزان والأحجام، يجنحون حكماً للاستئثار والهيمنة و»التمكين»، بل وقد يرتدون على كل ما هو «مدني» و»ديمقراطي – تعددي» في خطابهم، ليعودوا إلى خطاب الجماعة الأصلي، وثلاثية «الجماعة/ الأمة / الخلافة».
هي معادلة معقدة بعض الشيء، لكن الإقصاء والاستئصال، ليس خياراً أبداً، وهو وإن كان أسهل الطرق على المدى الفوري والمباشر، إلا أنه أعقدها وأطولها وأكثرها كلفة، على المديين المتوسط والطويل، فهل نستفيد من تجاربنا وتجارب غيرنا المتراكمة على هذا الصعيد؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya