السعودية وتركيا والزعامة

السعودية وتركيا والزعامة

المغرب اليوم -

السعودية وتركيا والزعامة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

الزعامة حكاية قديمة ومستمرة في الخيال الإعلامي، إنما الزعامة هي نتيجة وليست قراراً. وحتى قبل أزمة مقتل جمال خاشقجي، والحديث يدور حول وجود التنافس على الزعامة. فهل هي حقيقة أم وهم، وما معاييرها؟

في مفهوم الزعامة في منطقة الشرق الأوسط الكثير من التخيل المستنسَخ من عصور الإمبراطوريات، ومعظمه دعائي سياسي إعلامي.

هناك معايير في قياس مفهوم القوة، العظمى وهي الولايات المتحدة، والقوى الكبرى مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي. تقاس بالتفوق العسكري والاقتصادي والتكنولوجي والثقافي وليست بالقوة النووية فقط أو بالتضخيم الإعلامي. وفي حال أردنا أن نطبّق هذه المعايير في منطقتنا سنرى أمامنا مجموعة من القوى الإقليمية لا واحدة متفوقة. والتفوق العسكري مثلاً لا يكفي وحده، فإسرائيل هي القوة الإقليمية الأقوى عسكرياً وتقنياً، لكنها تبقى صغيرة المساحة ومحاصَرة وليست قوة اقتصادية إقليمية. تركيا كبيرة وتملك رابع جيش في العالم وعضو في الناتو، لكنها، مثل إيران، لا تشارك دول المنطقة اللغة وتعاني من محددات جيوسياسية تحدّ من نفوذها، كما رأينا عجزها في حرب سوريا. إيران كبيرة وطموحة للزعامة عوّلت على القوة أربعين سنة وهي اليوم قوة منتشرة، لكنها أفقر بلد في المنطقة. في الشرق الأوسط عدة رؤوس، وليس زعيماً واحداً ولا أمة قائدة واحدة. حلم الزعامة هو الذي دمّر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ومشروعه في امتحان واحد، حرب 67، لأنها زعامة بُنيت على الدعاية.

ماذا عن تركيا والسعودية؟ كلا البلدين يملك مقومات القوة: المساحة، والسكان، والجغرافيا، والموارد الهائلة، والاستقرار الداخلي، وقوة النظام السياسي، مع هذا لا أجد مجالاً للقبول بدعوى التفوق والزعامة في الإقليم. أما زعامة المسلمين في العالم فهي عبارة مجازية، روحياً السعودية هي القائدة لأن فيها الأماكن المقدسة يصلي باتجاهها مليار مسلم خمس مرات في اليوم ويحجون إليها، تركيا لا تملك شيئاً مقدساً للمسلمين. اقتصادياً السعودية أكثر تأثيراً، وقد حاولت تركيا أن تكون قوة اقتصادية، فتمددت من كردستان العراق إلى ليبيا لكنها خسرت استثماراتها مع حروب الربيع العربي. وهي الآن تحاول التمدد عسكرياً على حساب قطر في البحر الأحمر والخليج، لكننا نعرف أن هذا وضع مؤقت وبعد سنوات قليلة ستتوقف الدوحة بعد تبديد مدخراتها وتنسحب تركيا. السعودية حاولت سياسياً بناء جبهات لكنها الأخرى عانت وعجزت عن توحيد صف المجموعة الموالية لها.

بعكس إيران وتركيا، تقوم السياسة الخارجية السعودية على مفهوم دفاعي وليس هجومياً. تبني شبكة معقدة من التحالفات وبوسائل متعددة، مثل تحالف حرب في اليمن، وتحالف لمواجهة صدّام عقب احتلاله الكويت، ومواجهة إيران اليوم. في نظري لن تستطيع قوة إقليمية تحقيق الزعامة مهما كانت مسلحة حتى أضراسها وجائعة للسيطرة والتوسع، مثل إيران. فالكلفة عليها عالية جداً، وقد تتسبب في انهيار الدولة، وهذا ما أصاب نظام صدام حسين في العراق المهووس بالقوة والزعامة، فأمضى كل سنوات حكمه في حروب ضخمة وخاسرة. لهذا لا تعدو المراهنات على زعامة المنطقة كونها تخرصات صحافية أو طموحات جاهلة.

عدا ما يُكتب إعلامياً، لا توجد منافسة تركية سعودية حقيقية على الزعامة، هناك تنافس على قضايا وملفات، وهناك توافق على أخرى، إلى حين وفي انتظار تفاعلات قضية خاشقجي. وهذا ما رمى إليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عندما قال بأن هناك من يحاول خلق شرخ مع تركيا. لأن سياسة الرياض دفاعية عن حدودها وفلكها الإقليمي وليست منافساً لتركيا، وهذا يفسر لماذا معظم تركيزها ينصبّ على مواجهة إيران، على أمل أن يتخلى النظام هناك عن سياسته العدوانية التوسعية، أو أن تتم محاصرته وتقليل أضراره على المملكة والمنطقة.

الزعامة الحقيقية نتيجة نهائية وليست قراراً رئاسياً، تعكسها قدرة الدولة على تفوق اقتصادي وعلمي وتقني وصناعي وعسكري وثقافي ودبلوماسي، ولا يمكن أن تنجح دولة وحدها ما لم تصل نجاحاتها إلى المنطقة أيضاً. كما قال الأمير: دبي نموذج ومختبر، والسعودية أو مصر رافعة لكل المنطقة. وستبقى الزعامات أساطير إعلامية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية وتركيا والزعامة السعودية وتركيا والزعامة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya