الانفلات المجتمعي

الانفلات المجتمعي

المغرب اليوم -

الانفلات المجتمعي

عمرو الشوبكي
من المؤكد أن المجتمع المصرى تعرض لظلم اجتماعى وسياسى كبير طوال 30 عاما، دفعه إلى العزلة تارة والاحتجاج والرفض تارة أخرى، وبعد الثورة انتظر الكثيرون دولة القانون وإعادة بناء المؤسسات، لكن لم يحدث شىء: لا الدولة عادت ولا المؤسسات أعيد بناؤها، وبقى صوت الاحتجاج الوحيد عبر حصار الأقسام ومديريات الأمن والوزارات السيادية وغير السيادية وقطع الطرق، دون وجود آلية ديمقراطية وسلمية تنقل مطالب الناس وتعمل على تنفيذها. من الصعب قبول أن يكون رد الفعل على قيام ضابط شرطة بقتل شاب بطريق الخطأ أثناء قيامه بتأدية عمله فى مطاردة أحد المسجلين الخطر، وبعد أن أطلق الرصاص فى الهواء لإيقاف الثانى فسقط الأول، ورغم فداحة الخطأ الذى أدى إلى فقدان روح بريئة - من الصعب قبول أن يكون رد الفعل هو مهاجمة الأهالى القسم وسقوط 4 قتلى آخرين وعشرات الجرحى، فى مشهد لا يمكن تبريره أو فهمه فى أى سياق طبيعى. للأسف إن مصر تعيش حالة من الانفلات المجتمعى نتيجة غياب دولة القانون وشعور بعض الناس بأن فى استطاعتهم أن يفعلوا ما يشاءون نتيجة غياب الدولة، لأن عنصر الردع بالنسبة لهؤلاء كان القبضة الأمنية وليس سطوة القانون، والمطلوب ليس عودة القبضة الأمنية واستخدام القوة فى غير موضعها، كما كان يحدث فى عهد «مبارك»، إنما فى عودة دولة القانون التى تردع المخطئين والمتطرفين والمنفلتين. والحقيقة أن إخوان الحكم ليسوا حريصين على عودة دولة القانون إنما فقط السيطرة على الدولة دون القانون، وإدارتها بنفس الطريقة القديمة دون أى تغيير أو إصلاح. الانفلات المجتمعى هو نتيجة لعدم ثقة الناس بأن هناك من يعمل للصالح العام وليس لصالح مشروعه الخاص، وأن من فى الحكم لم يقدموا رسالة واحدة تقول إننا سنحاسب المخطئين لأنهم مخطئون إنما سنحاسب المخطئ تبعا للحسابات السياسية، فإذا كان مفيدا أن نتركه فسنتركه، وإذا كان مفيدا أن نتصالح معه فسنتصالح معه. مدهش أن يسعى الإخوان للتصالح مع رجال أعمال الحزب الوطنى السابقين، وفى الوقت نفسه يضعون نصا معيبا فى الدستور المصرى للعزل السياسى، ويتهمون بعض أطراف جبهة الإنقاذ من غير رجال الأعمال بأنهم فلول وجزء من النظام القديم لأنهم جرؤوا على معارضتهم. انفلات المجتمع هو الوجه الآخر لانفلات السلطة، فمن يحكم من أجل السيطرة والبقاء فى السلطة عليه ألا ينتظر من المجتمع أن يحترم القانون، لأن الأخير أصبح يوظفه من فى الحكم من أجل البقاء فى السلطة وليس الدفاع عن مصالح الناس.. نعم فى مصر انفلات مجتمعى هبط على الناس فى مرحلة السيولة وغياب القانون، وامتد من المجتمع حتى مؤسسات الدولة، لماذا ظهر فجأة الآن ضباط يطلقون اللحية، وما الذى جعلهم الآن، وليس فى عهد «مبارك»، يطلقون لحاهم؟ وهل من المنطقى ألا يحترم حماة القانون والأمن قوانين وزارتهم التى لا تسمح لهم بإطلاق لحاهم، مستغلين حالة الضعف والسيولة الحالية، ضاربين بعرض الحائط القاعدة القانونية المتعارف عليها منذ أن التحقوا بكلية الشرطة؟ علينا ألا نتصور أن الديمقراطية تعنى الاستباحة التى نراها الآن، فكل من يفجر فى الخصومة ويمارس إقصاء لمنافسيه، ويكفر أو يخون مخالفيه فى الرأى لا يستحق أن يكون له مكان فى مصر الجديدة، وأن فشل الإخوان فى بناء دولة القانون والمؤسسات هو الوجه الآخر للانفلات المجتمعى الذى نراه كل يوم فى الشارع المصرى. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانفلات المجتمعي الانفلات المجتمعي



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya