الإرهاب المتلون

الإرهاب المتلون

المغرب اليوم -

الإرهاب المتلون

عمرو الشوبكي

أسوأ قراءة للإرهاب هى تلك التى نسمعها الآن، وتتلو علينا صباحاً ومساءً اكتشافها العبقرى بأن الإرهاب سيئ ومجرم وقاتل، وأن هؤلاء الإرهابيين شراذم وفئران وعملاء، وهى كلها دعاية إعلامية لا نحتاجها كثيرا، لأن المطلوب معرفة صور الإرهاب الجديدة حتى نستطيع أن نهزمه.

والسؤال الكبير: هل تغليظ العقوبة والقوانين الاستثنائية والطوارئ يمكن أن تهزم الإرهاب؟، والإجابة يقينا بلا، لأن معضلة هذه الإجراءات أنها تتصور أن الإرهاب الحالى هو عبارة عن تنظيم كبير معروفة قياداته ومعظم أعضائه لأجهزة الأمن، والحقيقة أنه باستثناء سيناء التى يقدر عدد أعضاء الجماعات التكفيرية فيها بحوالى 3 آلاف عنصر، فإنه لا يوجد تنظيم متماسك شبيه بتنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية فى السبعينيات، أو تنظيم الإخوان قبل ثورة يناير حتى نقول إن الطوارئ والإجراءات الاستثنائية قادرة على ردع أعضاء هذه التنظيمات.

الإرهاب الحالى هو إرهاب خلايا بالعشرات، وحتى إرهاب الإخوان يمارس من خلال عناصر غير معروفة، وبعضها لم ينتم تنظيميا للجماعة ولا يوجد جسم تنظيمى قادر على أن يصدر أوامر لعشرات الآلاف من الأعضاء كما كان يجرى من قبل، إنما هناك توجيه من قبل بعض القيادات بممارسة العنف، وتجتهد كل خلية بطريقتها فى تنفيذ هذه التوجيهات، بدءا من تفجير أبراج الكهرباء وحتى اغتيال الشخصيات العامة ورجال الأمن.

الإرهابيون الجدد ليسوا مثل الإرهابيين القدامى، فهم جزء من شبكات تواصل اجتماعى أكثر منهم جزءاً من تنظيمات عقائدية، وهم يعرفون من الدين قشوره، وأغلبهم لم يثقف نفسه فقهيا وعقائديا كما فعل أعضاء التنظيمات الجهادية قبل 11 سبتمبر، وظهرت خلايا متفرقة تضم العشرات بدلا من خبرة تنظيمات تضم الآلاف، تعيش على مقولة سياسية مبسطة فحواها الثأر والانتقام.

الفارق الرئيسى بين إرهاب عصرى مبارك والسادات وبين الإرهاب الحالى يكمن فى أن الأول عرف تنظيمات عقائدية تنطلق من فكرة تكفير الحاكم والثورة المسلحة عليه ونجح فى اغتيال الرئيس السادات، ووجه ضربات لكثير من قيادات الدولة والسياح والمسيحيين والشخصيات العامة، وبصورة ربما أكثر اتساعا من الإرهاب الحالى، فى حين أن فى الوضع الحالى هناك خطاب المظلومية الإخوانى الذى يدفع البعض لممارسة العنف لأسباب انتقامية وسياسية وليست عقائدية، كما أن تفكيك البيئة الحاضنة المتواطئة مع العناصر الإرهابية الحالية هو الذى سيحسم معركة الإرهاب فى الوقت الحالى، خاصة فى سيناء، وليس فقط ضرب الخلايا الإرهابية، وذلك على عكس إرهاب التنظيمات العقائدية فى نهايات القرن الماضى الذى كان بلا بيئة حاضنة تذكر، وكانت قوته فى قوة تنظيماته، وحين انكسرت هذه التنظيمات تراجع الإرهاب.

البيئة الحاضنة لجماعات العنف الآن هى أخطر من الإرهاب نفسه، لأنها تخص قطاعا، ولو محدودا من المجتمع، يمتلك رواية سياسية مكتملة (مهما كان الرأى فيها)، وتملكتها رغبة عميقة فى الثأر والانتقام تصل فى حدها الأقصى فى سيناء، ونجحت فى استقطاب قطاعات ولو محدودة من الشباب وورطته فى الإرهاب الجديد المتلون وغير المرئى ودون أن يدرى به أحد إلا بعد ارتكاب جريمته.

والواضح أن الدولة فى مصر تبنى استراتيجيتها على مكافحة الإرهاب وفق واقع السبعينيات حين كانت هناك تنظيمات عقائدية كبيرة مثل تنظيمى الجهاد والجماعة الإسلامية، فى حين أن الإرهاب المتلون يضم وجوها جديدة صنعتها مواقف وإحباطات ودوافع ثأرية، وهى كلها أمور لن تواجه فقط بالردع الأمنى إنما بمقولات وممارسات سياسية أخرى قادرة على حصارها وتحييد بيئتها الحاضنة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب المتلون الإرهاب المتلون



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya