العرب وانتخابات إسرائيل

العرب وانتخابات إسرائيل

المغرب اليوم -

العرب وانتخابات إسرائيل

طلال سلمان


لا وقت لدى أهل النظام العربي، مشرقاً ومغرباً، للاهتمام بمسار الانتخابات التي تجري اليوم في دولة العدو، إسرائيل، ولا فائض في القدرة على التركيز يصرفونه لمتابعة ترف الصراع الذي تمارسه أحزاب وتكتلات سياسية متشابهة في برامجها، وموحدة في موقفها من «القضية الفلسطينية» عموماً، ومن السلطة الضعيفة في تكوينها قبل انقسامها وبعده والمفلسة والتي تشغل نفسها في الوقت الضائع في التنقل بين المؤسسات الدولية التي «تكافح الصهيونية» أو تلك التي تحاكم دولاً أو منظمات تمارس سياسة عنصرية وترتكب جرائم إبادة (كتلك التي شهدتها غزة بدل المرة مرات خلال السنوات العشر الأخيرة).
أما الفلسطينيون الذين ثبتوا في أرضهم المحتلة فصيّرهم الاحتلال الإسرائيلي «مواطنين من الدرجة الثانية»، فقد اجتمع مرشحوهم في قائمة موحدة يمكنها أن تلعب الصوت المرجح عند المفاضلة بين صهيوني متطرف وصهيوني أقل تطرفاً، هذا إذا لم تستفز وحدة موقفهم الأحزاب الإسرائيلية، وهي بمجملها «يمينية» فتندفع إلى تأييد من هو أكثر عنصرية من بنيامين نتنياهو بشعاره «إسرائيل دولة يهود العالم»، أو أكثر اندفاعاً نحو المغامرات الدموية من «ليبرمان» الذي يريد إسرائيل «الدولة المركزية لما كان سابقاً الوطن العربي».
لدى الإسرائيليين، على أي حال، فائض من الترف وهم يمارسون عنصريتهم في قلب لعبتهم الديموقراطية التي تجمع بين أشتاتهم الآتين من أربع رياح الأرض... فالدول العربية المعنية، أو التي كانت معنية بالصراع العربي ـ الإسرائيلي قد أسقطت مقولة تحرير فلسطين من النهر إلى البحر منذ زمن بعيد، وانشغلت بحروب كثيرة ضد الذات بحيث لم يتبقَّ لديها فائض من الوقت أو الاهتمام أو القدرة لاستذكار «الأحلام» التي عفا عليها الزمن.
كذلك فإن العديد من الأنظمة القائمة، والتي كان يحسب لها العدو الإسرائيلي الحساب، قد زلزل قدراتها وجبروتها مسلسل الحرب فيها وعليها، واختلال علاقتها بشعوبها، فأنهكت دولها وكادت تدمرها من قبل أن يظهر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»... أما بعد اجتياح جحافل هذا التنظيم الآتي من قلب الجاهلية، ولو تحت الشعار الإسلامي، مساحات شاسعة من العراق وسوريا، ناهباً نفطها والغاز وثروات مؤثرة كانت في خزائن المحافظات (الموصل مثالاً..) فإن أحداً من حكام هذه الدول سينتبه إلى موضوع تفصيلي كانتخابات الكنيست في الكيان الصهيوني ومن يفوز فيها.
حتى المواطن العربي العادي الذي ما زال يهتم بخطر «الدولة اليهودية» على حاضره ومستقبله، فقد بات في شغل شاغل عنها ملتفتاً إلى همومه اليومية الثقيلة، وقد أضيف إليها همّ المصير داخل وطنه بعدما باتت دولته في دائرة الخطر، سواء نتيجة الاجتياح الأصولي الوافد الذي تطلبت مواجهته تدمير العمران واستنزاف موارد بلاده التي كان القسم الأكبر منها منهوباً والقسم الباقي بالكاد يكفي رواتب الموظفين، عسكريين بالدرجة الأولى، ومدنيين، فضلاً عن الحد الأدنى من الخدمات العامة.
لقد باتت كل دولة عربية، تقريباً، جرحاً مفتوحاً في جسد هذا الوطن العربي الكبير: طُويت رايات النضال القومي، وغابت أحلام العزة والمنعة والوحدة وتحرير فلسطين، وصار الهمّ الأكبر تأمين تكاليف الحياة اليومية، والأخطر: البحث عن الأمان.
على هذا يستطيع الإسرائيليون الوافدون من مختلف دول العالم أن يعيشوا في أمان.. مع أن ربعهم على الأقل قد استُوردوا مؤخراً كمستوطنين ومُكنوا من أن يجتاحوا القرى والدساكر والمزارع التي يملكها ويعيش فيها أهلها التاريخيون وأصحابها الدائمون من أبناء فلسطين.
ثم تجيء فتحدثنا عن الديموقراطية والانتخابات والأحزاب والكتل السياسية وتوزعها بين يسار صهيوني ويمين صهيوني ووسط صهيوني... في أي عالم من الأوهام تعيش أيها الذي تعيش في الفاصل بين حربين وفتنتين وتهجيرين... وهذه هي الأقطار العربية الغنية تطرد «الأشقاء» من رعايا الدول العربية الفقيرة الذين ذهبوا إليها يساهمون في بناء نهضتها العمرانية وتقدمها وتميزها بالأبراج وأحدث وسائط النقل والمطارات، وصولاً إلى الملاعب الرياضية الفخمة التي يمكن أن تُبنى بكلفتها مدن كثيرة لأهلها وليس للوافدين من أربع رياح الأرض المتمتعين بامتيازات لا يحلم بها الناطقون بالضاد.
ديموقراطية؟! ضع هذه الكلمة في قائمة المستحيلات كالوحدة العربية، وحقوق الإنسان وأولها الكرامة.. ثم بعد ذلك نتحدث عن الهزيمة الحتمية «للكيان الصهيوني» ومعه «داعش»، وأنظمة القهر العربية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب وانتخابات إسرائيل العرب وانتخابات إسرائيل



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya