الرهانات الخاسرة

الرهانات الخاسرة

المغرب اليوم -

الرهانات الخاسرة

عمرو الشوبكي
هناك رهانات خاسرة يتصور البعض أنها ستُكسبه المعركة السياسية الحالية، وهناك تصورات وهمية يعيد بها البعض تصوراته السابقة التى كانت عبارة عن سلسلة متتالية من الاختيارات الفاشلة، وهناك أهل الحكم الذين لا تعرف بالضبط على ماذا يراهنون: الوقت الذى يهدئ الأمور، أم ضعف المعارضة وهشاشتها كما يرددون، وبالتالى تركها تصرخ دون مجيب؟! الحقيقة هناك مجموعة من الرهانات الخاسرة التى اعتاد عليها البعض ويكررها مع كل أزمة كبيرة أو صغيرة، فهناك من يتصور أن الحل فى انهيار العملية السياسية وسقوط النظام عبر الفوضى العارمة وقنابل المولوتوف، ليأتى الجيش و«يلم الموضوع» ويحكم بدلاً من الإخوان، الذين يُفترض أن يسلموا السلطة التى وصلوا إليها بانتخابات حرة بكل سلاسة للانقلاب الجديد، الذى سيرضى عنه «حَمَلة المولوتوف» والأسلحة البيضاء والخرطوش لعدة أشهر ثم يطالبون بإسقاطه مرة أخرى لأنه ليس لديهم أى بديل إلا «يسقط» حتى لو كان الرئيس القادم. المذهل أن هؤلاء هم أنفسهم الذين طالبوا بسقوط حكم العسكر وهم الذين شتموا الجيش وأهانوه ببذاءة، وعادوا اليوم يطالبونه بالتدخل السياسى دون الأخذ فى الاعتبار أى مصلحة وطنية تحتم أن يكون الجيش محترماً ومصوناً ومحافظاً على أمن مصر القومى وخارج العملية السياسية. هذا الجيش بفضله نجحت الثورة المصرية فى أن تُسقط مبارك دون أى خسائر تذكر، وبفضله لم تسقط الدولة ومعها مئات الآلاف من الضحايا مثلما جرى فى أكثر من بلد عربى. والحقيقة أن بقاء الجيش بعيداً عن تفاصيل المشهد السياسى، ووعيه بأنه لن ينجر لصالح طرف سياسى فى مواجهة آخر، وأنه ستكون كارثة على مصر إذا تحول الجيش من مؤسسة وطنية محترفة- كما وصفناها طوال المرحلة الانتقالية رغم هتافات البعض- إلى طرف فى المعادلة السياسية ينقلب على سلطة الإخوان لصالح معارضة التيار المدنى، أو يقهر الأخيرة لصالح الأولى، فستكون كارثة على مصر كلها إذا دخل الجيش طرفاً فى المعادلة السياسية والاستقطاب السياسى الحالى، كما يطالبه البعض نتيجة خيبته وفشله فى صناعة بديل لحكم الإخوان. فكما أثبت أنه حامى الدولة والمجتمع وأنه الجيش الأكثر احترافاً وقوة وتماسكاً فى المنطقة العربية، وهو ربما لذلك مستهدف من قبل بعض الدوائر الأمريكية والإسرائيلية، لأن- ببساطة- النموذج الفاشل الذى بشَّرت به الإدارة الأمريكية بعد غزوها العراق قام على هدم مؤسسات الدولة وتفكيك الجيش والمؤسسات المختلفة وبناء الجديد «النقى» والديمقراطى- أو الثورى كما يتوهم البعض فى مصر- من تحت أنقاض الدولة المتهدمة، وتكرر الأمر فى ليبيا بعد أن تفككت ميليشيات القذافى التى سمَّاها جيشاً، وتحولت ليبيا إلى أرض الميليشيات فبلغ عددها حوالى 200 ألف (كانت حوالى 140 ألفاً فقط عشية انتصار الثورة) وهى غير قادرة على إعادة بناء الدولة رغم أنها دولة غنية وعدد سكانها 5 ملايين نسمة، أى أقل من نصف سكان مدينة القاهرة. الجيش لن يتدخل إلا بموافقة كل الأطراف السياسية وليس لحساب طرف فى مواجهة آخر، ويكون البلد وصل إلى مرحلة الانهيار الكامل، وعندها سندفع جميعاً ثمناً باهظاً جراء رهانات البعض الخاسرة، لأن سقوط الدولة لن يعنى أن الجيش قادر على إعادة بنائها ولا أى فصيل سياسى آخر. رهانات إخوان الحكم على الزمن وأنهم قادرون على الاستمرار فى مسارهم حتى لو هدموا الدولة الوطنية التى يكرهونها، وفككوا المجتمع وقسموه، هى كلها رهانات خاسرة، مثلما يتصور بعض المعارضين أن نشر الفوضى فى ربوع مصر يمكن أن يدفع الجيش للتدخل لنصرتهم وهو أيضاً رهان خاسر. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرهانات الخاسرة الرهانات الخاسرة



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya