عام جديد

عام جديد

المغرب اليوم -

عام جديد

عمرو الشوبكي

مع اليوم الأول فى العام الجديد تبدو مصر فى مفترق طرق، فيكبل تقدمها نظام موروث منذ ما يقرب من 40 عاما اتسم بالجمود والفساد وسوء الإدارة، وأمامها تحديات ما بعد 30 يونيو من إرهاب قوّض دولاً حولنا، ومجال سياسى مقيد، وبرلمان قيد الإنشاء، وأحزاب ضعيفة، وانقسام مجتمعى بين شباب وكبار، وأغلبية شعبية مؤيدة للنظام الجديد، وأقلية معارضة تنقسم بدورها إلى قسمين، الأول يعارض توجهات الرئيس ولديه مشكلة مع ما يراه تدخل المؤسسة العسكرية فى العملية السياسية، وقسم ثان لا يعارض بالمعنى السابق ولا بالمعنى الذى عرفناه فى مصر طوال عهودها الملكية والجمهورية، إنما يرغب فى هدم المسار كله على رؤوس 85 مليون مصرى، فلا يهم أن يموت ويجوع ملايين المصريين، ولا يهم أن يبقى جيش مصر متماسكا وقويا وليس مهما أن يأتى محتل داعشى أو أمريكى، فالمهم أن تحكم الجماعة ولو على أنقاض البلد كله.

التحدى الكبير فى 2015 كيف «نهندس» العلاقة بين السلطة والسياسة، وكيف نبنى مسارا جديدا يختلف عن المسار الذى بقينا فيه طوال عصر مبارك، فالشراكة التى غابت بين الدولة والسياسيين عادت لفترة قصيرة بعد 30 يونيو، وكان أداء بعض الوزراء القادمين من الحركة السياسية مخيبا للآمال ودافعا للحكم الجديد للاعتماد بصورة كاملة على رجالات الدولة.

تحدى 2015 أكبر مما يتصوره البعض، لأن أخطر ما فيه أنه عام فاصل بين التعثر، وربما الفشل، وبين الخروج من عنق الزجاجة، الخطر ليس فى عودة مسار المراهقة الثورية الذى راج بعد 25 يناير، ولا الفعاليات التخريبية التى وصفها البعض بالثورية، ولا فى عودة حكم الإخوان مرة أخرى رغم أنف الشعب المصرى، ولا فى عدم سماعه لمقولات المعارضة، إنما الخطر الأكبر فى عدم قدرة النظام الجديد على حل الجانب الأكبر من مشكلات مصر ووضع مشروع سياسى جديد ينقل البلد خطوة أو خطوات للأمام.

هل تتذكرون حين كنا نطالب نظام مبارك: احترموا فقط القوانين التى وضعتموها لأنفسكم ولا نقول تبنوا كلام المعارضة، إنما ضعوا بمحض إرادتكم قيمة أو قاعدة واحدة ولا تهدروها بأنفسكم.

تحدى 2015 هو فى أن النظام الجديد لم يضع بعد قيمه جديدة تغير مما هو سائد داخل المجتمع والدولة مثلما فعل عبدالناصر فى مواجهة قيم النظام الملكى، والسادات فى مواجهة قيم عبدالناصر، ومثلما حاولت ثورة 25 يناير أن تفعل وتبث قيما جديدة فى قلب المجتمع المصرى قبل أن يحاول البعض اختطافها لحسابه الخاص. صحيح هناك دائما رسائل رئاسية تحث على العمل والإنتاج وتكريم العامل والفلاح المنتج والعالم المبدع (وليس فقط أفضل راقصة)، ولكنها تظل غير كافية.

مصر فى 2015 ستحتاج إلى وضع إطار قيمى وقانونى وعقد اجتماعى وسياسى جديد يمتلك رؤية للتعليم والبحث العلمى ويضع منظومة جديدة تنظم عمل الإعلام وفق قواعد مهنية متعارف عليها فى العالم كله، وتجاوز سياسة الحياد السلبى التى لن تفيد أحدا.

تحدى 2015 سيكون فى وضع اللبنة الأولى لبناء نظام سياسى قابل للتحول الديمقراطى، والأخطر هو مدى قدرته على قبول التنوع الداخلى وعدم محاربته مثلما كان يجرى فى عهد مبارك لكل الوجوه التى تطل على الساحة السياسية على اعتبار أنها يمكن أن تكون منافسه، وتعود الوجوه «الضل» مرة أخرى، وتتوارى كل الكفاءات والمواهب والشخصيات المضيئة.

نعم لأننا لم نجد من يفكر فى 11 فبراير 2011 فى بدائل سريعة من داخل النظام والدولة ومقبولة شعبيا (أسماء مثل عمرو موسى، وكمال الجنزورى، وأحمد شفيق، والراحل منصور حسن) لتمثل الجسر المصرى بين القديم والجديد مثلما فعل السبسى فى تونس، لأن أركان النظام كانت تغير وتكره كل شخصية مضيئة وذات كفاءة، فحاربت الكل وسلمت البلد للإخوان، وكنا قاب قوسين أو أدنى من سقوط كبير يقضى على الأخضر واليابس.

سيطالب كثيرون (ونحن منهم) بالديمقراطية، ولكن غالبية الشعب المصرى ستطالب النظام الجديد بمشروع هو ماذا سيقدم وماذا سيغير؟ سيكون مطلوبا أن يضع تصورا لإصلاح تدريجى لجهاز الدولة وتطوير الداخلية والقضاء، وعينا حقيقية على ما يجرى داخل كل مؤسسة وكل وزارة من حجم الترهل والفساد وليس تغيير المسؤول على طريقة «التالتة تابتة»، فتغيير الشخص أثبتت الأيام أنه لم يعنِ فى أغلب الأحيان تغيير المنظومة.

العام الجديد عام التحديات الكبرى، وهو عام فاصل فى تاريخ مصر، فهو يذكرنا بـ2009 مع فارقين رئيسيين: أن هناك فرصة (ونوايا طيبة) حقيقية للإصلاح لم تكن موجودة لدى نظام مبارك، والثانى أن الخطر الأكبر سيتعلق بقدرة النظام والدولة بأدواتهما غير السياسية على مواجهة التحديات الكثيرة التى تحاصرهما من كل جانب وليس فى ثورة الملايين عليه كما جرى فى عهد مبارك، فهناك تيار شعبى غالب يؤيد الحكم ولن يقبل بتهديد أى قوى سياسية معارضة للنظام القائم، ولكن الخطر الأساسى ليس فى هذه القوى، إنما من داخل النظام نفسه، ومدى قدرته على تطوير أدائه وبناء مشروع سياسى جديد.

عام جديد ملىء بالفرص والتحديات.. وكل سنة وأنتم جميعا بألف خير.

[email protected]

"المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عام جديد عام جديد



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya