زحمة وساطات ومبادرات

زحمة وساطات ومبادرات

المغرب اليوم -

زحمة وساطات ومبادرات

بقلم : عريب الرنتاوي

يكشف رئيس الوزراء الباكستاني عن طلب أمريكي – سعودي من بلاده للقيام بدور الوسيط مع إيران، لتخفيف حدة التوتر ومنع الانزلاق إلى مواجهة عسكرية ابتداءً، وعلى أمل تذليل العقبات أمام الحل السياسي للأزمة الخليجية في نهاية المطاف ... الوسيط الباكستاني رحب بالطلب، وشرع في العمل عليه.
حلبة الوساطات بين إيران وكل من الولايات المتحدة والسعودية تبدو مكتظة للغاية ... الوسيط العُماني يعمل بصمت وبعيداً عن الأضواء ... رئيس الوزراء العراقي يتنقل بين الرياض وطهران لتحقيق الغرض ذاته ... وقبله كان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يعرض وساطة بين واشنطن وطهران ... أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد تصدر مشهد الوساطات من دون منازع وبقليل من الإنجاز حتى الآن على أقل تقدير ... ولا ندري إن كانت هناك أطراف أخرى تتحرك على هذا المسار، بصمت ومن خلف ستار، أو أنها بصدد فعل ذلك.
وفيما العقوبات الأمريكية على إيران تتجاوز «أقصى الضغوط» إلى ما يشبه «الحصار الكامل»، فإن إيران المكتوية بنيرانها، تذهب في تصعيدها الميداني حداً يلامس «حافة الهاوية»، فتضرب في شرايين الملاحة الدولية، وتتطاول على منابع انتاج النفط ومصافي تكريره في قلب السعودية، بصرف النظر عمّا إذا كان الفاعل في واقعة آرامكو هي إيران ذاتها، أو أحد حلفائها وأذرعتها ... الطرفان يذهبان إلى أقصى درجات التصعيد، وكل منهما بطريقته الخاصة، ودائماً بهدف إنضاح تسوية سياسية أو رزمة شاملة بشروط مواتية.
أفرز هذا الاحتقان والاحتباس حراكاً سياسياً موازياً لعمليات التصعيد الميداني المتبادل ... الرئيس حسن روحاني يعرض مبادرة «نحو منظومة خليجية للأمن والتعاون»، يعطيها اسما مختصراً «الأمل» ... وقبله، يطلق حليفه عبد الملك الحوثي مبادرة لوقف الهجمات الصاروخية و»المسيّرة» على السعودية من جانب واحد ... فيما جواد ظريف يتحدث عن استعداد للقبول بفتح الاتفاق النووي لتعديلات محدودة نظير رفع العقوبات ... أما دونالد ترامب، فما زال يتنقل بين أعلى درجات التصعيد اللفظي في خطابه من جهة، وأعلى درجات المرونة، بل والإشادة بالأمة الإيرانية العظمية من جهة ثانية ... وحدها الأطراف العربية، لا تعرف ما الذي يتيعن عليها فعله، فلا هي قادرة على التقدم بمبادرات سلام أو التجاوب مع المبادرات المعروضة.
رهان ترامب وإدارته ما زال منعقداً على الأثر الذي سيحدثه تكتيك «أقصى العقوبات» على إيران، وثمة ما يشي بوجود قناعة لدى واشنطن بأن طهران سترضخ لخيار التفاوض في نهاية المطاف ... هذا الطريق، لا يبدو مثيراً لاهتمام بعض دول الخليج العربية، المملكة السعودية خصوصاً بعد واقعة آرامكو ... بيد أن بديلها سيكون حرباً مدمرة، لن تكون السعودية بمعزل عن شراراتها وشظاياها ... أما إيران فهي تراقب مفاعيل واقعة آرامكو، ولا شك أنها تعمل على مراجعة خطوتها التصعيدية التالية، بعد أن يتم احتواء ارتدادات الهجوم على ابقيق وخريص، فإيران لن تستسلم للعقوبات والحصار، وهي تفضل عليها خيار المواجهة العسكرية، إن تعذر الوصول إلى حلول وتسويات سياسية ... «الستاتيكو» ليس خياراً بالنسبة لطهران، إنه موت بطيء واختناق متدرج.
الزحام على طريق الوساطات بين الفريقين، لم يُحدث الاختراق المطلوب، بيد أنه لم يصل إلى طريق مسدود بعد ... ثمة «ثغرات» تم فتحها في جدران المواقف المتصلبة لكلا الطرفين ... مجرد قبول طهران التفاوض لإدخال تعديلات على «النووي» هو ثغرة هامة، حتى وإن وصفتها إيران بالمحدودة ووضعتها في سياق مشروط برفع العقوبات ... ومجرد طلب واشنطن والرياض من إسلام آباد التوسط، يعني أن الرغبة بتفادي الانزلاق في أتون الحرب الشاملة، ما زالت هي القاعدة الحاكمة... ثمة من يتعين أن يوفر سلالم للأطراف لتمكينها من الهبوط الآمن من فوق قمم الأشجار التي صعدت إليها، وهي مهمة ليست سهلة على أية حال، ولا ندري أي من الوسطاء المتزاحمين سيتمكن من إنجازها أولاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زحمة وساطات ومبادرات زحمة وساطات ومبادرات



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya