الصورة كما جاءت من رام الله والقدس

الصورة كما جاءت من رام الله والقدس

المغرب اليوم -

الصورة كما جاءت من رام الله والقدس

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

لم تشهد إسرائيل منذ قيامها قبل 72 سنة، حدثاً سياسياً مماثلاً لذاك الذي تشهده هذه الأيام، حيث يحتشد زعماء أكثر من خمسين دولة، بينها دول كبرى، لتخليد الذكرى الـ75 للمحرقة (الهولوكوست)، وفي القدس المحتلة التي اعترفت بها واشنطن عاصمة لإسرائيل ونقلت سفارتها من تل أبيب إليها... قلة من المشاركين في هذا المحفل فكروا «المرور» برام الله حتى لمجرد إلقاء التحية على رئيس سلطة «محتضرة».

قد يرى البعض أننا أمام «حركة انتخابية» يقدم عليها نتنياهو «الملاحق قانونياً» باتهامات مخلة بالشرف والأمانة لتعزيز مكانته الانتخابية، وهذا صحيح ... بيد أن الصحيح كذلك، أن الحدث في مضمونه وسياقاته، مكّن نتنياهو من إطلاق «صيحات النصر الاستراتيجي»، ليس على خصومه ومنافسيه في انتخابات آذار المقبلة، بل وعلى «القومية العربية» و»الخمينية الإيرانية».
من يقارن الصور والمشاهد المبثوثة من القدس ورام الله، الأولى للاحتفالية الكبرى والثانية للقاء ماكرون – عباس، يدرك المآلات التي انتهت إليها «مئوية» كاملة من الصراع بين مشروعين: مشروع صهيوني، احتلالي، عنصري توسعي، والمشروع الوطني – التحرري الفلسطيني ... إنها لحظة انتصار المشروع الأول، وتآكل (حتى لا نقول هزيمة) المشروع الثاني.
إسرائيل في لحظة انتصار استراتيجي، هذا ما يتعين الاعتراف به إن نحن قررنا تحويل الهزيمة إلى نصر، والتحدي إلى فرصة ... أما الانشغال بادعاء انتصارات وهمية كما جرت عليه عادة أهل السلطة و»المقاومة» على حد سواء، فتلكم إما «حالة إنكار» وإما «عملية خداع» للرأي العام، هدفها الأول والأخير، تبرير بقاء القديم على قدمه، والاستمرار في تسويغ وتسويق قيادات وفصائل لفظها الدهر بعد أن أكل عليها وشرب.
تحظى إسرائيل بكل هذه «الحفاوة» والاحتضان» من قبل المراكز المؤثرة في المجتمع الدولي، في الوقت الذي بلغت فيه أفعالها الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، مبلغاً عظيماً وغير مسبوق ... تقضم الأرض والحقوق والمقدسات، فيما العالم يقف في الطابور لالتقاط الصور التذكارية ... تفرض حصارا وعقوبات جماعية على أهل غزة، وتأمر المقدسيين بهدم منازلهم بأنفسهم، والعالم يصفق للناجين من المحرقة... المحرقة التي قارفها أوروبيون (وليس الفلسطينيين أو العرب أو المسلمين)، المحرقة التي هي الابنة غير الشرعية للثقافة والسياسة وأنماط الإنتاج الغربية وليس العربية.
في المقابل بدا المشهد بالأمس من رام الله، كئيباً للغاية ... لولا زيارة ماكرون للمقاطعة، لما تذكر أحد السلطة، فالسلطة مشغولة بالشائعات حول مرض الرئيس والخلاف بين رام الله والخليل حول «سيداو» ... أما الجناح الثاني من السلطة، فيطوف رئيسه فيما تبقى من عواصم العالم المحبة للإخوان المسلمين وحماس، يوزع «قسائم العبور إلى الجنة»، فهذا شهيد القدس «ثلاثاً»، وذاك شهيد فلسطين وبطلها، في أبشع بازار «تهريج» يثير الكآبة بدل الضحك والابتسام.
انتهت المئوية الأولى من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في غير صالح الفلسطينيين استراتيجياً، بيد أن الفلسطينيين لم يفقدوا جميع مكتسباتهم ومنجزاتهم، وتضحيات أربعة أو خمسة أجيال منهم، لم تذهب سدى كلياً ... العبرة اليوم، تكمن في سؤال «المئوية الثانية»، كيف سيدخلها الفلسطينيون، ما هي أهدافهم وتطلعاتهم، وبأي أدوات سيواصلون كفاحهم من أجل استرداد حقوقهم ... لا شك لدي للحظة واحدة، أن شعب فلسطين المنكوب بأعدائه وقياداته سواء بسواء، يختزن من الطاقات والإبداعات، ما سيمكنه من إحداث الاستدارة في مسار تطور الأحداث، وفرض «الانقلاب النوعي» في المشهد، ومن يضحك أخيراً يضحك كثيراً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصورة كما جاءت من رام الله والقدس الصورة كما جاءت من رام الله والقدس



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 18:43 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

ديكارت ومحافظ البصرة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 10:45 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج السرطان

GMT 15:39 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:50 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

افتتاح معرض دسوق الخامس للكتاب الاحد المقبل

GMT 12:41 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

سكان بكين يهربون من سموم المناجم إلى الأماكن النظيفة

GMT 08:01 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

السلامي يكشف عن المجموعة التي ستشارك في "الشان 2018"

GMT 18:55 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتنافس بقوة مع هازارد على مكان في الريال

GMT 02:29 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

التوتر يتصاعد مجددًا بين إسرائيل وحماس بعد هدوء 3 سنوات

GMT 02:57 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الطفلة سارة سعدون تشارك محمد لطفي في فيلم " بيكيا "

GMT 11:01 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

المشمش يزيد الخصوبة عند الرجال والنساء

GMT 12:53 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحجاب الأسود يمنحك اطلالة مميزة وبمنتهى الاناقة

GMT 08:49 2014 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

الشاطيء الكبير في سكيكدة موقع أخاذ يجذب كل زائر

GMT 13:31 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بلجيكا تعتزم جعل بروكسل مدينة استثمارية في أوروبا
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya