الدستور والبرلمان وأدوات الفرملة الحزبية

الدستور والبرلمان وأدوات الفرملة الحزبية!

المغرب اليوم -

الدستور والبرلمان وأدوات الفرملة الحزبية

بقلم - عبد العالي حامي الدين

هل بالفعل كنّا إزاء مرحلة انتقالية حقيقية تؤدي إلى تحول ديمقراطي حقيقي في البلاد؟
إن بحث حصيلة الدينامية التي أطلقها مسار التحول السياسي في المنطقة على إيقاع ما سمي بالربيع العربي أو الرجة الثورية، والتي انطلقت من تونس وكان لها مفعول الشرارة في عدد من بلدان العالم العربي، أصبح ضروريا لنعرف أين نقف بالضبط.
لقد كانت هناك مناسبات متعددة توقفنا معها على دور الخصوصيات الثقافية والسياسية في تبيئة رياح الربيع العربي وتليينها مع المعطيات المحلية، ولا شك بأن المغرب بما يتوفر عليه من رصيد تراكمي في مجال التعددية السياسية والاعتراف التدريجي بالحقوق الأساسية والاعتراف الدستوري بالحريات والانتظام الشكلي للعمليات الانتخابية، والخطاب الاستباقي لـ9 مارس، كل ذلك جعله يتفاعل بطريقة مختلفة مع دينامية الربيع الديمقراطي.
لكن مرور أزيد من ست سنوات ونصف من التطبيق الفعلي للدستور الجديد كافية إلى حد معين للكشف عن بعض المفارقات، وإجراء تقييمات أولية للممارسة الدستورية ولأدوار الفاعلين، على ضوء المقتضيات الدستورية الجديدة، وطرح التساؤلات المنهجية للإجابة عن فرضية التعثر الملاحظ في مسار التحول الديمقراطي في البلاد.
إن حجم الترسانة القانونية التي كانت ملقاة على عاتق المشرع في فترة انتقالية كانت كبيرة جدا، وقد جاءت في عمومها مطبوعة بالكثير من عناصر المحافظة، ولم تستطع أن تساير التصورات “المثالية” التي رسمناها حول “تقدمية” النص الدستوري.
واليوم، يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن عملية التشريع عاجزة عن مسايرة الطموحات والآمال، التي رسمت في البداية حول الدستور الجديد.
وهو عجز ينعكس بشكل تلقائي على إرادة الانتقال الديمقراطي، وجعل دستور 2011 وثيقة للعبور إلى نادي الدول الديموراطية .
ويمكن أن أختصر مظاهر هذا العجز في العناصر التالية:
– محدودية الثقافة الديمقراطية لدى النخب التمثيلية، وهي محدودية مركبة لا أريد الخوض في أسبابها السوسيولوجيّة وخلفياتها السياسية، ولكنها تؤكد الخصاص الموجود في الوعي الجماعي بإرادة الانتقال الديمقراطي. – الصعوبات اليومية التي يواجهها البرلماني، كممثل للساكنة أمام زحمة المطالب التي تفرض عليه التحول من وظيفته الأصلية، إلى برلماني الخدمات الذي يقوم بالعمل الاجتماعي والخيري وينسى وظيفته التشريعية، ويتحول إلى آلة للتصويت الميكانيكي على المشاريع المعروضة عليه، بدون رؤية تستحضر فلسفة الانتقال نحو الديمقراطية.
– هذا الضعف يتم استغلاله بشكل جيد – مع الأسف الشديد- للحسم السريع في عدد من مشاريع القوانين، يمكن أن أقول بأنها قوانين تستبطن الكثير من عناصر المحافظة، بل والتراجع أحيانا عن مثالية النص الدستوري، دون أن أتحدث عن التمارين اليومية للهواتف المحمولة التي تلعب دورا حاسما لإنهاء الخلاف بين الحكومة والبرلمان، أو بين فرق الأغلبية وفرق المعارضة، أو بين فرق الأغلبية نفسها، وتزداد هذه الوضعية تعقيدا عندما يختار البعض عن طواعية عرقلة المبادرة الاقتراحية في المجال التشريعي، بواسطة آليات الفرملة الحزبية ضدا على نصوص الدستور نفسه !!
السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: إلى أي مدى تتوفر إرادة الإصلاح الديمقراطي لدى الجميع؟
كيفما كان الجواب، لا يمكن تفعيل مقتضيات الدستور الجديد بثقافة سياسية قديمة..
انتهى الكلام..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدستور والبرلمان وأدوات الفرملة الحزبية الدستور والبرلمان وأدوات الفرملة الحزبية



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya