بغداد تنتصر وكذلك طهران

بغداد تنتصر وكذلك طهران

المغرب اليوم -

بغداد تنتصر وكذلك طهران

بقلم ـ عريب الرنتاوي

تُظهر تداعيات ما بعد الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان، كيف يمكن لقرار غير محسوب، أو بالأحرى محسوب فقط وفقاً لحسابات شخصية وعائلية وحزبية، أن تكون له أفدح العواقب على مستقبل شعب بأسره، بل وأن يفضي بقضيته الوطنية للتراجع خطوات واسعة للوراء، بعد أن رُوّج لقرار الاستفتاء على أنه الخطوة النهائية التي تسبق إعلان الاستقلال التام.
قلنا هذا الكلام في مؤتمر “الديمقراطية وتقرير المصير” الذي شاركنا فيه في السليمانية قبل أيام فقط من موعد إجراء الاستفتاء، وحذرنا من مغبة “موجة ركوب الرأس” التي اجتاحت قيادة أربيل وشخص مسعود البارزاني، وكتبنا غداة الاستفتاء، محذرين من سيناريو “نجاح الاستفتاء وفشل تقرير المصير” ... أعمق مخاوفنا وتحذيراتنا، تجسدت خلال الأيام القليلة الفائتة في سلسلة الانتكاسات التي منيت بها الحركة الوطنية الكردية والمشروع الانفصالي الكردي.
إن كان ثمة من مسؤول تتعين مساءلته ومحاسبته على ما آلت إليه أوضاع الإقليم، فهو مسعود البارزاني شخصياً، فهو المسؤول عن دفع الكرد إلى مواجهة غير محسوبة، مع العراق ودول الإقليم والمجتمع الدولي ... وهو المسؤول عن تفاقم الانقسامات واندلاع حرب الاتهامات داخل الإقليم ذاته، والتي يتخوف كثيرون من أن تفضي إلى عودة المواجهات المسلحة بين المكونات الكردية.
في السليمانية، ذكّرنا بما حدث في أواسط تسعينات القرن الفائت، عندما لجأ البارزاني إلى بغداد مستنجداً بصدام حسين لاستنقاذه من زحف الاتحاد الوطني برئاسة “مام جلال” صوب أربيل، يومها عُدّت خطوة البارزاني بمثابة خيانة للطموحات القومية لكرد العراق ... اليوم، تبادر أوساط أربيل لاتهام ورثة الطالبني، بفعل الأمر ذاته، إذ تتهمتها بتدبير صفقة “مريبة” مع بغداد، سلمت بموجبها كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها، على طبق من فضة، للقوات الأمنية العراقية المشتركة.
أياً يكن من أمر، فقد تلقت الطموحات القومية الكردية في العراق، بل وفي الإقليم، صفعة قاسية جراء عناد رئيس الإقليم وإدارته الظهر لكل النصائح والمبادرات والوساطات، وعليه اليوم، أن يتوفر على قدر من الشجاعة والجرأة لإعلان ذلك والاعتراف به ودفع ثمنه، وهو الرئيس المنتهية ولايته، لكي يفسح في المجال أمام محاولات إعادة تطبيع العلاقات الكردية مع العرب والعراقيين والمركز ... عليه أن يفعل ذلك من دون تردد أو إبطاء، بدل التلهي بالبحث عن أسباب ومشاجب يعلق عليها، أوزار القرارات الارتجالية الطائشة التي اتخذها في لحظة نشوة باقتراب لحظة تجديد الزعامة وتفعيل مسلسل التمديد والتجديد والتوريث، غير المقدس.
لقد عاد المشروع الكردي سنوات عديدة إلى الوراء، فالكرد انسحبوا من كافة المناطق المتنازع عليها، التي فرضوا عليها سيطرة كاملة على طريقة “وضع اليد”، معابرهم الدولية مغلقة ويجري تسليمها تباعاً للحكومة المركزية، مطاراتهم لن تفتح إلا تحت إشراف الحكومة المركزية وبإرادتها ... اتصالاتها ومواصلتهم باتت تخضع لممر إجباري واحد هو بغداد ... نفطهم ونفط العراق، بات “مؤمماً”، ويخضع لإدارة وإشراف الحكومة المركزية التي تتولى استقبال عائداته ... مثل هذه الوضع، لا يعد تراجع إلى مرحلة ما قبل داعش، بل وإلى مرحلة ما قبل 2003.
بعض اللاعبين الكرد، ومن خلفهم بعض داعميهم الإقليميين والدوليين، ظنوا أنهم بتسريع وتائر الانفصال عن العراق، إنما يوجهون ضربة قاصمة ومزدوجة،  تستهدف إيران أولاً، وتركيا ثانياً، وتضعف بغداد التي تتحكم بعملية صنع القرار فيها، أحزاب وشخصيات محسوبة على إيران ومقربة منها ثالثاً.
لكن ما حصل، أن إيران نجحت في رد الصاع صاعين، فهي أمنت لحلفائها في بغداد، بالسياسة والميدان، ما عجزوا عن تحقيقه، بل وما لم يحلموا بتحقيقه ... زحف القوات العراقية والحشد الشعبي صوب كركوك، أشعر الأكراد بان حرباً ضروس تنتظرهم ... قدوم قاسم سليمان إلى أربيل، ضمن كسب “نصف” المكونات الكردية، وإبعادها عن سيطرة أربيل، لم يعد الكرد رأس حربة في ظهر إيران، بل لقد قصمت الحربة الإيرانية ظهر المشروع الاستقلال الكردي، وألحقت طعنة نجلاء بطموحات من كانوا يراهنون على فرصة الدخول إلى إيران من البوابة الكردية.
ربما تشكل مآلات الاستفتاء وتداعياته، صورة لطبيعة المعارك التي ستخوضها إدارة ترامب ضد إيران، والكيفية التي ستحسم بها هذه المعارك ... ولعل التزامن بين هزيمة المشروع الكردي، يعني من ضمن ما يعني، أن إدارة ترامب خسرت أولى معاركها مع إيران قبل أن تخوضها، وربما يعطي ذلك كله، مؤشراً على النتائج الفعلية المحتملة لاستراتيجية ترامب الجديدة حيال إيران.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بغداد تنتصر وكذلك طهران بغداد تنتصر وكذلك طهران



GMT 06:28 2016 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

اللعب الكبير: عام 2017

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya