الأوضاع الجديدة وتحديد النسل

الأوضاع الجديدة وتحديد النسل

المغرب اليوم -

الأوضاع الجديدة وتحديد النسل

بقلم : عبد الرحمن الراشد

خلال نقاشات التنمية الماضية لعموم المنطقة لم تكن دعوات تنظيم الأسرة، وبالذات تحديد النسل، تجد إلا إجابات متهكمة، أو ردوداً عدائية بأنها مشروع أجنبي مشبوه، حتى اكتظت البيوت والمدن، والنتيجة الاختلالات التي ترونها، وليس سهلا إيجاد حلول لها، الوظائف والمساكن والعلاج وسلسلة المتطلبات الحديثة الطويلة.

لكن مع انخفاض مداخيل الحكومات والأفراد انخفضت حدّة العداء والتوجس، ونلمس وعياً أفضل. هذه هي الحياة الحقيقية يحكمها توازن دقيق، والنعم قد لا تدوم. في الماضي كانت الأمراض والأوبئة، والمجاعات، والكوارث الطبيعية تحدّ من النمو البشري. ومع تقدم العلوم، واختراع اللقاحات، وتوفر العلاجات، وبناء السدود، وتطوير المنتجات الزراعية، وكيمياء حفظ الأطعمة، والتخصيب والتلقيح البشري طبياً، والكثير الذي مدّ من عمر الإنسان، تغيّرت معادلة علاقة الإنسان بالأرض والبيئة. وليس صدفة أن كل الدول الصناعية يلتزم سكانها بتحديد النسل في حين أن المجتمعات الفقيرة لا تفعل.

في منطقتنا، لم يكن أبداً ممكناً فرض تنظيم للأسرة، وقد فشلت الحكومات العربية التي جربته، وقامت الجماعات المعارضة بالتحريض ضد الأنظمة السياسية في كل مرة تجرّب ذلك، فقط من قبيل الخصومة السياسية.

وليست كل أسباب الفشل بسبب المعارضة بل إن معظمها في الواقع يعود إلى تدني الوعي، وسهولة الحياة بالنسبة للمجتمعات ذات الدخول النفطية العالية.

التوعية تبقى هي الدرب الأمثل لتغيير عادات المجتمع الخاطئة، ودفع الناس إلى مواءمة إمكانياتهم المادية مع رغباتهم وتصوراتهم الحياتية. من لا يملك دخلاً مالياً كبيراً عليه أن يفكر طويلاً في كيفية إدارة شؤون بيته وتكوين أسرته، لأسباب مادية، الغالبية لن تكون عائلات كبيرة العدد، ولن تبني بيوتاً من غرف وصالونات أكثر من حاجتها. وسيكتشفون، تدريجياً، أن فاتورة العائلة ليست إيجار السكن وطاولة الطعام، حتى تعليم الأبناء وتطبيبهم لهما تكاليفهما أيضاً، وستكلف معيشة عائلة من عشرة أفراد ضعف عائلة من خمسة.

الذي يحدث اليوم تصحيح لترتيبات الماضي العشوائية، بما فيها إدارة شؤون البيت، التي ستجبر الكثير على اتخاذ قرارات عائلية وشخصية جداً لأسباب اقتصادية، مثل الزواج المبكر، وتعدد الزوجات، والعائلة الكبيرة، وتوظيف المرأة. ولن يكون سهلاً تصحيح أوضاع الماضي الصعبة، فكثير من الأسر كبيرة العدد، وفي الوقت نفسه صغيرة المداخيل. إنما الذي يمكن هو استهداف الأجيال الجديدة بالتوعية، ليدركوا حقائق الحياة التي يشقون طريقهم فيها، وكيف أن ما يقررونه قد يكلفهم الكثير مستقبلا.

مع هذا نأخذ في الاعتبار أن مجتمعاتنا لن تقبل تدخل الحكومات في خصوصياتها العائلية. لن تقبل أن تكون مثل الصين، تحدد عدد أفراد الأولاد المسموح بهم لكل أسرة، وبالتالي لا يبقى من خيار سوى التركيز على التوعية الاجتماعية، والتعليمية في سن معينة. فتصحيح اقتصاديات السوق، الذي يتم التركيز عليه حالياً، من تخفيض للدعم على السلع الرئيسية، وارتفاع لتكاليف المعيشة المُحتملة، يتطلب تثقيفاً عائلياً يطابق التبدلات الجديدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأوضاع الجديدة وتحديد النسل الأوضاع الجديدة وتحديد النسل



GMT 08:09 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

انتهى الحجْر ولم ينته الخطر

GMT 04:39 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

تباشير اكتشاف اللقاح

GMT 05:11 2020 الخميس ,30 إبريل / نيسان

حكايات رمضانية

GMT 19:11 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

التنّمر على السودان

GMT 13:26 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

لو عادت المفاوضات

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya