اليسارالإسلاميونوالديموقراطية

اليسار..الإسلاميون..والديموقراطية

المغرب اليوم -

اليسارالإسلاميونوالديموقراطية

عبد العلي حامي الدين

بمبادرة من مركز ابن رشد الذي يديره صديقنا المعطي منجب، التأمت مائدة حوارية للمرة الثانية حول موضوع العلاقة بين اليسار والإسلاميين والمسألة الديموقراطية.. من خلال هذا النقاش يظهر أننا مطالبون بإعادة طرح مجموعة من الأسئلة: هل بالفعل أزمة الديموقراطية مرتبطة باختلال العلاقة بين اليسار والإسلاميين؟ وهل هناك بالفعل أزمة في الحوار بين اليسار والإسلاميين؟ كم يحتل العامل الفكري والإيديولوجي في الخلاف اليساري العلماني؟ وكم يحتل العامل السياسي في هذا الخلاف؟ ربما حان الوقت لتجاوز هذه الثنائية بناء على الفرضية التالية: إن الخلاف بين اليسار والإسلاميين يعكس خلافا سياسيا بالدرجة الأولى، يتعسف البعض في بعض الأحايين ليضفي عليه صبغة إيديولوجية، وهذه الخلافات تتمحور حول الموقف من النظام السياسي وحول مناهج التغيير والإصلاح.. هذا الخلاف أنتج مسلكيات سياسية متباينة، وأنتج معه معايير «أخلاقية وقيمية» مختلفة..فدرجة القرب أو البعد من السلطة بالنسبة إلى البعض هي محدد أساسي للحكم على فشل أو صوابية خط سياسي معين، بينما تمثل تجربة السلطة بالنسبة إلى البعض الآخر ممرا ضروريا لبناء توافقات كبرى والعمل على إصلاح ما يمكن إصلاحه.. وبين هذا وذاك هناك أصحاب النزعات الإرادوية المفرطة الذين يقفزون على الواقع وينزلقون إلى اختيارات تقترب من العدمية.. المفارقة الأساسية أن المعجم السياسي للجميع هو معجم متشابه يمتح من المدرسة الإصلاحية ومن مفاهيم الديموقراطية والدولة المدنية والتداول السلمي على السلطة واحترام الحقوق والحريات ونبذ العنف والحرص على استقرار البلاد، لكن أثناء البحث على الأجوبة العملية التي يطرحها الواقع، يتجاهل بعض الإصلاحيين مقدماتهم الإصلاحية ويظهرون عجزا غير مفهوم على توظيف أدوات الإصلاح.. إن الأمر لا يتعلق بثوريين، ولكن بإصلاحيين متخاصمين مع إصلاحيتهم.. هذه ملاحظة عابرة للتصنيفات الإيديولوجية، وتنسحب على بعض الإسلاميين وعلى بعض اليساريين، فالإسلاميون لا يشكلون كتلة متجانسة، كما أن اليسار ليس كتلة متجانسة، وهناك اختلافات حقيقية بين الإسلاميين على المستوى الفكري والسياسي، كما أن اليسار المغربي تفرعت عنه تيارات سياسية وفكرية متباينة تصل إلى درجة التعارض فيما بينها في العديد من القضايا والمواقف. ومن ثم، فإن طبيعة العلاقة بين الاتجاهات المحسوبة على اليسار والاتجاهات المحسوبة على الإسلاميين هي علاقة متشابكة ومتداخلة وليس من السليم تناولها على سبيل التعميم أو إصدار أحكام قطعية بصددها، بل إن الكثير من المقولات تحتاج إلى إعادة تقليب النظر فيها من زوايا مختلفة: فمقولة اليسار ارتبطت تاريخيا بموقع سياسي ينحاز إلى الدفاع عن القضايا الاجتماعية وعن دور الدولة في المجال الاقتصادي والاجتماعي وعن دعم حركات التحرر الوطني، ثم تطورت رسالته فيما بعد للنضال من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان والنضال من أجل الحريات ومن أجل البيئة والتنمية.  في زمن الإيديولوجيات ارتبطت نشأة اليسار بالاشتراكية والحلم الشيوعي، لكن لا ينبغي اعتبار الإيديولوجية الماركسية جزءا من هوية اليسار، بحيث يمكن للإسلامي أن يكون يساريا (بالمعنى المذكور) إذا تبنى المقولات السابقة التي لا تتعارض في شيء مع القيم الإسلامية الداعية إلى الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية ومناهضة الاستبداد ورفض الظلم...كما تبدو مقولة الإسلاميين بدورها في حاجة إلى مراجعة فالإسلاميون الذين يمارسون السياسة من خلال تنظيمات سياسية معينة، هم في الواقع عبارة عن أحزاب سياسية عادية، ما يميزها عن باقي الأحزاب هو طبيعة نشأتها المرتبطة بالحركات الإسلامية التي تطورت مع مرور الوقت من تنظيمات «شمولية» تهتم بالدعوة والعمل الاجتماعي إلى أحزاب سياسية تحمل برامج سياسية تلتقي في الكثير من مضامينها مع الأفكار التي كان يطرحها بعض  اليسار في مرحلة معينة، ربما بحمولة إسلامية واضحة، لكنها في الجوهر تخدم المقاصد والغايات نفسها...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليسارالإسلاميونوالديموقراطية اليسارالإسلاميونوالديموقراطية



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 16:05 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج القوس

GMT 02:07 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

كواليس عودة " عالم سمسم" على الشاشة في رمضان

GMT 16:09 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

محمد رمضان يستفز جمهوره مجددًا على موقع "تويتر"

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

الغردقة المصرية تجذب الباحثين عن رحلة شهر عسل خيالي

GMT 11:31 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

الأمم المتحدة تعرب عن قلقها بشأن انتشار الإيدز في مصر

GMT 21:11 2016 الخميس ,19 أيار / مايو

الألماني مسعود أوزيل يؤدي مناسك العمرة

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 14:56 2014 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مادونا تثير استغراب المعجبين بارتداء فستان للأطفال

GMT 18:24 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

ماسك الليمون وخل التفاح للشعر

GMT 04:55 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

منزل جورج وسوف فخامة ورقي في التصميمات والديكور

GMT 14:21 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

"داعش" يستخدم عبوات ناسفة جديدة في الرمادي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya