السودان الشعب على طريق استعادة «السيادة»

السودان: الشعب على طريق استعادة «السيادة»

المغرب اليوم -

السودان الشعب على طريق استعادة «السيادة»

بقلم - عريب الرنتاوي

تطورات الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في السودان، مذهلة بكل المقاييس ... الانقلاب العسكري لم يصمد لأكثر من أربع وعشرين ساعة ... انقلاب على رأس النظام والحركة الشعبية معاً ... قادة المجلس العسكري، معاونو البشير الكبار، استقالوا تباعاً بعد أن أدركوا أن الشعب بقضه وقضيضه، يرفضهم ... هذا الدرس السوداني، صالح لكل زمان ومكان في دنيا العروبة والإسلام.
تعيدنا الاستقالات و»التنحيات» الأخيرة، إلى ما أشيع عن وجود خلاف داخل المؤسسة، أخّر اصدار البيان الأول ليوم كامل تقريباً، قبل أن تبدأ الحقائق بالانكشاف تباعاً ... والحقائق المثيرة تقول: أن ابن عوف لم يكن مقبولاً من قبل قطاع واسع من كبار ضباط المؤسسة، ومن بينها قادة قوات «التدخل السريع» الذي تنصلوا المجلس العسكري وبيانه وإجراءاته، وأصدروا بياناً يتبنى بالكامل – تقريباً – مطالب الحراك الشعبي.
الجنرال ابن عوف، كان امتداداً طبيعياً للبشير، وهو بدوره مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، مثل رئيسه، وبتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور ... الجنرال تصرف بغطرسة و»قلة إحساس» بنبض الشارع: عطّل الدستور وحلّ البرلمان والحكومات المركزية والولائية، جدد العمل بالطوارئ وحظر التجوال، وفرض مرحلة انتقالية طويلة للغاية، عامان بالتمام والكمال، من دون أن يعرض لخريطة طرق الانتقال السياسي، بل ومن دون أن يشرع في حوار مع قوى المعارضة والحراك، وتلكم حقيقة أخرى باح عنها بيان «التدخل السريع».
الشعب السوداني الذي بلا شك، استلهم انتصارات الحراك الجزائري ونجاحاته في إزاحة عبد العزيز بوتفليقة، يسطر اليوم، تجربة جديدة في الإصرار على المقاومة السلمية لعسكرة البلاد وحكم الجنرالات، خرج بالملايين في مختلف مدن السودان، واحتشد رغم حظر التجوال، ولم يتردد للحظة واحدة في رفض إملاءات الجنرال ابن عوف، ... درس سوداني ملهم، لا شك أنه سيجد صدى واسعاً في مختلف المدن الجزائرية، حيث بلغت العلاقة بين «العسكر» و»الحراك الشعبي» عند منعطف خشن، مقلق وخطير في الأيام الأربع الأخيرة ... يبدو أن البلدين الكبيرين، يخوضان تجربة فريدة في «التثاقف» والتعلم وتبادل التأثير.
الجنرال عبد الفتاح البرهان، المشرف العام للقوات السودانية المسلحة،  ابن المؤسسة العسكرية، وإن كان أقل تورطاً في المواجهة مع شعبه من سابقيه، رئيس المجلس العسكري ونائبه، المؤكد أنه تعلم الدرس من أول جولة حوارات سرية، ويقال غير مباشرة، أجراها مع رموز من المعارضة وقادة من الحراك ... لا شك أنه أيقن أن السودان الذي خضع لحكم العسكر معظم سنوات ما بعد الاستقلال، لن يرتضي أهله بالعودة إلى المربع الأول.
نحن، كما السودانيين، ما زلنا بانتظار «البيان الثاني» عن الجيش، يعرض فيه خطة الانتقال إلى الحكم المدني الديمقراطي، ويحدد مواعيد دقيقة وملزمة لعودة الجيش إلى ثكناته، بعد تسليم آمن وسلس للسلطة إلى الشعب، صاحب السيادة، المصمم على استعادة سيادته ... ونعتقد أنها ستكون مرحلة انتقال قصيرة، لا مجال للتسويف والمراوغة، وأن تكون تشاركية، تضم الجميع من دون استثناء، وأن تكون جذرية، لا تكتفي بتغيير الأسماء والوجوه، بل تذهب إلى تغيير قواعد اللعبة، وإقرار منظومة جديدة لحقوق المواطنين وواجباته، وترسي قواعد عقد اجتماعي جديد، بدستور جديد ينبثق من الشعب وعبر آليات ديمقراطية، نزيهة وشفافة.
السودان الشقيق، يستحق الأفضل، والبلاد الثرية بشعبها ومواردها، ينتظرها مستقبل مشرق، يبدأ من الكف على ممارسة سياسة «الرقص على جميع الحبال»، وننتظر أن يكون القرار الأول للحكومة المدنية، خروج السودان من لعبة المحاور وصراعاتها، والتفرغ لتلبية احتياجات البلاد التنموية في شتى المجالات ... آن الأوان، لكي يتخلص السودان من حروبه الداخلية ومن حرب الآخرين عليه ... آن الأوان، لكي ينعم هذا الشعب الطيب والمعطاء والمحب، بما يستحق من رغد العيش والمستقبل الأفضل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان الشعب على طريق استعادة «السيادة» السودان الشعب على طريق استعادة «السيادة»



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya