بين المغرب والاتحاد الأوروبي

بين المغرب والاتحاد الأوروبي

المغرب اليوم -

بين المغرب والاتحاد الأوروبي

محمد الأشهب

هل يمكن لحكم صادر عن محكمة أوروبية أن يبطل حيثيات ومفعول حكم سابق أقرته محكمة العدل الدولية في لاهاي؟ مبعث السؤال أن الجدل الدائر بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول مقتضيات الشراكة السياسية والاقتصادية، يطرح جانباً من الإشكالات القانونية في قضية ذات أبعاد سياسية.
في الوقت الذي تمسكت بروكسيل وعواصم أوروبية بشروط الشراكة القائمة مع الرباط، بدا أن الحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية، لناحية إلغاء اتفاق توريد المنتوجات الزراعية الآتية من المحافظات الصحراوية المتنازع عليها ينحو في اتجاه آخر، أقله التشكيك في «شرعية» الاتفاقات المبرمة التي سبق للبرلمان الأوروبي أن صادق عليها كما حكومات الاتحاد.
لا يمكن اتهام هذه المؤسسات بمرجعياتها السياسية والقانونية أنها كانت في وارد عدم الإلمام بشروط الاتفاقات التي عدلها وأقرها خبراء منذ عقود. بل إن الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان أشار في أحد تقاريره إلى مجلس الأمن أن سريان مفعول الاتفاقات الاقتصادية التي تربط المغرب والاتحاد الأوروبي يعزز الاتجاه السائد في التعاطي مع الأمر الواقع. ولم يفت فاعليات اقتصادية في الاتحاد الأوروبي أن تقدم الدعم لتحسين أوضاع منشآت ومقاولات في المحافظات الصحراوية الواقعة تحت نفوذ المغرب. بل إن مناورات عسكرية ذات أبعاد استراتيجية نظمها حلف «الناتو» شملت سواحل وفضاءات الأقاليم الصحراوية لتعزيز القدرات في الحرب على الإرهاب ومواجهة التهديدات الأمنية.
إلى جانب طلب محكمة أوروبية إلغاء اتفاق توريد المنتجات الزراعية القادمة من المغرب، يبرز الإشكال القانوني، وبخاصة أن محكمة العدل الدولية التي تعتبر مرجعية في النزاعات القانونية في مسائل الحدود والسيادة، أقرت بوجود روابط بين سكان المحافظات الصحراوية والسلطة المركزية في الرباط، ما يعني أن ما يسري على تلك المحافظات لا ينفصل في جوهره عن مجموع مكونات المغرب الجغرافية البشرية والحضارية.
في هذه المسألة تحديداً، تأتي الشهادة التي أقر بها الوسيط الدولي إلى نزاع الصحراء وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر لدى طرحه فكرة الخيار الثالث بين الاستقلال والاندماج، أي الحكم الذاتي، استناداً إلى الحكم الصادر عن محكمة لاهاي.
بين ما هو سياسي وما هو قانوني في ملف الصحراء الذي دخل عقده الخامس، من دون بريق أمل في إنهاء التوتر قريباً، أن الجانب الأول يلقي بظلاله ويفرض نفوذه، خصوصاً أن الملف مطروح أمام الأمم المتحدة، وحتى عندما لاحت بوادر النقاش في جوهر الموضوع إبان الجولات الأولى للمفاوضات، على عهد الموفد الدولي السابق بيتر فان فالسوم شرعت الأطراف المعنية في تقليب صفحات ميدانية، تطاول فضاء الإقليم وثرواته والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه خطة الحكم الذاتي.
بالاتصال مع ذلك، قدم العاهل المغربي الملك محمد السادس في أكثر من خطاب معطيات دقيقة تفيد بأن ما تضخه الدولة من أجل النهوض بأوضاع المحافظات الصحراوية، يتجاوز بنسبة قياسية منتجات ثرواتها من الفوسفات والصيد الساحلي. ولئن كان الاقتصاد المغربي يعاني من مضاعفات، فإن مصدر ذلك أن الدولة صرفت جهوداً كبيرة حولت الأقاليم الصحراوية إلى مدن كبيرة، بعد أن تركها الاستعمار الإسباني مجرد قرى مشتتة وثكنات عسكرية.
وهذه مسألة قابلة للنقاش، إلا أن الأهم في العلاقات المغربية – الأوروبية أنها ذات أبعاد استراتيجية، لكن بين الفينة والأخرى تطفو على السطح أزمات عابرة، مثل تلك التي عرفتها العلاقات بين الرباط والسويد، ولا يمكن النظر إلى أي تطورات راهنة، خارج هذا السياق، ففي المحصلة أن الأوروبيين كانوا أشد ارتياحاً لمضامين الاتفاقات الاقتصادية والتجارية التي تربطهم بالمغرب، إلى أن ارتفعت أصوات في الرباط تطلب أن تكون تلك الاتفاقات، خصوصاً في قطاع الصيد الساحلي والمنتجات الزراعية، متوازنة ومتكافئة، ما حدا إلى ظهور أفكار ومبادرات تضغط في اتجاه آخر.
الأصل في الشراكة أنها تقوم على مبدأ احترام السيادة والوحدة، ولا يمكن استساغة كيف أن الأوروبيين أمضوا عقوداً في استغلال الصيد الساحلي والمنتوجات الزراعية، إلى أن لاح لبعضهم اليوم أن الوقت حان لمعاودة النظر في طابعها القانوني. وتلك قضية أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين المغرب والاتحاد الأوروبي بين المغرب والاتحاد الأوروبي



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 19:03 2015 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيروز تحتفل بعيد ميلاد الثمانين السبت

GMT 19:51 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لكل ربة منزل لا تضعي هذه الأطعمة في الثلاجة

GMT 23:56 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

200 شاحنة عسكرية أميركية لتدعيم الجيش المغربي

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 02:16 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

بريجيت ماكرون تظهر في حجاب حريري في الإمارات
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya