بين السلطة والإصلاح

بين السلطة والإصلاح

المغرب اليوم -

بين السلطة والإصلاح

بقلم : عبد العالي حامي الدين

السلطة في المجال السياسي هي تعبير عن قوة معنوية تتمتع بها مؤسسات حاكمة لتدبير شؤون المجتمع، فكل دولة تتوفر على عدد من المؤسسات التي تمارس السلطة استنادًا إلى شرعيات متعددة، تعبر في النهاية عن القبول الطوعي بالسلطات الحاكمة، وهذا القبول يتم التعبير عنه بطرق مختلفة.
طبعا، في المجتمعات المتحضرة فإن هذه السلطات تمارس في ظل سيادة القانون، وصلاحياتها ووظائفها تكون نابعة من الدستور الذي يحدد فلسفة نظام الحكم والإطار العام الذي تمارس فيه السلطة، وتتكفل القوانين العادية والتنظيمية بتفصيل المقتضيات الضرورية لممارسة هذه السلطة.
في الدول التي اختارت النظام الديمقراطي، فإن المؤسسات التمثيلية المنبثقة عن الاقتراع الحر والنزيه تحتل مكانة معتبرة في هندسة السلطة، وهذه المؤسسات هي تعبير في النهاية عن حيوية تنافسية تجري بين المشاريع المعروضة من طرف الأحزاب السياسية، والعرض الفائز بثقة الناخبين يكون له نصيب من السلطة بطبيعة الحال.
السؤال المطروح: لماذا هذا التنافس على السلطة؟ هل السلطة مقصودة لذاتها، أم الغرض منها هو الإسهام في إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟
في هذه النقطة، أعتقد أن الفلسفة المؤطرة للمشاريع الحزبية المتنافسة تلعب دورا حاسما في الجواب عن سؤال: لماذا السلطة؟
بالنسبة إلى الأحزاب التي تنهل من المرجعية الإسلامية في أدبياتها واختياراتها، ينبغي أن تكون الأمور واضحة. إن الهدف من المشاركة في السلطة هو الإسهام في الإصلاح، والتعاون مع الجميع لتحقيق هذا الهدف. فالسلطة ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي مقصودة لما تتيحه من إمكانيات للإصلاح، وإذا كانت المشاركة في السلطة ستعود على الهدف الإصلاحي بالإبطال، فمن الواجب عدم المشاركة فيها أصلا.
بالرجوع إلى بعض التجارب السابقة، نلاحظ أن هناك عقبات حقيقية تعترض حملة هذا المنهج الإصلاحي، وقد تكون سببا في فشل العديد من الاتجاهات التي انطلقت بنفس إصلاحي حقيقي.
من بين هذه التحديات أن السلطة بطبيعتها مقترنة ببعض «الامتيازات»، وبنوع من الوجاهة الاجتماعية التي يوفرها الحضور داخل العديد من المؤسسات.
ينبغي أن نناقش بصوت مرتفع كون هذه «الامتيازات» هي في الأصل جزء من الوسائل التي من المفروض أن تسهم في توفير الشروط الضرورية للقيام بالرسالة الأساسية، وتحقيق القصد الأصلي، ألا وهو الإسهام في الإصلاح.
هذه الوسائل قد تتضخم في نفوس البعض، وقد تلعب بعقولهم فينسون الغايات الأساسية من الحضور داخل المؤسسات ويتعلقون بالوسائل، بل قد يتوسع البعض في استغلال هذه الوسائل لتحقيق منافع شخصية على حساب المصلحة العامة.
طبعا، لا يمكن أن يدعي البعض أنه معصوم من حب الدنيا وملذّاتها، والنفس البشرية مجبولة على ذلك، لكن نجاح المنهج الإصلاحي واستمراره في أداء مهمته رهين بتحصينه من مثل هذه المؤثرات المدمرة.. ولنا الكثير من الدروس في تجارب الذين سبقونا…
فاعتبروا يا أولي الأبصار

المصدر : جريدة اليوم24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين السلطة والإصلاح بين السلطة والإصلاح



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:38 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:08 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

كيف نحمي أطفالنا من أخطار الانترنت ؟

GMT 10:51 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المحكمة تسقط التهمة عن سمية الخشاب

GMT 19:22 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تحديث واتساب الجديد يدعم ثلاث ميزات جديدة

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

أجمل إطلالات ربيعية للمحجبات لربيع وصيف 2018

GMT 03:15 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الضياعُ في عينيّ رجل الجبل *

GMT 10:42 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طهران تنفي نية الرئيس حسن روحاني الاستقالة

GMT 13:08 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وفاة الكاتب محمد حسن خليفة في معرض الكتاب

GMT 20:27 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك العسل والجزر لبشرة خالية من العيوب
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya