في السجال الدائر حول «خطة ترمب» و«الانتفاضة الثالثة»

في السجال الدائر حول «خطة ترمب» و«الانتفاضة الثالثة»

المغرب اليوم -

في السجال الدائر حول «خطة ترمب» و«الانتفاضة الثالثة»

بقلم - عريب الرنتاوي

ثمة من يجادل بأن قرار الرئيس ترمب بشأن القدس، لم يحسم الجدل حول مستقبل المدينة ومصيرها النهائي، وأنه أبقى الباب مفتوحاً لعاصمة فلسطينية في القدس الشرقية (ناقصةً البراق/المبكى وربما غيره)، او ربما لمدنية موحدة بعاصمتين اثنتين ... هؤلاء يقترحون التريث بانتظار “صفقة القرن” التي ستستبطن مؤشرات إضافية حول صيغة الحل النهائي للمسألة الفلسطينية.
مثل هذه الفرضية، تصدر عن جهات عربية وإسرائيلية على حد سواء، بل وعن مصادر غربية ما زالت “غير مصدقة” أن رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم، قرر الانفراد بموقف يتعارض مع إجماع دولي نادر، تكشف في ردود الأفعال الكونية على القرار، ما يعني أنه يتعين علينا التريث لبضعة أشهر أخرى، قبل أن ننجرف إلى مواقف قطعية وقاطعة سواء من مستقبل عملية السلام أو من الدور الأمريكي في هذه العملية.
 سنفترض لغايات النقاش، أن هذه الفرضية تنطوي على قدر من الصحة، لنتساءل: ما الذي يتعين على الفلسطينيين والعرب فعله في هذه المرحلة، وإلى أن يتصاعد الدخان الأبيض من “مدخنة” البيت الأبيض؟ ... وكيف يمكن الاطمئنان إلى صحة هذه “النظرية”؟
نحن لا نعرف ابتداءً متى سيكشف ترمب عن “صفقة العصر والزمان”، فضلاً عن أن أحداً من الفلسطينيين أو العرب، لا يعرف شيئاً أكيداً عن مضمون هذه الصفقة، وربما جاء إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وما تبعه من شروحات وتوضيحات، لا تُخرج “حدود” المدينة من جدول أعمال المفاوضات النهائية، وتبشر بمرحلة تمتد لثلاث سنوات لإتمام نقل السفارة، نقول ربما جاء هذا الإعلان من قبيل “جس النبض”، ومحاولة التعرف على الحدود النهائية للموقفين الفلسطيني والعربي من هذه المسألة شديدة الحساسية والتعقيد.
وسنبني على الشيء مقتضاه، لنقل إن ما قام به الفلسطينيون على وجه التحديد، وحتى الآن على الأقل، هو “أضعف إيمان” ردود الفعل المطلوبة في مواجهة القرار الأمريكي ... فإن كان الصراع ما زال دائراً على “حدود” القدس، فإن من المنطقي، ومن باب “تحصيل الحاصل” إن يعمد الفلسطينيون إلى استخدام كافة أوراق القوة التي بحوزتهم، استناداً إلى عدالة قضية والصحوة الكونية التي فجّرها القرار لصالح حقوقهم العادلة والمشروعة.
ومن دون أن تكون لديهم أية أوهام هو مواقف هذه الدولة أو تلك، هذا الزعيم أو ذاك، لا مندوحة أمامهم سوى استثمار كل صوت وتوظيف كل موقف او تصريح أو حتى إيماءة، للدلالة على خطورة القرار الأمريكي وبؤس المقاربة التي استند إليها الفريق الرئاسي في واشنطن، عندما تقدم لسيد البيت الأبيض بمثل هذه التوصية الخرقاء.
هنا يأخذنا الجدل، بفرضياته المتعددة، إلى موضوع آخر، متصل تماماً بالموضوع، والمقصود به موضوع “الانتفاضة الثالثة”، وما إذا كان بمقدور الفلسطينيين الانتقال جدياً من الاحتجاج إلى الانتفاضة، أو ما إذا كان عليهم فعل ذلك أم لا ...هنا نقول: صحيح أن مياه كثيرة قد جرت بين أول انتفاضة وأزمتنا الراهنة، وبين ثاني انتفاضة بالأمس القريب وما يدور اليوم من هبّات وتحركات شعبية ... لكن الصحيح كذلك، أن “الترويكا الإسرائيلية” الحاكمة، و”الترويكا الأمريكية” المولجة بملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، تركتا الفلسطينيين وظهورهم إلى جدار، ولم تبقيا لهم من خيار آخر سوى الانتفاض.
يفترض البعض أن الانتفاضة الثالثة، تعني “كارثة ثالثة”، ويستدل على ذلك بإحجام الفلسطينيين عن الانخراط في فعل انتفاضي شامل ... والحقيقة أن ثمة إحجام وتردد، ليس مرده النتائج الكارثية للانتفاضتين السابقتين كما يزعم، بل جراء التحولات التي طرأت على بنية المجتمع الفلسطيني بعد ثلاثين عاماً من الانتفاضة الأولى وسبعة عشر عاماً من الثانية، وهي تحولات أشرف عليها وهندسها في إطار نظرية السلام الاقتصادي الإسرائيلية، وترجمتها الفلسطينية “بناء الدولة تحت جلد الاحتلال”، أو “الفياضية” نسبة إلى سلام فياض، وفقا لتعبير توماس فريدمان، نقول أشرف عليها وهندسها كل من طوني بلير والجنرال كيت دايتون.
إن كانت الانتفاضتان الأولى والثانية، قد اندلعتا بصورة تلقائية وعفوية، قبل أن تلتحق بركبهما الفصائل والقوى الفلسطينية المنظمة، فإن “الانتفاضة الثالثة” هذه المرة، ربما تأتي على نحو مغاير، وربما تكون بحاجة إلى “تصنيع” وإعداد مسبقين، وربما بنفس طويل، من قبل القوى المنظمة، داخل الفصائل وخارجها ... ولا يضير الانتفاضة الحالية أن معظم المنخرطين فيها من جيل ما بعد أوسلو، فالانتفاضتان السابقتان، كانتا فعلاً شبابياً وفي سياقاتهما نشأت مصطلحات من نوع “أطفال الحجارة” ... المهم أن يكسر الحراك الشعبي الفلسطيني جدار الصمت والركود، وأن يسعى في رفع كلفة الاحتلال بأي ثمن، مع الأخذ بنظر الاعتبار دائماً وفي كل الظروف، بعضٍ من أهم المحدودات والضوابط التي يتعين عدم اجتيازها واللعب بها وأهمها: (1) أن يكون الفعل الشعبي من جنس القضية ونوعها، أخلاقياً بامتياز، فما من قضية في العالم تستبطن هذا القدر من القيمة الأخلاقية مثل القضية الفلسطينية ... (2) وأن تعتمد كافة الوسائل الكفاحية التي تنسجم تماماً، وتنسجم فقط، مع هدف الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه والصمود على ترابه الوطني ... (3) وأن تسد كافة الأبواب والنوافذ والشقوق في وجه أية محاولة للتسلل إلى الداخل الفلسطيني من قبل العواصم والمحاور المتصارعة في الإقليم المضطرب من حولنا، حتى لا تخرج القضية عن سياقها، بوصفها قضية خارج المحاور كافة، وفوقها جميعاً.
في مطلق الأحوال، ومختلف الظروف، يتعين على الفلسطينيين إقناع العالم بأن زمن السكينة والهدوء قد انتهى، وأن عصر الاحتلال “غير المكلف” قد ولّى إلى غير رجعة، وأنهم إذ يرحبون بأي دعم وإسناد عربي أو أجنبي، صديق او شقيق، فإنهم هم من سيصنع مستقبلهم بتضحياتهم، غير منتظرين للترياق، لا من “الباب العالي”، ولا من أية جهة أخرى مهما كانت، فما حك جلدك غير ظفرك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في السجال الدائر حول «خطة ترمب» و«الانتفاضة الثالثة» في السجال الدائر حول «خطة ترمب» و«الانتفاضة الثالثة»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya