المبادرة التركية الفرص والقيود

المبادرة التركية... الفرص والقيود

المغرب اليوم -

المبادرة التركية الفرص والقيود

بقلم - عريب الرنتاوي

ثمة ما يشفُّ عن “رابط ما” بين زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للأردن الأسبوع الفائت، وزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لأنقرة أمس الأول ... تركيا التي تواجه انكماشاً حاداً لدورها في أكبر أزمات المنطقة: سوريا والعراق، تجد نفسها بحاجة لاستعادة هذا الدور والبحث عن ساحات جديدة لممارسة ثقلها ونفوذها.

من بوابة فلسطين والقدس والأقصى، والمصالحة، تسعى أنقرة في لعب دور أكبر على الساحة الفلسطينية، وإذ تستشعر القيادة التركية بأنها قادرة على استئناف حضورها الإقليمي من هذه البوابات، إلا أنها ما زالت تصطدم بجملة من العوائق والقيود.

لا مشكل تركية مع الجانب الفلسطيني، على الرغم من انحياز أنقرة الواضح لحركة حماس، كحلقة خاصة ومتميزة، في سلسلة الإخوان المسلمين في الإقليم ... علاقات أنقرة الوطيدة مع حماس، ودعم الحركة وتشجيعها سياسياً ومعنوياً، لم يفض إلى قطيعة من أي نوع مع قيادة السلطة والمنظمة والرئاسة الفلسطينية، ظلت القنوات مفتوحة بين الجانبين، وظلت “شعرة معاوية” تفعل فعلها في إدامة الوصل والتواصل.

لكن أنقرة تواجه مشكلة مع تل أبيب، على الرغم من جهود المصالحة التي أثمرت عودة العلاقات الدبلوماسية والسفارات والسفراء، وارتفاع ميزان التبادل التجاري، وتبادل الوفود على مستويات مختلفة ... مستوى الثقة الإسرائيلية بالجانب التركي، ضعيفة للغاية، وبخاصة بالرئيس أردوغان، ولا أظن أن إسرائيل بوارد السماح لتركيا بأن تلعب دوراً مهماً على هذا الصعيد، وهي التي عطلت أدوار وساطة أوروبية وأمريكية، طوال سنوات وعقود ... إسرائيل لا تريد سلاماً ولا انسحابا ولا دولة فلسطينية، وهيهات أن تقبل بوسيط، لا يتردد عن إبداء دعمه وتأييده لكفاح الشعب الفلسطيني العادل في سبيل حريته واستقلاله.

لكن بالعودة للرابط بين الزيارتين (أردوغان لعمان وعباس لأنقرة)، أحسب أن الجانب التركي يتطلع للقيام بأدوار متزايدة في الأقصى وأكنافه، تندرج في سياق الرعاية والوصاية، صحيح أن أردوغان قبل أن تطأ أقدامه أرض الأردن، دعا لدعم الموقف الأردني في القدس وإسناده، لكن الصحيح كذلك، أن هناك محاولة تركية، مباشرة وعبر وسطاء محليين، لتعظيم الدور التركي في القدس باعتبارها كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية ذات يوم، ويستشعر الحزب الحاكم ورئيسه “مسؤوليته” حيالها، وهذا الأمر يبقي الأردن في موقع المراقب عن كثب، باعتباره يحمل ملف رعاية المقدسات، وقد يثير قلق الفلسطينيين جراء العلاقات المتميزة التي تربط تركيا بحماس.

أما في الملف الفلسطيني الداخلي، وأعني به ملف المصالحة الوطنية، فإنه سيتعذر على أنقرة أن تقوم بدور الوسيط النزيه والمحايد، ما لم تقف على مسافة واحدة بين رام الله وغزة ... لا يمكن لأردوغان أن يكون حليفاً ومرجعية لحماس، ومعادياً لمصر، وينتظر في الوقت ذاته، قبولاً وترحيباً فلسطينيين بدوره الوسيط ... لا شك أننا استمعنا إلى الكثير من عبارات المجاملة بين الجانبين، لكن الحقيقة أن لا عباس، ولا حتى حماس، تستطيع أن تأتي بالدب التركي إلى كرم العنب الفلسطيني، من دون أن تقامر بإغضاب مصر، ومن خلفها كل من السعودية والإمارات بخاصة.

وأحسب أن دخول تركيا وأردوغان على خط المصالحة الفلسطينية كوسيط، قد جاء استجابة لمحاولات عربية لاستمالة حماس وإبعادها عن المحور التركي – القطري، وقد تجلت هذه المحاولة في دفع العقيد المنشق محمد دحلان للتقرب من حماس ورعاية اتفاق ثنائي معها، وكانت معلومات قد ترددت بأن دحلان توسط في إصلاح ذات البين بين حماس والإمارات، لكن السعودية ومصر هما من تحفظتا على أمرٍ كهذا، باعتباره سيضعف حملة الرباعي العربي على قطر لجهة رعايتها ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين.

أياً يكن من أمر، فإن الدخول التركي على خط المصالحة، يمكن أن يكون مقبولاً، بحدود، ولكن ليس إلى نهاية الشوط أو المطاف، من قبل طرفي الانقسام الفلسطيني ... حماس ترى في الرئيس التركي حليفاً ومرجعية سنيّة، والرئيس عباس، توّاق للتحرر من ضغوط محور عربي، لم يعد خافياً على أحد... حماس تتخذ من قطر مقراً لقيادة الخارج، وعباس لديه “هوى قطري” على المستوى الشخصي على الأقل، معروفٌ منذ زمن طويل.

لكن لا حماس ولا عباس، يستطيعان من دون المقامرة بإثارة غضب محور عربي وازن، أن يذهبا إلى نهاية الطريق في التجاوب مع مهمة الوساطة التركية، تلك مسألة ستزيد الأمور تعقيداً، سيما وأن أنقرة، كما قطر في هذا اللحظة، ليس لديها “خيلاً تهديها ولا مال”، ووضعهما في الإقليم آخذ في الانحسار والانكماش، إن على خلفية التطورات الميدانية والسياسية المتلاحقة في كل من سوريا والعراق، أو بسبب تفاقم الأزمة الخليجية، وتزايد احتمالات استطالة أمدها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبادرة التركية الفرص والقيود المبادرة التركية الفرص والقيود



GMT 04:10 2017 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

هل يثق العرب فى بعضهم؟

GMT 05:22 2017 الخميس ,31 آب / أغسطس

من قتل ناجي العلي؟

GMT 05:19 2017 الخميس ,31 آب / أغسطس

جلب وليد الكردي.. وقرار الثلاثاء المفاجىء

GMT 05:17 2017 الخميس ,31 آب / أغسطس

لا تقل هذا خطأ وتصمت قل لنا ما هو الصواب

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya