المعادلة الكردية الجديدة

المعادلة الكردية الجديدة

المغرب اليوم -

المعادلة الكردية الجديدة

عمرو الشوبكي

الحرب المزدوجة التى أعلنتها تركيا ضد حزب العمال الكردستانى وتنظيم داعش فى طريقها أن تصبح حرباً ضد الأول أكثر منها معركة ضد الثانى.

والحقيقة أن قيام تركيا بغارات جوية ضد تنظيم داعش داخل الأراضى السورية عقب العملية الإرهابية التى شهدتها مدينة سروج التركية ذات الأغلبية الكردية وراح ضحيتها 33 قتيلا، والقول بأنها بدأت حربا ضد التنظيم الإرهابى، سرعان ما تحولت الدفة وبدا واضحا أنها تستهدف بشكل أساسى عناصر حزب العمال الكردستانى داخل الحدود التركية وفى داخل الأراضى العراقية على السواء.

والحقيقة أن التحول الكبير والتاريخى الذى حدث فى المعادلة الكردية داخل تركيا تمثل فى انتقالها من معادلة تقوم على وجود تنظيم كردى يمارس العنف والإرهاب وجماعات حقوقية ومدنية تدافع عن قضايا الأكراد وتنتقد ممارسات الدولة التركية، إلى ظهور حزب سياسى شرعى كردى يتحرك داخل إطار قوانين الدولة التركية والشرعية القائمة.

والحقيقة أن معادلة وجود تنظيم كردى يمارس عنفا وإرهابا، وآخر يمارس السياسة والسلمية هى معادلة معقدة للغاية وحدثت فى عدد قليل من التجارب الديمقراطية العريقة، وهى تمثل تحديا حقيقيا للنظام السياسى التركى، خاصة بعد أن حصل حزب الشعوب الديمقراطية الموالى للأكراد على حوالى 12% من أصوات الناخبين وتجاوز عتبة الـ10% الملزمة للتمثيل داخل البرلمان التركى وأصبح لأول مرة فى تاريخ الجمهورية التركية هناك حزب سياسى كردى ممثل بشكل شرعى فى البرلمان.

وبالتوازى مع هذا الحزب هناك حزب العمال الكردستانى الذى مازال يأخذ من بعض المناطق الكردية فى العراق منطلقا لأعماله الإرهابية وهو يؤمن «بالعنف الثورى» ضد الدولة التركية لتحقيق أهدافه السياسية، وهى الوصول فى النهاية لدولة كردية مستقلة على أجزاء من أراضى سوريا وتركيا والعراق (لها حكم ذاتى الآن) وإيران، وهو أمر يعتبر من الخطوط الحمراء التى لا يمكن مجرد السماح بمناقشتها داخل تركيا.

وقد أعلن أردوجان عقب المعارك الأخيرة ضد التنظيم الكردى أنه يستبعد فكرة مواصلة عملية السلام مع المتشددين الأكراد، ويتعهد بعدم تراجع بلاده عن محاربة «الإرهاب»، ودعا إلى محاكمة زعماء حزب الشعوب الديمقراطية وحث البرلمان على تجريد نوابه من الحصانة بسبب صلاتهم بحزب العمال الكردستانى المحظور.

وقد أدت تصريحات أردوجان ومواقفه إلى إعلان رئيس حزب الشعوب الديمقراطى الكردى عدم ارتكاب الحزب أى مخالفات، وقال إنه يتعرض لعقاب بسبب نجاحه فى الانتخابات، واتهم الحزب أيضا أردوجان بعرقلة خطة عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستانى المسجون، لدعوة أنصاره إلى إلقاء السلاح.

والحقيقة أن هذا السجال بين الرئيس التركى ورئيس حزب الشعوب الديمقراطية هو بداية لمرحلة جديدة لم تعتدها الخبرة السياسية التركية، وليس من المؤكد أن تستطيع تجاوزها فى ظل حكم أردوجان وطريقته التسلطية فى إدارة البلاد.

ففكرة القبول النفسى والسياسى والشعبى بوجود فصيل يمارس الإرهاب وآخر يمارس السياسة مسألة صعب قبولها لدى قطاع واسع من الرأى العام، وتحتاج إلى جهد من النظام السياسى للتعود عليها وإقناع الناس بضرورتها وليس العكس كما يفعل أردوجان الذى يحرض ضد حزب الشعوب الديمقراطية حتى يضمن أخذ كل الأصوات غير الكردية التى ذهبت إليه فى أى انتخابات برلمانية مبكرة.

معادلة الأكراد الجديدة فى تركيا مهمة، وقد تغير من أوضاع تركيا الداخلية ومن خريطتها السياسية والحزبية، خاصة أن أردوجان حين يقصف مواقع حزب العمال عينه على أصوات الناخبين القوميين فى محاولة أخيرة للحصول على أصواتهم فى أى انتخابات مبكرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعادلة الكردية الجديدة المعادلة الكردية الجديدة



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya