ألمانيا وفرنسا مع إيران

ألمانيا وفرنسا مع إيران

المغرب اليوم -

ألمانيا وفرنسا مع إيران

بقلم - عبد الرحمن الراشد

اختبار صفارات الإنذار في عدد من المناطق السعودية ليس عملاً روتينياً وسط أجواء المنطقة المتوترة، واستمرار الإيرانيين في إطلاق الصواريخ الباليستية مستهدفة المدن السعودية المكتظة سكانياً، من خلال وكيلهم الحوثي في اليمن، يعبر عن حجم المخاطر التي تواجه الجميع.
مع هذا، ورغم انتشار العنف المنظم من قبل النظام الإيراني، فإن الحكومتين الألمانية والفرنسية تسوقان لفكرة السكوت على حروب إيران، واحترام الاتفاقية النووية معها. مستشارة ألمانيا ميركل وبشكل صريح، ولأول مرة، تتحدث عن تعزيز سياستها الدفاعية العسكرية بعيداً عن الولايات المتحدة، وتقول للرئيس الإيراني هاتفياً إنها ملتزمة بالاتفاق والتعاون مع إيران. أيضاً، الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مع ميركل اختارا الانفصال عن واشنطن متعهدين للنظام في طهران بالمتاجرة معه، ومعلنين رغبتهما في الاستقلال بشكل أكبر عن حليفتهما الدائمة الولايات المتحدة.
المواقف المعارضة لقرار الرئيس الأميركي بنقض الاتفاق النووي مع إيران تطرح جملة تصورات تبدو إيجابية، لكنها في الحقيقة سلبية للغاية. قد يبدو تمسك فرنسا وألمانيا بالاتفاق على أنه أهون الشرين. يدعون أن موقفهم يعطي فرصة لإيران للتفكير والتعامل بإيجابية حتى لا تخسر أوروبا، بعد أن خسرت الولايات المتحدة. ألمانيا وفرنسا تسوقان موقفهما المنحاز إلى طهران على أنه من أجل منع النظام من العودة لبناء السلاح النووي وتعقيل سياساته.
إنما مقابل هذا الموقف المنفتح، لا يملك الألمان والفرنسيون ما يكفي لضمان سلوك طهران لا عسكرياً ولا اقتصادياً. وبالتالي يرسل البلدان إشارات خاطئة إلى المرشد الأعلى بأنه على حق في موقفه ضد واشنطن، وأنه ليس مطالباً بأي تصحيح في سياساته الإقليمية. نخشى أن رسالة ميركل - ماكرون هي التي ستدفع بمزيد من الفوضى والحروب في المنطقة.
ربما لا يكون الرئيس الأميركي، دونالد ترمب لبقاً، لكنه هنا على حق. الاتفاق النووي هو أسوأ صفقة في التاريخ المعاصر، ولا بدّ من تعديله. منطقة الشرق الأوسط، حتى بمقاييسها السيئة، لم تعرف حروباً وعنفاً وأخطاراً كالتي جاءت خلال وبعد توقيع الاتفاق. والمستقبل سيكون أسوأ ما دام النظام في إيران يرى أن القوى الكبرى تخلت عن أدوات محاسبتها. وما المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية في سوريا إلا نتيجة لذلك الاتفاق الذي منح النظام المال وسمح له بالانتشار، وتشعره أنه حر طليق في المنطقة. الأوروبيون يملكون حلولاً تضميدية لحروب ضخمة، مثل سوريا، بالتبرع بمزيد من الخيام والبطانيات، وهم هنا مخطئون. سوريا ستولد مزيداً من القلاقل نتيجة الإخلال بموازين القوى في المنطقة. وكما حاولوا في ليبيا التي تقع في محيط أمنهم مباشرة، أمن جنوب أوروبا. لم تسعَ أوروبا، كمجموعة ولا كقوى منفردة، معالجة الحرب الأهلية في ليبيا إلا فقط بنشر البوليس البحري لمنع المهاجرين. النتيجة أن عدم وجود سلطة مركزية وعدم تمكين السلام هناك، أصبحت ليبيا معبراً للآلاف من الأفارقة المستعدين للموت غرقاً من أجل الهجرة إلى أوروبا. أوروبا بسياستها النائمة تريد واحداً من حلين؛ إما أن تتحمل الولايات المتحدة عبء المواجهة العسكرية أو ترك دول المنطقة تحترق. أوروبا ليست قادرة على اتخاذ أي قرار حرب، ولا تملك القدرة على الاتفاق على عمل عسكري مشترك، ولولا التدخل الأميركي في البوسنة لربما كانت الأزمة قائمة إلى اليوم في أوروبا نفسها!
هل يمكن أن يقدم لنا الألمان والفرنسيون تصورهم للحل لما تفعله إيران في العراق وسوريا وغزة واليمن؟ إنهم لا يفعلون غير السعي لبيع السلاح، لكنهم يرفضون إرسال قوات أو تقديم معلومات استخباراتية أو خدمات لوجيستية! ربما باستثناء قوة رمزية فرنسية في سوريا لا نستطيع أن نقول إنها تحدث فرقاً على الأرض!
لهذا، فإن انحناء الأوروبيين للنظام الإيراني هو على حساب الشعب الإيراني المتململ، وعلى حساب دول المنطقة التي صارت كلها أهدافاً لإيران، ولَم يعد أمامها سوى أن تستعد لحروب أوسع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألمانيا وفرنسا مع إيران ألمانيا وفرنسا مع إيران



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya