في استباق نتائج التحقيق

في استباق نتائج التحقيق

المغرب اليوم -

في استباق نتائج التحقيق

بقلم - عريب الرنتاوي

بخلاف مألوف المعالجة في مثل هذه الحالات، سأستبق نتائج التحقيق في المحاولة الآثمة لتفجير موكب رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله ومدير المخابرات الفلسطينية العامة اللواء ماجد فرج، بتأكيد براءة حماس، كحركة وحكومة “أمر واقع”، من هذه المحاولة، فلا أظن أن “الحمق” و”الخبل” يمكن أن يبلغ بأي جهة فلسطينية حد الإقدام على مقارفة عمل شنيع من هذا النوع، وبهذا الحجم.
وأحسب أن من أقدم على الفعلة النكراء، ينتمي إلى قائمة “المتضررين” من المصالحة، أو احتمال المصالحة، وهي قائمة طويلة نسبياً، وتشمل إلى جانب إسرائيل، جماعات إرهابية نشطت في غزة خلال السنوات الماضية، ولا تستثني “غاضبين” و”متضررين” من سلسلة الإجراءات التي اتخذتها حكومة الحمد الله، ضد شرائح من القطاع وأهله.
وإن كانت الجريمة ترتب على حماس قدراً كبيراً من المسؤولية، فذلك لأنها الجهة المسؤولة عن حفظ أمن القطاع، وهي سلطة الأمر الواقع فيه، ومن مسؤولياتها، بسط الأمن والاستقرار، وتأمين حركة الموكب من لحظة دخوله إلى القطاع، إلى آخر محطة في طريق العودة ... هنا، وعلى هذا النحو، لا يمكن إعفاء حماس من مسؤوليتها، وعليها قبل غيرها، أن تعترف بهذه المسؤولية، وأن تترجم تقصيرها، ببحث دؤوب عن الجناة، وبتحقيق نزيه وشفاف مع المتورطين والمرتكبين، بمشاركة السلطة وبمواكبة أجهزتها الأمنية والقضائية. 
وحتى بفرض أن “أطرافاً” في حماس، أفراداً أم “جهات”، تورطت بهذه الفعلة، سواء بهدف قتل رئيس الحكومة ومدير مخابراته، أم بهدف “التشويش” على مسار المصالحة، وتقطيع سبله، فإن هذا أدعى لإظهار مزيدٍ من الحرص على شفافية التحقيق ونزاهته، وفتح أبوابه وغرفه المغلقة، أمام السلطات الأمنية والقضائية الفلسطينية، مثل هذا الاحتمال، لا يجوز إنكاره، في ظل “فوضى” المواقف والتوجهات و”التحالفات” التي وجدت حماس نفسها في قلبها مؤخراً.
ولن يكون مقبولاً أبداً، ولا مقنعا لأحد، الشروع بتوجيه أصابع الاتهام لإسرائيل وأجهزتها الأمنية، ودائماً بهدف الوقيعة وتعميق الانقسام، ففي استدامته وتعميقه، مصلحة صافية لإسرائيل ... مثل هذا الاحتمال، وإن كان لا يجوز إسقاطه البتة، إلا أنه لا ينبغي أن يتصدر قائمة الاحتمالات ... صحيح أن نسبة الجريمة لإسرائيل، أمرٌ مريح، وقد يرضي بعض الأطراف الفلسطينية بعض الوقت، لكن الحقيقة يجب أن تعرف وأن تقال علناً، أياً كانت المآلات التي ستنتهي إليها التحقيقات.
كما لن يكون مقبولاً أبداً، إدخال التحقيق في دهاليز المماطلة وشعاب التسويف، التي لا تنتهي، فالأمر سيؤخذ على أنه محاولة من حماس لإضاعة الحقيقة، والرهان على عنصر الوقت، بوصفه أداة فعّالة للنسيان والإفلات من العقاب ... غزة منطقة محصورة، والكشف عن الجناة، كما دللت تجارب سابقة عديدة، لن يحتاج إلى كبير وقت، إن توفرت الرغبة والإرادة لكشف غموض الجريمة وتفكيك ألغازها.
والمؤسف حقاً، أن “المتضررين” من المصالحة والراغبين في تدمير فرصها، على المقلب الآخر، قد وجدوا في الجريمة النكراء، ضالتهم، فسارعوا لتدبيج التصريحات والبيانات، التي تؤكد القطع والقطيعة، مع هذا المسار، وباعتبار أن “ما قبل الجريمة ليس كما بعدها”، وأنهم لن يرتضوا من حماس تعويضاً أقل من “رفع الراية البيضاء” والتسليم بكل شروط فتح ومطالب السلطة لإتمام المصالحة والصفح عمّا مضى.
في مثل هذه الظروف المحقونة، وحيث يرتفع منسوب الانفعال والاهتياج، لا بد للعقلاء على ضفتي الانقسام، من إعلاء الصوت وتفعيل الحضور، لتفادي الانزلاق إلى السيناريو الأسوأ ... وينبغي على الأطراف، أن تتحمل مسؤولياتها الجسيمة، في منع الانهيار واحتواء التدهور ... ولا أريد أن أكتفي هنا بالدعوة لتحويل هذه “الضارة” إلى “نافعة”، وحفز مسار الحوار والمصالحة، باعتباره الرد الأنسب على القائمين على الجريمة، تخطيطاً وتنفيذاٌ، والأهم، على من أعطى الأمر بها ومن يقف وراءها... مع أن مثل هذا السلوك، يجسد أعلى درجات الحرص على المصلحة العليا والتسامي فوق الحسابات الأنانية والمصالح  الفئوية الضيقة، ولكن لا خيار أمام الشعب الفلسطيني وفصائله وقياداته، سوى سلوك هذا الطريق.
ما حصل على مقربة من معبر بيت حانون أمس، كان يمكن أن يكون طامة كبرى على الفلسطينيين، في أسوأ توقيت يمكن تخيّله، لولا لطف الله ورعايته ... لكن نجاة رئيس الحكومة ومدير المخابرات، يمكن أن يكون بمثابة “wake-up call” للأفرقاء جميعاً، فإما الارتقاء إلى مستوى تطلعات شعبهم، أو الانزلاق إلى الدرك الأسفل من الخيبة والتفاهة... بعد أن تأكد للجميع، أن “بقاء هذا الحال من المحال”.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في استباق نتائج التحقيق في استباق نتائج التحقيق



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya