التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

المغرب اليوم -

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

بقلم : محمد الأشهب

على نطاق واسع، حقق التحالف الإستراتيجي الإسلامي في الحرب على الإرهاب، بمبادرة من المملكة السعودية، اختراقاً كبيراً لجهة تحريك مبادرات إقليمية ودولية، أدركت أن عولمة الظاهرة الإرهابية بات لها عنوان لا تخطئه العين اسمه تنظيم «داعش» الإرهابي. ولئن كانت جهود التحالف الإسلامي تميزت بقوة الإرادة وطول النفس وشمولية المعركة المتعددة الواجهات، من دون إثارة الزوابع الإعلامية، فإن إيفاد المبعوث الأميركي للتنسيق بين التحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماكغورك للاجتماع إلى ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان في المغرب له أكثر من دلالة. أقربها أن مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما يدرك جيداً مدى التأثير الإيجابي لموقف الرياض في حشد الدعم للجهود الصادقة في اجتثات منابع الإرهاب والتطرف، وبالتالي فهو يسير في الاتجاه الصحيح، على غير ما حاولت بعض الأوساط المتشددة في الولايات المتحدة وغيرها الترويج له باطلاً. وما يعزز هذا التوجه أن الرئيس أوباما جدد التزام واشنطن اعتبار الحرب على «داعش» خياراً محورياً لا يحتمل أي تأويل أو تردد. كونه من قبيل التزامات الدول التي لا تتأثر بتغيير قاعدة تداول السلطة.
في مقدم الدلالات أيضاً أن البعد الإستراتيجي لقيم تحالف إسلامي بمرجعية كونية وأهداف حضارية، ينزع عن الحرب على الإرهاب طابعها الديني، وبخاصة أن العالم الإسلامي يعتبر الأكثر استهدافاً في وحدة دوله وقيمه ومقومات تماسكه. عدا أن التحالف يطرح مقاربة شاملة في التصدي لأخطار الإرهاب والتطرف والمغالاة، تجمع بين الصرامة الأمنية والعسكرية والحمولة الفكرية والتأهيل التربوي والاجتماعي. وبالتالي فالتحالف الإسلامي الذي يبتعد عن منطق الزعامة أو الاستئثار، إنما ينخرط في سياق دعم جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي برمته. وأي حوار بين واشنطن والرياض، كما غيرها من العواصم الوازنة، لا يمكن إلا أن يمنح الجهود الدولية قوة وزخماً إضافيين.
بين أشكال التعبير التي بلورها التحالف الإسلامي، في المجالات الأمنية والسياسية والعسكرية والاجتماعية، وتلك التي انبنت عليها مقاربات التحالف الدولي، وقع تطور لافت. ولعل التحول الإيجابي الذي طرأ على المواقف الدولية التي كانت تكتفي بالتنديد والاسترخاء على مقاعد المتفرجين، مردّه أن قرار الحسم الإسلامي جاء في وقته الملائم، لتأكيد أن الإرهاب في كثير من حالاته نتاج تقاعس عن حل أزمات عالقة، أفسحت في المجال أمام خلط الأوراق والمفاهيم.
أفلحت حروب العالم في مواجهة أعداء غير شرور الإرهاب، في تشخيص ومعالجة أنواع من الأوبئة والأمراض الفتاكة والمستعصية بالاعتماد على تحرير الاكتشافات العلمية التي لم تترك مجالاً أو معضلة إلا وانكبت على درسها وتفكيك مركباتها وتعقيداتها. وبهذه الروح يحتاج العالم المتحرر إلى إحداث نقلة نوعية في التعامل والظاهرة الإرهابية، عبر استئصال أسبابها وخلفياتها.
كما الفيروسات المعدية أطلق عليها أسماء ونعوت ومبيدات، لا يختلف داء الإرهاب في انتشاره وبحثه الدائم عن الملاذات التي تحضنه، عن الفيروسات التي تختفي وراء الأورام السياسية والاجتماعية التي يغذيها التطرف والجهل واستخدام الشرائع الدينية في غير ما وجدت له لتخليص وتطهير النفوس والعقول.
بهذا المعنى، لا يمكن النظر إلى مجالات التقدم الحاصل في تطويق «داعش» وإغلاق المنافذ أمام تمددها الجنوبي، بمعزل عن انبثاق التحالف الإسلامي. ليس فقط لأنه يأخذ زمام الأمور وأقر خوض حرب استباقية لا تمهل التنظيمات الإرهابية ما كان يتوافر لديها من فرص تردد وتذبذب في مواقف المتصدين لها، لكن أساساً لأنه نقل الصراع إلى معاقل الأشرار، من خلال دعم الجهود التي تبذلها مكونات التحالف في دائرة حدودها وفضاءاتها، ضمن التركيز على مقارنة نوعية جديدة.
ما يحدث في ليبيا يجسد جانباً من هذا التحول الذي عززته جهود الشرعية الممثلة في حكومة الوفاق الوطني، والأمر ذاته ينسحب على الوضع في العراق الذي يتوق لتحرير المناطق الواقعة تحت أسر التنظيم الإرهابي، بينما جاءت اليقظة حيال استغلال الثورة السورية من طرف تنظيمات إرهابية لتشير إلى أخطار الالتباس. والحال أن تكريس الشرعية في اليمن كان رداً حاسماً على مخطط خطير يتجاوز حدود اليمن إلى ما هو أبعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش» التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»



GMT 08:17 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

معنى استعادة سرت من «داعش»

GMT 08:15 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

لغة الإشارات بين المغرب والجزائر

GMT 08:14 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

عن التناوب الحكومي في المغرب

GMT 07:17 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

بن كيران والاستحقاق الانتخابي

GMT 06:20 2016 الأحد ,07 آب / أغسطس

الحرب ليست الخيار

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 06:17 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

استمتعي بشعر قوي وصحي بهذه الطرق

GMT 10:03 2015 الجمعة ,13 آذار/ مارس

7 نصائح نسائية لبشرة رطبة جميلة

GMT 03:59 2016 الإثنين ,07 آذار/ مارس

فوائد عشبة الجنكة لصحة خسارة الوزن

GMT 03:58 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الجامعات الجديدة تحتل صدارة الجداول الخضراء "صديقة البيئة"

GMT 21:36 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مواجهات ليلية عنيفة في ساحة الأمم في طنجة

GMT 22:43 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

استئناف العرض المسرحي "أكشن" في مسرح الحديقة الدولية

GMT 01:22 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

فيفي عبده تؤكد أنها لا تهتم بالانتقادات على السوشيال ميديا

GMT 15:56 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

واين روني يسخر من المدرب جوزيه مورينيو

GMT 02:43 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

دعاء لاشين تكشف عن أحدث تصميماتها في عالم الديكور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya