خاشقجي والمواقف الثلاثة

خاشقجي والمواقف الثلاثة

المغرب اليوم -

خاشقجي والمواقف الثلاثة

بقلم : عبد الرحمن الراشد

لم يخف على العين عندما جاء الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء، إلى الرياض وجلس في الصف الأول حتى عندما لم يكن هناك أحد من البروتوكول الرسمي، ولا من كبار الضيوف بعد في مؤتمر مستقبل الاستثمار الذي عقد في الرياض.
قطع إجازته، وانضم إلى المناسبة رداً على دعوات المقاطعة التي تردّدت أخبارها في الوكالات العالمية، ووافق على المشاركة في الحوارات، وليس فقط بالحضور، وأكمل ثلاثة أيام. أيضاً امتلأ المنتدى بالشخصيات السياسية التي جاءت للتعبير عن تأييدها للقيادة السعودية.
ففي الأزمات الكبرى الحياد أيضاً موقف.
وكذلك أبدى الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، موقفاً قوياً مع الرياض. فقد سارع إلى تحذير راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإخواني، بعد أن نسب إليه تصريح يمالئ قطر وتركيا في حربهما الإعلامية ضد السعودية في قضية مقتل زميلنا الراحل جمال خاشقجي. وقال الرئيس السبسي: «نعتبر ما حدث لحاشقجي فظيعاً، لكن أن يُستغل للنيل من السعودية بكاملها، ويمس من استقرارها فهذا غير ممكن، فهو يمس استقرار كامل العالم العربي».
بالنسبة للسعودية تراها حرب وجود، والمواقف تقاس وفق ذلك. في الساحة ثلاثة مواقف، هناك فريق خصم، يسعى لتسييس الجريمة، واستخدامها في إسقاط، أو على الأقل إضعاف النظام السعودي، تتزعمه قطر وتركيا. وفريق يقف ضده متحالفاً مع الرياض، تتقدمه الإمارات ومصر والبحرين والكويت والأردن وغيرها. وقد سارع أمير الكويت الشيخ صباح لتوضيح موقف بلاده في اجتماع خاص مع عدد من نواب مجلس الأمة، معلناً لهم أنه مع السعودية في هذه الأزمة، «لن تتردد الكويت في الوقوف إلى جانب الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية في الحلوة والمرة، لأن المرحلة المقبلة غير سهلة، وتداعياتها لن تستثني أي بلد في المنطقة». وكانت الكويت نفسها عرضة للنشاط القطري الفوضوي المعادي، ونجمت مواجهات ميدانية في مارس (آذار) عام 2015، والفريق الثالث من الحكومات محايد، لم يتبن مواقف محددة وفضّل متابعة الأزمة عن بعد.
أما على المستوى الدولي فقد كان الموقفان الروسي والصيني صريحين برفض تسييس قضية مقتل خاشقجي، وأرسل البلدان ما يكفي للتأكيد على موقفيهما. والولايات المتحدة كانت ساحة الحرب الإعلامية، غالباً ضد السعودية، إلا أن الإدارة الأميركية تعاملت بحذر، بالتأكيد على العلاقة الخاصة مع حكومة الرياض والإعلان عن اتصالاتها معها، لكنها في نفس الوقت كانت لا تريد تحويل أزمة السعودية إلى أزمة لها أيضاً في ظل وطيس الانتخابات النصفية الحامي جداً. ورغم كل الضغوط ظل الرئيس صريحاً في التفريق بين المصالح العليا للولايات المتحدة في علاقتها مع الرياض، وبين التعاطي مع أحداث الجريمة نفسها. موقفه غاية في الأهمية، لأنه أفشل مساعي التصعيد من قبل لاعبي الأزمة، قطر وتركيا.
إنما كان هناك بلدان مهمان ومؤثران في المنطقة تعاملا معها بشكل مختلف. فإيران التي تعتبر نفسها خصماً صريحاً للسعودية التزمت الحياد طوال أسبوعين، مع تلميحات بأنها مستعدة لتأييد السعودية في حال وجدت بادرة من الرياض. وعندما رأت أن الموقف الأميركي يساند السعودية فتحت النار الإعلامية ضدها. الدولة الثانية إسرائيل التي اعتبرت ما يحدث استغلالاً لحادثة واحدة مقارنة بسجلات سيئة لعدد من دول المنطقة، وحذرت من أن التمادي يهدد استقرار المنطقة المضطربة أصلاً، وقالت إنه رغم خلافها تعتبر الهجوم الحالي على السعودية أمراً مرفوضاً. إسرائيل أصبحت لاعباً إقليمياً مهماً في كل القضايا، ولم تعد محصورة في النزاع الخاص بفلسطين.
معظم راسمي السياسات لم يغب عنهم ضرورة التفريق بين الجريمة البشعة والنزاع الإقليمي، والجريمة لن تدوم، أما النزاع فسيطول. والمصالح العليا للدول لا يمكن أن يفرط فيها فقط لأن تركيا وقطر قررتا توسيع دائرة الأزمة. وعند انتهاء الانتخابات النصفية الوشيك في الولايات المتحدة، ولأنه لم يعد الكثير بحوزة تركيا التي مارست لعبة التسريبات لشهر كامل، تعود الجريمة لمكانها الطبيعي، القضاء، ويلتفت السياسيون إلى شؤونهم الأخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خاشقجي والمواقف الثلاثة خاشقجي والمواقف الثلاثة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya