«الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون»

«الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون»

المغرب اليوم -

«الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون»

بقلم - عريب الرنتاوي

أعاد الإعلامي المخضرم في قناة روسيا اليوم سلام مسافر، فتح صفحة من تاريخ سوريا المعاصر، تعود لمطلع ثمانينات القرن الفائت، التي شهدت مرض الرئيس الراحل حافظ الأسد، وسعي شقيقه المتنفذ (آنذاك) رفعت، للانقضاض عليه.
مسافر استضاف نجل وزير الدفاع الأشهر مصطفى طلاس، وتناول معه تلك الحقبة، وهو ابن عائلة مقربة من دوائر الحكم والعائلة ولعدة عقود ... فراس طلاس، شرح بالتفصيل سعي رفعت، لتولي مقاليد الحكم في البلاد، في الوقت الذي كان فيه شقيقه يصارع المرض، وسط تكهنات عن تدهور حالته الصحية وترجيحات باحتمال موته.
كنت في سوريا آنذاك، لكنني بالطبع، لم أكن مقرباً من دوائر صنع القرار فيها، ولا من الدائرة الأبعد. والأوسع للعائلة والحزب والأجهزة والجنرالات ... تلك مجازفة، لم يكن بمقدور من هم في مثل وضعي تحمّلها، حتى أنني حرصت على تفادي الاستجابة لحفلات وسهرات، كنت أعرف أن «نفراً» منهم سوف يتصدر قائمة المدعوين إليها.
لكن وبحكم سكني في «المهاجرين»، وعملي في محيط حديقة السبكي، كنت على مقربة من مؤسسات حساسة، كالقصر الجمهوري ووزارة الخارجية، وليس بعيدا عن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون و»القيادة العامة» وغيرها من دوائر ومؤسسات ذات حساسية خاصة ... وكنت شاهداً على «حرب الصور» في العام 1984 على ما اظن، نستيقظ صباحاً على صور رفعت تملأ الشوارع والميادين، وننام على صور حافظ وقد حلت محلها ... لم يكن الأمر فعلاً طبيعياً، ولا يمكن نسبته إلى «طرف ثالث» كما يقول دريد رفعت الأسد، رداً على مناف مصطفى طلاس ... كانت «سرايا الدفاع»، هي من تقوم بذلك، وفي بعض الأحيان على مرأى منا سكان تلك المناطق والعاملين فيها.
وكنت شاهداً على حركة الوحدات العسكرية، هذه آليات وجنود يتبعون رفعت وسراياه، يتموضعون هنا ويعيدون انتشارهم في محيط جبل قاسيون الذي يتكئ على كتفه حي المهاجرين حيث أقمت لأربع سنوات ... وتلك وحدات تتبع للأركان، تكثف حراساتها لمؤسسات الحساسة ... كان الشعور الذي يسكننا، أننا مقبلون على فصل دام من الصراع بين «الأخوين الأسد» ... إلى أن أحكم الجيش قبضته، وغادر رفعت سوريا، بعد أن تعافى شقيقه، ليسري بعد ذلك طوفان من القصص والحكايات عن مليارات أخذها معه، وعن اجتماعات عائلية انتهت بإقدام السيدة ناعسة شاليش على صفع رفعت والطلب إليه مغادرة البلاد ... قصص وسرديات، لم يكن بالإمكان أبداً التحقق من صدقيتها.
ليس ثمة من طرف عائلة الأسد «حافظ» من تحدث عن تلك الحقبة وما شهدته من صراعات وانقسامات، لأن وراثة الحكم امتدت من الأب إلى الأبناء ... لكن قيام فراس رفعت الأسد بنشر الكثير من الوثائق والمعلومات حول تلك الحقبة، وحرص شقيقه دريد على تبرئة ساحة والده حتى وإن اقتضى الأمر اتهام «طرف ثالث» بتسريب الإيحاءات والإيقاع بين أبيه وعمّه، فضلاً عن دخول أبناء مصطفى طلاس (مناف وفراس) على الخط، وفّر فرصة للمهتمين بالتعرف على خبايا تلك الحقبة، وما شهدته كواليسها من أحداث وصراعات.
يبدو أن صراع الآباء قد انتقل إلى الأبناء الذين تفرقت بهم السبل... ويبدو أنه أخذ يتسع ليشمل أبناء كبار المسؤولين ... تاريخ مصطفى طلاس على سبيل المثال، تعاد كتابته اليوم، بوصفه رجلاً لاهياً وعابثاً، يعمل وزيراً للدفاع في أوقات فراغه فقط، أما جل تفكيره فقد تركز في فنون الطبخ وعشق الجميلات والتقاط الصور ... ألا يصح هنا القول، بأن «الآباء أكلوا الحصرم، وأن الأبناء ما زالوا يضرسون»؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون» «الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون»



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 08:22 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

الحقد الاسود

GMT 18:19 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

اعتداءات حول العالم على المسلمين

GMT 14:02 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الشرطي الشاعر

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 12:59 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

الكمامة القماش لا تحمي من عدوى "كورونا" تعرف على السبب

GMT 10:41 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

صور لمقبرة "توت عنخ آمون" تعرض بالألوان للمرة الأولى

GMT 06:04 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

شاب مريض نفسي ينتحر بطريقة مروعة في الدار البيضاء

GMT 01:44 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

دشني مراد قصة نجاح بعد بماضٍ أليم

GMT 23:52 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعلامية بوسي شلبي تؤكد تعاطفها مع الشيخ صالح عبد الله كامل

GMT 21:24 2014 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

محار ملزمي بالثوم

GMT 09:27 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

العاهل المغربي يلغي لقاء وزير الخارجية الأميركي

GMT 07:57 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

رحيل الفنان المصري محمد خيري بعد أزمة صحّية عن 77 عامًا

GMT 08:01 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

"بلاك آرمي" تدعو لإبعاد الانتهازيين عن الجيش الملكي

GMT 15:55 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

"الفيصلية الرياض" يحصد جائزة أفضل فندق فاخر لعام 2018

GMT 03:39 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مواليد برج العقرب يمتلكون أسلوبًا تحليليًّا عميقًا

GMT 03:51 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

خطيبة خاشقجي توضع تحت حماية الشرطة التركية

GMT 11:04 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إنابل بطلًا لسباق "قوس النصر" بقيادة ديتوري
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya