السلطة «تُستشهد» ولا «تُحل»

السلطة «تُستشهد» ولا «تُحل»

المغرب اليوم -

السلطة «تُستشهد» ولا «تُحل»

بقلم - عريب الرنتاوي

لست اقترح حل السلطة الفلسطينية، مع أنني من الموقنين بأن حل الدولتين بات وراء ظهورنا جميعاً ... ولست كذلك مع إبقائها، بعد أن أخفقت في أن تستحيل إلى دولة، وأعترف أمامكم، بأنني شأن الكثيرين منكم، ما زلت حائراً بشأن «الخيار الاستراتيجي» الأنسب للشعب الفلسطيني وحركته الوطنية المعاصرة، في ضوء ما حصل من تطورات على الأرض وفي فضاء السياسة والديبلوماسية.
لكنني هنا، وبمناسبة الهبّة الشعبية المتصاعدة ضد قرار ترامب وحول القدس، والتي نأمل أن تتحول إلى انتفاضة ثالثة، تُسيل المزيد من الأدرينالين في عروق الاحتلال ومستوطنيه، أجدها مناسبة لتناول ما يتردد حول «حل السلطة» بوصفه خياراً وحيداً متبقياً أمام الشعب الفلسطيني.
وأقول إن السلطة «تُستشهد» ولا «تُحل» ... بمعنى إنه إن رسا خيار الفلسطينيين على حل السلطة، فإن من المنطقي دفع إسرائيل لإتمام مهمتها في الإجهاز على أوسلو ومترتباته، والسلطة أحد أبرز هذه المترتبات، فلا يجوز الحديث بلغة «تسليم المفاتيح»، المطلوب وضع السلطة في حال اشتباك مع الاحتلال، بدءاً بوقف التنسيق الأمني، بدل أن تظل «منطقة عازلة» بين قوات الاحتلال والشعب الرازح تحت نيره.
لا ينبغي أن يتحمل الفلسطينيون أمام المجتمع الدولي، وزر حل السلطة، وما قد يستثيره ذلك من انتقادات واتهامات، في الوقت الذي تتحمل فيه إسرائيل كامل المسؤولية عن إلحاق عطب وإعاقة مزمنين بهذا الوليد المشوّه ... وفي ظني أن ياسر عرفات بعد كامب ديفيد، وصل أو كاد يصل إلى هذه النتيجة، عندما سعى في كسر قيود أوسلو وحواجزه، ووضع السلطة وأجهزتها المدنية والأمنية في مواجهة مع الاحتلال، مرتين على الأقل، الأولى في «انتفاضة النفق» وهي انتفاضة شرطة بامتياز، والثانية في الانتفاضة الثانية، انتفاضة الأقصى، لكن يد إسرائيل الطويلة، لم تمكنه من إتمام تحولاته، إذ عاجلته بالسم الزعاف، وبقية القصة معروفة.
ليس الفلسطينيون من اختاروا حل السلطة، المؤيدون منهم لهذا الخيار والمعارضون له، وأزعم أن غالبيتهم الساحقة، كانت تتمنى أن تصبح السلطة دولة وعاصمتها القدس الشريف، وأن يتمتعوا بحقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم، وأن يشرعوا في استقبال أفواج اللاجئين العائدين إلى وطنهم وديارهم ... من قضى على حلم السلام وتقرير المصير هم الإسرائيليون، وعليهم وحدهم، أن يتحملوا أوزار ما فعلوا.
ولأن «حل السلطة» لا يمكن أن يكون مجرد «ورقة» يلوّح بها من دون أية خطوة عملية واحدة، ولأنه ليس تعبيراً عن «حرد» مؤقت» أو «سورة غضب»، بل هو جزء من استراتيجية وطنية فلسطينية جديدة وشاملة، فإننا نفترض أن المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، المستندة إلى مصالحة صلبة وحقيقية، وبعد التحرر من أوهام السلام ومفاوضاته العبثية هي بعض ملامح ومحاور هذه الاستراتيجية، وأن السلطة ستلعب دوراً في هذا الاتجاه، وأن عشرات ألوف العاملين في دوائرها ومؤسساتها، سينخرطون في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، وأن أجهزتها الأمنية ستكلف بحماية شعبها، وبالحدود التي تقوى عليها، متجاوزة بذلك نظرية «الانسان الفلسطيني الجديد» التي رسم معالمها الجنرال الأمريكي الشهير: كيت دايتون تحت إشراف من رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، طوني بلير.
سلطة كهذه لا يمكن لإسرائيل أن تقبل بها، ولا أن تسمح باستمرارها فوظيفة السلطة بعيون أجهزة الأمن الإسرائيلية تنحصر في إعانتها على وأد المقاومة الفلسطينية في مهدها ... وظيفتها تخليص «دافع الضرائب» الإسرائيلي من أكلاف الاحتلال وإدارة الشؤون اليومية لأكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة ومليوني فلسطيني في قطاع غزة ... إن كفت السلطة عن القيام بهذه الأدوار، لن يكون أمام إسرائيل من خيار سوى إطلاق رصاصة الرحمة عليها، وإعادة العمل بالإدارة المدنية، التي بدأت تعاود نشاطها بدعم من أفيغدور ليبرمان على أية حال.
على أن القرار النهائي بشأن مستقبل السلطة وتحديد وظائفها، يجب أن يستند إلى قراءة أعمق وأدق للشعار الاستراتيجي الناظم لحركة الشعب الفلسطيني وقواه ... فإن كان خيار الدولتين ما زال ماثلاً كما يعتقد بعض الفلسطينيين، فإن أمر بقائها يصبح منطقياً ومفهوماً، وإن كان بتعديل جدي على وظائفها، وإن كان هذا الخيار قد بات وراءنا، وأن على الفلسطينيين الانتقال إلى شعار «الدولة الواحدة ثنائية القومية» فإن السلطة ستصبح فائضة عن الحاجة وبقاؤها سيندرج في باب «لزوم ما لا يلزم».
في مطلق الأحوال، وأياً كان خيار الشعب الفلسطيني، فإنه من المشكوك فيه أن تقبل إسرائيل ببقاء السلطة إن هي قررت الانتقال إلى خندق المقاومة الشعبية، وأوقفت العمل بالتنسيق الأمني ... عندها ستعمد تل أبيب على «اغتيال» السلطة مثلما اغتالت مؤسسها وأول رئيس لها، الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلطة «تُستشهد» ولا «تُحل» السلطة «تُستشهد» ولا «تُحل»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya