زيارة أردوغان لاميركا انتهت بتأزيم العلاقات لا انفراجها

زيارة أردوغان لاميركا انتهت بتأزيم العلاقات لا انفراجها

المغرب اليوم -

زيارة أردوغان لاميركا انتهت بتأزيم العلاقات لا انفراجها

بقلم : عبد الباري عطوان

بالنظر الى التدهور المتصاعد في العلاقات التركية الامريكية، ربما سيكون من المشكوك فيه ان يطير الرئيس رجب طيب اردوغان الى الرياض للمشاركة في القمة الإسلامية العربية الامريكية الاحد المقبل التي سيكون الرئيس الزائر المحتفى به دونالد ترامب نجمها، وتؤسس لحلف “ناتو إسلامي” جديد.

زيارة الرئيس اردوغان الى واشنطن واللقاء الذي عقده مع الرئيس ترامب، لم تحقق له ما كان يتطلع اليه، أي الغاء صفقة الأسلحة الامريكية الى قوات سورية الديمقراطية الكردية، وتولي الجيش التركي عملية “تحرير” مدينة الرقة جنبا الى جنب مع القوات الامريكية.

العلاقات الامريكية التركية باتت تنتقل من مرحلة التوتر الى مرحلة الصدام، لان إدارة الرئيس ترامب متمسكة بالرهان مع الاكراد كحليف استراتيجي يمكن ان يكون محور سياساتها في منطقة الشرق الأوسط، وفي سورية والعراق على وجه الخصوص، فالسيد مولود جاويش اوغلو طالب بطرد المنسق الأمريكي للتحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسورية (بريت ماكغورك)، لانه منحاز للاكراد، بينما اكد الرئيس اردوغان ان بلاده تحتفظ بحقها “في اتخاذ خطوات أحادية الجانب ضد القوات الكردية داخل سورية دون اخذ موافقة الدول الأخرى (أمريكا) في عين الاعتبار”.

***
لقاء القمة الذي انعقد في البيت الأبيض بين الرئيسين ترامب واردوغان كان متوترا، وصداميا، حسب معظم التقارير الإخبارية، وكل ما قيل في المؤتمر الصحافي حول “الشراكة الاستراتيجية” وتعزيز “العلاقة الاستثنائية” بين البلدين كان للاستهلاك الإعلامي فقط، فتجاهل مسألة تسليم الداعية التركي فتح الله غولن المتهم بالوقوف خلف الانقلاب العسكري الأخير التي كانت من ابرز مطالب الرئيس اردوغان يشي بالكثير.

انعكس هذا التوتر بوضوح من خلال قيام حرس الرئيس اردوغان بالاعتداء على مجموعة من المحتجين امام منزل السفير التركي في واشنطن، واصابة تسعة منهم، الامر الذي اثار موجة من الغضب ودفع بالسناتور جون مكين، احد ابرز أصدقاء تركيا في مجلس الشيوخ، بالمطالبة بطرد السفير التركي من واشنطن، وتأكيد السيدة هيذر نيورت، المتحدثة الامريكية ان حكومتها أبلغت انقرة بأقوى العبارات قلقها من تصرف الحرس الدبلوماسي، واستخدامه العنف ضد المحتجين وقالت “العنف ليس الرد المناسب على حرية التعبير، ونحن نؤيد حق الشعوب في كل مكان في ممارسة هذه الحرية، والاحتجاج السلمي”.

أمريكا لم تتدخل عسكريا في أي بلد عربي او إسلامي الا وحولته الى “دولة فاشلة”، وتسببت في تأجيج الصراعات العرقية والمذهبية والقبلية فيه، ويبدو انه بعد الانتهاء من اجتثاث “الدولة الإسلامية” في سورية والعراق سيأتي الدور على تركيا، والاكراد هم اللاعب الجديد، ومثلما تدين تدان.

صحيح ان إدارة ترامب تعهدت لضيفها التركي بعدم استخدام السلاح الذي زودت وتزود به قوات سورية الديمقراطية ضد تركيا، ومثلما تعهدت بعدم قيام كيان كردي شمال سورية، ولكن التحارب السابقة، وفي العراق خصيصا، اثبتت عدم الالتزام الأمريكي بمثل هذه التعهدات، فها هو الكيان الكردي في شمال العراق على وشك اجراء استفتاء بشأن الاستقلال تمهيدا لاعلانه، وها هي الأسلحة والتدريبات الامريكية لقوات البشمرغة تحول الأخيرة الى جيش قوي، ولم يحدث مطلقا ان استعادت أمريكا أسلحة زودت بها ميليشياتها الحليفة في أي مكان في العالم، ابتداء من “الكونترا” في أمريكا الجنوبية، وانتهاء بالبشمرغة في شمال العراق.

***
الادارة الامريكية تتخلى تدريجيا، وبشكل مهين، عن تركيا كحليف استراتيجي في المنطقة، وباتت تبحث وحلفاؤها الأوروبيون عن بدائل لها، ولقاعدة “انجرليك” الجوية، مما يعني ان ايامها، أي تركيا، في حلف “الناتو” ربما باتت معدودة، وربما يمكن القول نفسه عن حكم الرئيس اردوغان وحزبه أيضا.

أمريكا استخدمت الورقة الكردية بشكل فاعل لاستنزاف العراق واضعافه لعدة عقود، ولا نستبعد ان تستخدم الورقة نفسها لابتزاز تركيا واضعافها تمهيدا لتفتيتها كقوة إسلامية عظمى في المنطقة.

الرئيس اردوغان الذي اتهم جيرانه العرب بالغباء، وانحاز الى المخططات الامريكية و”فوضاها الخلاقة” في المنطقة وهو مفتوح العينيين، وسهل خطوات تنفيذها ببراعة، ربما تنطبق عليه التهمة نفسها أيضا.

لا نعتقد ان الوقت بات متأخرا بالنسبة اليه للتراجع، وإنقاذ نفسه وبلاده، من مخطط التفتيت الأمريكي، ولكن هل يقدم على هذه الخطوة؟ هذه احدى ابرز امانينا، وان كنا نشك في ذلك رغم كل ما قيل ويقال عن “براغماتية” الرجل، وقدرته على تغيير مواقفه بسرعة، ونأمل ان تكون شكوكنا في غير محلها.

ا.. وترامب مصّر على استخدام الورقة الكردية لـ”ابتزازه” واضعافه.. ومشاركته في قمة السعودية موضع شكوك.. ما هي خياراته؟ وهل ينقلب على المخطط الأمريكي في سورية والعراق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة أردوغان لاميركا انتهت بتأزيم العلاقات لا انفراجها زيارة أردوغان لاميركا انتهت بتأزيم العلاقات لا انفراجها



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya