التشكيك في تحرير الكويت

التشكيك في تحرير الكويت

المغرب اليوم -

التشكيك في تحرير الكويت

بقلم - عبد الرحمن الراشد

قد تكون ذاكرة الناس قصيرة، لكن غزو الكويت كان حدثاً هائلاً مس حياة الجميع، لا أهل الكويت وحدهم، ولا تزال نتائجه تتداعى أمامنا، رغم مرور 27 عاماً عليه.
وفي الكويت ساحة مفتوحة للاختلاف السياسي والفكري عموماً، وهي سُنة حميدة لولا أنه ليست كل الأصوات مخلصة. وأحدث أسطوانة يروّج لها بعض الإخوان المسلمين والموالين لإيران، تهمش دور دول التحالف، مثل السعودية، في تحرير الكويت.
بداية، من يظن أن عملاً ضخماً، كمواجهة جيش من ربع مليون عراقي، تقدر عليه قوة واحدة، فهو جاهل؛ هذه هي القوات الأميركية في أفغانستان منذ 16 عاماً ولم تنجح، وكانت ثماني سنوات في العراق قد أقصت نظام صدام، لكنها لم تستطع أن تحافظ حتى على رئيس بلدية بغداد! فما بالكم بإعادة نظام سياسي بكل أركانه، وشعب إلى بيوته في ستة أشهر فقط. أنا لا أعرف عملية، مثل تحرير الكويت، في ضخامتها وسرعتها وجودتها ونجاحها.
من له الفضل، إذن؟
كل يحب أن يدعي الفضل، وله الحق في ذلك، لأنه كان عملاً ضخماً، متعدد الأدوار، سياسياً ودبلوماسياً وقانونياً وإعلامياً وإغاثياً.
اسمحوا لي أن أقص أحداث احتلال الكويت وتحريرها في إطاره الزمني آنذاك. فقد كان صيف عام 1990 تاريخاً عاصفاً في أنحاء العالم، لا منطقتنا فقط. قبل انهيار حدود الكويت بثمانية أشهر، سقط جدار برلين الشرقية، ثم انهار نظام يوغوسلافيا. وقبل الاحتلال بثلاثة أشهر، يسقط النظام في ليتوانيا. وقبل أن يرسل صدام قواته للكويت بشهر واحد، يفقد الاتحاد السوفياتي أهم جمهورياته، أوكرانيا. وخلال الأشهر اللاحقة، تقع أحداث عظيمة؛ غرب ألمانيا يبسط نفوذه على شرقها باسم الوحدة والحق التاريخي، فقط بعد شهرين من ادعاء صدام أن للعراق حقاً تاريخياً في الكويت. في هذه الفوضى والغبار الناجم عن انهيارات دول أوروبا الشرقية وجمهوريات سوفياتية في آسيا، يمكننا أن نفهم لماذا فعل صدام ما فعله، اعتقاداً أنه يساير حركة التاريخ الجديدة.
وأنا لا شك عندي بأن موقف السعودية تحديداً، وهذا لا يقلل من قيمة الآخرين في تلك الأحداث، له الدور الأساسي في وقف حركة التاريخ التي خطط لها صدام آنذاك. أقولها لأني اعتبر نفسي تلميذاً في التاريخ السياسي، أنظر إلى ما وراء الحدث الواحد دون التورط في نظريات المؤامرة. ما حدث للكويت كان يمكن أن ينتهي بسيناريوهات مختلفة غير تحريرها، وكلها منطقية.
بخلاف ما يفهمه البعض، فصدام لم يكن خصماً للولايات المتحدة، بل على علاقة جيدة، تطورت مع تعاون عسكري واستخباراتي في الحرب ضد إيران. ولم يكن مستبعداً أن تتعامل واشنطن مع الحدث وفق مصالحها، سواء بالتوصل لحل جزئي، مثل الاعتراف بحكومة كويتية دمية هناك، أو القبول بالاحتلال إن لم يهدد مصالحها الاستراتيجية. وهذا ما حاول إيصاله صدام لحكومة جورج بوش، وسعى لإقناع السعوديين به أيضاً. الوسطاء، بالنيابة عن صدام، وأبرزهم كان العاهل الأردني الراحل المقرب من واشنطن، كان يؤمن ويدعو لحل سياسي.
لحسن حظ الكويت، ولسوء حظ صدام، أن العاهل السعودي، الملك فهد رحمه الله، قرر أن يواجه صدام مخاطراً تقريباً بكل شيء. وكان محظوظاً بسفيره في واشنطن، الأمير بندر بن سلطان، الذي لا شك أنه دبلوماسي غير عادي. وجرى سباق بين حلفاء صدام وحلفاء الكويت، كل يستميل الحكومة الأميركية إلى جانبه. بندر حرض رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت ثاتشر التي قالت لبوش: «جورج، هذا ليس الوقت لأن تكون رخواً». واستمر الصراع السياسي بين الفريقين العربيين في واشنطن طوال خمسة أشهر فاصلة بين الاحتلال والتحرير. وللتذكير، فإن واشنطن تركت الباب مفتوحاً للحل السياسي إلى العام التالي، ولم يطلب بوش موافقة مجلسي الكونغرس على الحرب إلا في 12 يناير (كانون الثاني)1991، ولم يحصل إلا على أغلبية بسيطة تسمح له بإعلان الحرب.
وهناك سيناريوهات كثيرة كان يمكن ألا تتحرر فيها الكويت، أبرزها احتمال امتناع واشنطن عن الحرب، لو أقنعها صدام بعدم التعرض لمصالحها، أو إقناعها بحل شكلي، أو انشغال قوات أميركا في دول الاتحاد السوفياتي التي كانت في حالة انهيار، أو تأجيل حسم قضية الكويت لسنوات. وقد جرب السوفيات في اجتماع هلسنكي إقناع بوش بحل سياسي، وكذلك حاولت فرنسا. وإلى يومين قبل هجوم 17 يناير، أعلن صدام استعداده للانسحاب بشروط، ولم يكن مصدقاً أن الحرب ستقع حتى شاهدها تبدأ على شاشة CNN. لا شك أن الضغط السعودي مكن من قيام الحرب، وهي التي سهلت لها كل شيء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التشكيك في تحرير الكويت التشكيك في تحرير الكويت



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:08 2018 الأحد ,29 إبريل / نيسان

ابرز اهتمامات الصحف العراقية الاحد

GMT 17:21 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

بدر بانون يمدد عقده مع الرجاء قبل الرحيل

GMT 19:03 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

امحمد فاخر يحذّر الجيش من التفريط في برحمة

GMT 13:07 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

حسبان يؤكد أنه ورث وضعية كارثية وأنه رهن الفريق

GMT 02:04 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

سلمى أبو ضيف تتعاقد على "بني يوسف" بطولة يسرا

GMT 15:57 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

"مزيكا" تكشف عن ديو غنائي يجمع بين مجد القاسم وشقيقه

GMT 15:47 2016 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فوائد الحمص لبناء العضلات والأنسجة السليمة

GMT 01:51 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير الفتح تطالب بدرع البطولة

GMT 11:33 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يغادر المغرب باتجاه دولة إفريقية

GMT 21:18 2019 الخميس ,11 إبريل / نيسان

4 كلمات تكفي نجم يوفنتوس لحسم موقفه أمام أياكس

GMT 16:08 2019 الإثنين ,18 شباط / فبراير

سيدة تضع 7 توائم في أوّل ولادة لها شرق العراق

GMT 14:25 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

تعرَّف على طرق تنسيق الأحذية "البوت" مع "الجينز"

GMT 07:00 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على خطوات تنظيف فرن الغاز من "بقع الزيت"

GMT 10:24 2018 السبت ,22 أيلول / سبتمبر

"بي إم دبليو" تطلق سيارتها الجديدة " M Sport X"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya