بانتظار المزيد من المسيرات الراجلة والمؤلّلة

بانتظار المزيد من المسيرات الراجلة والمؤلّلة!

المغرب اليوم -

بانتظار المزيد من المسيرات الراجلة والمؤلّلة

بقلم : عريب الرنتاوي

انتهت «المسيرة الراجلة» للعاطلين عن العمل من العقبة إلى عمان «على خير»، عادوا بما أرادوا من مطالب، معززين مكرمين، بعد تدخل عاجل من الديوان الملكي، منسق مع الحكومة، ولا أدري كيف  طويت صفحة من دون أن يغلق هذا الملف، والمؤكد أن المسيرة المظفرة ستتبعها مسيرات أخرى أقل جهداً، وأكبر عدداً، وربما من مختلف المحافظات بما فيها بعض أرجاء العاصمة.
كيف ستتصرف الحكومة مع المسيرات المقبلة؟ ... هل ستفتح لهم أبواب التوظيف في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية كما حصل مع زملاء لهم سجلوا قصب السبق والريادة في ابتداع هذا الشكل الاحتجاجي – الدرامي المثير؟ ... هل لدى الدولة من الموارد ما يكفي لفعل ذلك؟ ... إن كان الجواب بالإيجاب، لماذا الانتظار حتى يخرج المتعطلون بمظاهرات ومسيرات «مؤلّلة» وراجلة، ولماذا لا تفتح هذه المؤسسات والأجهزة أذرعتها لهم، فرادى قبل أن يتحولوا إلى جماعات، وفي مدنهم وليس بعد الانتقال إلى عمان والاحتشاد أمام الديوان الملكي؟
وإن كان الجواب بالسلب، فلماذا الرضوخ إذن لمطالب هؤلاء؟ ... وكيف ستتدبر الدولة أمرها، وهي التي سجلت على نفسها سابقة الأخذ بمطالب المحتجين والمحتشدين، بعد أن يرفعوا الصوت عالياً، ويقوموا بما هو مألوف، وغير مألوف من أشكال التعبير الاحتجاجية؟ ... وبأي منطق، سيخرج المسؤول الأردني أمام الحشود القادمة، ليعتذر عن عدم توظيفيهم، وكيف سيجيب عن سؤال لماذا تساهلتم مع الأولين وتتشددون مع الآخرين، أية ازدواجية هذه؟
في ظني أن مشهد المسيرة الراجلة من العقبة إلى عمان، سيتكرر، وسيعاد انتاجه مرة تلو الأخرى، والنتيجة التي انتهى إليها المحتجون ستشجع ألوفاً غيرهم على فعل أمر مماثل، والدولة ستقبل أو سترضخ لمطالبهم، وسيضاف عشرات ألوف الموظفين الجديد إلى مئات ألوف الموظفين القدامى، من عاملين ومتقاعدين، وستتسع الشقة بين موارد الدولة ونفقاتها، وسيزداد عجز الموازنة ويرتفع دينها المتراكم، وسنعاود بعد أعوام قلائل إعادة النظر في قانون الضريبة على الدخل وغيرها، لزيادة موارد الدولة والحيلولة دون إفلاسها، ستتأثر بيئة الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وستهاجر الاستثمارات والرساميل وستزداد عملية جذب استثمارات جديدة صعوبة، وتقل تنافسيتنا، وسندخل في اشتباكات جديدة، مع صندوق النقد الدولي، وسيجد الحراك الشعبي والشبابي زخماً إضافياً.
أليس هذا هو واقع حالنا المقيم منذ سنوات وعقود؟ ... ألسنا نسلك الطريق ذاته ومنذ سنوات، ونتوقع الوصول إلى نهايات مختلفة؟ ... ألسنا نعيد انتاج أسباب دوراننا الدائم في الحلقة المغلقة ذاتها؟ 
قبل أيام، وفي سياق الحديث عن الأحزاب والإصلاح السياسي تساءل الملك إن كان هناك حزب واحد يمكن أن يطرح مهمة تخفيض عدد العاملين في القطاع العام المتضخم لدينا ... الجواب على هذا التساؤل، جاء من الحكومة وليس من الأحزاب: نحن نعمل على رفع العدد بدل تخفيضه.
وبانتظار فصل جديد من مسرحية المسيرات الراجلة والمؤلّلة، استذكر، وأنا دائم التردد على العقبة، أن هذه المدينة ومنذ ان صارت منطقة اقتصادية خاصة، وفرت الآلاف من فرص العمل، استفاد منها شبان وشابات من مختلف محافظات المملكة، بعضهم اعتمد على الكفاءة والقدرة على تحمل أعباء العمل الشاق، وكثير منهم جاء بالواسطة، كما استفادت العمالة الوافدة من نهضة العقبة وتكاثر مشاريعها ... وثمة أسئلة تقفز إلى الأذهان: لماذا لم يجر تأهيل شباب العقبة لشغل هذه الوظائف، وأين الخلل، في نظامنا التعليمي، في مشاريع التأهيل والتدريب المهني، في الثقافة السائدة التي تفضل «حضن الحكومة الدافئ» على «حرج القطاع الخاص غير الآمن»؟ ... أعرف شخصياً شباناً من عمان والزرقاء يعملون ساعات طويلة ويكدون ويتعبون، بيد أنهم نجحوا في بناء أسر وتعليم أبناء، بعرقهم واجتهادهم وأعرف آخرين من ذوي الكفاءات وجودوا فرصهم في العقبة وهم من خارجها ... أين المشكلة، ولماذا الإصرار على الوظائف الحكومية، هل لنقص في قدرة القطاع الخاص على الاستيعاب أم لثقافة آن أوان تغييرها؟ ... بعض الجرأة والصراحة في تناول المسألة يبدو أمراً ضرورياً، ومن دون ذلك، سنظل نعيد انتاج الأزمات وترحيلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بانتظار المزيد من المسيرات الراجلة والمؤلّلة بانتظار المزيد من المسيرات الراجلة والمؤلّلة



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya