الصديق الذي فقدناه وفقد صوته

الصديق الذي فقدناه وفقد صوته

المغرب اليوم -

الصديق الذي فقدناه وفقد صوته

بقلم : عبد الرحمن الراشد

صدمتنا وفاة سعد السيلاوي، صديق قديم ترك لنا ولمحبيه الكثير من الصور، والقصص، والعبر، والعواطف، ملأ حياتنا لسنين بالمحبة والمرح. كان نموذجاً للإعلامي الذي لا ينام، حتى في أحلك أيامه وأصعبها. عندما داهم السرطان الخبيث حنجرته أخذ أغلى ما عنده، قدرته على النطق، رأسماله كصحافي تلفزيوني ومراسل ميداني ومتحدث دائم. مع هذا لم يسكت رغم كل العوائق. عندما دخلت عليه في غرفته في المستشفى، قبل نحو ست سنوات، كان قد أفاق للتوّ من العملية، واكتشف أنه لا يستطيع النطق، أخذ ورقة وقلماً وباشر يحدثنا عن كل شيء إلا عن نفسه وعن مرضه، يكتب كلاماً كثيراً، كأنه يتحدث وكأنه لم يفقد صوته. عدناه في المستشفى، كأي صديق نريد أن نشد من عضده في ذلك اليوم المفجع، كنا قلقين لأننا لم نعرف كيف سنخاطبه. أبو سري هو من خفف عنا ورفع معنوياتنا، وجعل يوم مرضه يوماً سعيداً مرحاً، ضحكنا من حديثه طويلاً، رغم أنه لم يكن يقدر على أن يتفوه بكلمة واحدة. خط على الورقة يمازح الجالسين ويطالع في وجوههم ويضحك أيضاً. هذه شخصية غير عادية في أعظم محنة مرت به.

هذا الرجل المدهش عاش بعدها بحنجرة مثقوبة، ولا صوت له إلا أن يضغط على جهاز معلق في حنجرته، مع هذه الصعوبات لم يصمت أبداً. كان يعبر عن الجميع، واستمر رغم المشقة والألم والدم يدير الأحاديث بإصبعه على حلقه ليخرج منه صوتاً مبحوحاً. وجرّب طبيبه أن يقنعه أن يستخدم جهازاً مساعداً يتحدث آلياً لكنه رفضه واختار أن يتحدث من حنجرته المثقوبة، وهكذا عاش حياته الجديدة الصعبة، ولم أره يوماً واحداً ساكتاً أو شاكياً.

تحديه للمرض ليست ميزته، بل هو من الإعلاميين المثابرين، مجده من صنع يده، ومجد آخرين أيضاً شارك في صنعه. سعد السيلاوي نموذج للصحافي النادر حقاً، لم يكن يكتفي بالعمل في محيط مدينته، من أوائل الذين ذهبوا للعراق فور سقوط نظام صدام رغم المخاطر، وإلى القدس وغزة، ومر على العواصم والقمم المتعددة، ورافق ملوكاً ورؤساء، وغطى المظاهرات، وتحمل الملاحقات، وجُرَّ إلى المحاكم في قضايا كيدية، وتولى قيادة الفرق الإعلامية، وفتح الباب للمبتدئين ليعملوا معه. لا نجد شخصاً مثله في الإعلام وصديقاً أفضل منه، وقلما نجد قلباً كقلبه الكبير وابتسامته العريضة الدائمة، 

لا يمكن لنا أن ننسى أبو سري، لأنه كان جزءاً من أسعد أيامنا، وجزءاً من عملنا ومن نجاحنا. 
إنه لمن المؤسف أن من في الخامسة والخمسين، هكذا ينقضي عمره ويختفي من حياتنا وحياة أهله، لكنها الإرادة الإلهية. 

تعازينا لزوجته روابي التي فقدت في أسبوع، أغلى اثنين في حياتها أبيها وزوجها، ولابنه سري وبنتيه ركين وروزانا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصديق الذي فقدناه وفقد صوته الصديق الذي فقدناه وفقد صوته



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب

GMT 02:54 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة تحضير الدجاج على الطريقة الايطالية

GMT 22:16 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

لعبة ROME: Total War – Barbarian Invasion متاحة على أندرويد

GMT 00:45 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

أجمل وأفضل 10 أماكن سياحية عند السفر إلى السويد

GMT 01:55 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميرنا وليد تُؤكّد على أنّ "قيد عائلي" مكتوبٌ بحرفية عالية

GMT 10:55 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود خياركِ الأول لأجمل عبايات مخمل شتاء 2019
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya