فشل الوساطات رسالة للدوحة

فشل الوساطات رسالة للدوحة

المغرب اليوم -

فشل الوساطات رسالة للدوحة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

لم يعد هناك شك في أن الأزمة القطرية باقية معنا، وليست وشيكة الحسم، كما كان البعض يسوق لذلك، أو يظن آخرون متمنين أن تكون سحابة صيف قصيرة. وبفشل كل زيارات وزراء الخارجية، ووساطات رؤساء الدول، من أنحاء العالم، كله يبرهن على أن الدول الأربع ماضية في مطالبها.
أما لماذا نتوقع أن تطول، فلأنها مشكلة قديمة وتراكمية. فقد بدأت الشكوى من قطر منذ زمن طويل، عشرين عاما تقريبا.
ورغم تكرر الخلاف فإن بيان الدول الأربع في مطلع يونيو (حزيران) الماضي يمثل تطورا جديدا وهي المواجهة الأولى، الأكثر جدية وخطورة، عبر عن ذلك البيان الأول، قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية، ومنع المرور والعبور والمتاجرة وغيرها. ومنذ ذلك اليوم، وإلى الآن، المواجهة تحتد من الطرفين، وكانت كلمة أمير قطر المذاعة قبل أيام تعبر عن تصعيد لا تجسير، وبالتالي فالأزمة قاعدة بيننا إلى أشهر طويلة.
من خسر ومن كسب حتى الآن في الجولة الماضية؟ في رأيي، أن دولا مثل مصر والسعودية معتادة على الهجوم والحملات الإعلامية المعادية لها، وتستطيع التعايش معها. أما قطر فهي دولة عاشت مترفة ومحصنة، لم تهاجمها التنظيمات المتطرفة مثل «القاعدة» إلا مرة واحدة في التسعينات، ولا تملك كثافة سكانية كبيرة، أو ذات تنوع ثقافي وديني يهدد استقرارها مثل البحرين، وتنام على وسادة وثيرة في ظل حماية قاعدتين أميركيتين من الغزاة. ولقطر صورتان، حقيقية لا تزيد كثيرا عن الدولة العربية المعروفة سلبيا، وصورة إعلامية مزيفة، دولة حديثة وإيجابية وشبابية وذات سياسة معتدلة، وأنها بلد الحريات، والمستقل عن الضغوط والتبعية الأجنبية. وقليل من الناس كان يدري أن صورة قطر مزورة، أو على الأقل فيها مبالغة مفرطة.
في الأزمة الحالية هبط التراشق إلى أدنى مستوياته، والمتضرر بشكل أساسي هو الدوحة، لأن الطرف الآخر معتاد ومتعايش مع التشويه والاستهداف الإعلامي. لأول مرة يرفق اسم قطر بالإرهاب والفكر المتطرف، ومهما حاولت الحكومة هناك استئجار مزيد من شركات العلاقات العامة في واشنطن لإصلاح صورتها فلن تستطيع، لأن الضرر قد وقع، ولأن الطرف الآخر لا يزال يملك الذخيرة لإيصال رسالته. أما بالنسبة للجهود الإعلامية القطرية فإنها عمليا ذات رسائل مستهلكة ومكررة والحكومات معتادة على أن تتهم بها.
وفي المنطقة العربية فإن تكتيك الماكينة الدعائية القطرية قام على الأساليب القديمة مثل محاولة استغلال القضية الفلسطينية وربطها بمشكلتها، ولم تفلح. تحاول استعطاف مواطني هذه الدول بأن حكوماتهم متحاملة وكاذبة، وهي لن تجد من التعاطف إلا القليل نتيجة قيام الحكومات الأربع بتعطيل الجماعات «المحسوبة» على قطر من معلقين ودعاة وأكاديميين كانت قد استأجرتهم في السابق. وبالتالي أفسدت رقابة الدول الأربع على الحكومة القطرية استثمارها في هذه الأصوات بعد أن تم إسكاتها. والمسألة ليست حرية تعبير بقدر ما هي جماعات ضغط «لوبي» وعلاقات عامة مستأجرة بطريقة غير مشروعة من قبل حكومة أجنبية، الأمر الذي تمنعه معظم الأنظمة في العالم، أي تتلقي أموالا من حكومات أجنبية لقاء استئجار نشاطات سياسية.
الخلاف مع قطر سيصل إلى نهاية في آخر المطاف، ولا نستطيع أن نقول متى ولا كيف، ربما في العام المقبل.
وقطر هي التي تحت الضغط السياسي في المنطقة وستصل إلى طريق مسدود، لأنه لم يعد ممكنا لهذه الدول الصبر، وكذلك معظم دول المنطقة تشترك مع الدول الأربع في الشكوى من سلوك الحكومة القطرية وأذاها. معظم دول المنطقة تعتبر أن حكومة الدوحة تستهدف استقرارها، وبالتالي تعتبر الرد باستهداف قطر عملا مشروعا وضروريا. فهل الدوحة قادرة على تحمل مخاطر وتبعات سياساتها؟
استمرار الأزمة، ورفض الوساطات والضغوط، هدفه إرسال رسالة إلى الجارة والشقيقة قطر بأنها تلعب لعبة خطرة جدا، وعليها أن تقرر أمرا من اثنين التخلي تماما عن سياستها أو المغامرة بوجودها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فشل الوساطات رسالة للدوحة فشل الوساطات رسالة للدوحة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya