«بوليساريو» بعد محمد عبد العزيز

«بوليساريو» بعد محمد عبد العزيز

المغرب اليوم -

«بوليساريو» بعد محمد عبد العزيز

بقلم : محمد الأشهب

من المستبعد حدوث تغيير في مسار جبهة «بوليساريو» في الأمد القريب، بعد أن غيب الموت زعيمها محمد عبد العزيز. لقد عرفت المنطقة تطورات هائلة في العقود الثلاثة الأخيرة لم يكن لها الصدى المتوقع في سياسة الجبهة وخياراتها. ولا يبدو أن غياب شخص في إمكانه أن يُحدث اختراقاً كبيراً، على غير ما تداعت إليه تطورات كان يُعول على فرض نفوذها على «بوليساريو»، عاجلاً أم آجلاً.
لئن كان بعض المؤسسين الأوائل الذين احتلوا مراتب قيادية في التنظيم الذي ينازع المغرب السيادة على الصحراء، أمثال عمر الحضرمي وإبراهيم حكيم وكجمولة بنت عبي وأيوب الحبيب، انشقوا عن الجبهة، بخلفية أن نهاية الحرب الباردة قللت من درجات التوتر الأيديولوجي الذي كان نزاع الصحراء يندرج في نسقه الإقليمي، فإن أحداثاً كبرى من قبيل تحول الجزائر نحو التعددية ونهاية فترة حكم الحزب الوحيد، إضافة إلى تأسيس الاتحاد المغاربي، كلها عوامل لم تغير شيئاً في مسار الجبهة.
لا يعني ذلك البتة أن الأفكار التي كانت سائدة في سبعينات القرن الماضي ما زالت على حالها وبريقها الأيديولوجي. ولكن التغيير الذي طاول بنيات الجبهة لم يجد غير مجال واحد للتعبير عن نفسه، أي الانشقاق، كما يستشف من التحاق ما لا يقل عن عشرة آلاف من المنتسبين السابقين للجبهة بالمغرب. ولا يمكن بأي حال تجاهل هذه الظاهرة أو توصيفها بمعزل عن الاختناق الذي يلف الأوضاع القائمة سياسياً وإنسانياً.
لدى استقراء الأحداث، يتبين بوضوح أن أشد العوامل تأثيراً في خلخلة كيان أي حركة تنظيمية مسلحة، لم يتمكن من نقل «بوليساريو» إلى مواقع جديدة. بل إن حراك ما يعرف بـ «الربيع العربي» الذي انطلق من ساحة الشمال الأفريقي، وصنف إقليمياً على أنه من تداعيات كلفة اللامغرب العربي، لم يفلح بدوره في تغيير واقع «بوليساريو»، أقله لناحية استمرار مخيمات اللاجئين، وسريان مفعول ضغوط نزاع الصحراء على بلدان المنطقة المغاربية. فقد اتفقت الأخيرة على أن نسيج الفضاء المغاربي يشمل خمس دول. وعجزت تبعاً لذلك عن ترجمة هذا الإقرار إلى سياسات ثابتة. وإن كان مركز الثقل في الخلافات الإقليمية يلقي بظلاله السلبية أكثر على محور العلاقات المغربية – الجزائرية، ويستحيل في ضوء استمرارها انقشاع سماوات الشمال الأفريقي برمتها.
اللافت أن انشغال دول المنطقة كما شركائها الأوروبيين بالملفات الأمنية، متمثلة في تنامي التطرف والإرهاب، بعلاقة مع اكتساح تجارة التهريب التي تشمل الأسلحة والبضائع والبشر، دفع نزاع الصحراء إلى رتبة أقل استحواذاً على مباعث القلق. فقد أصبح مطلب الاستقرار يحتل مكان الصدارة.
في مقابل ذلك، زادت مخاوف بلدان المنطقة وبعض الأطراف الأوروبية من اتساع رقعة الانفصال وتفتيت كيانات الدول القائمة بخلفيات دينية أو عرقية أو ثقافية. ولا يمكن في هذا السياق إغفال أن إسبانيا مثلاً باتت تواجه مخاطر انفصال إقليم كاثالونيا، وهي التي لم تنته بعد من استيعاب ضغوط حركة الباسك في الشمال. بينما تمدد هاجس التجزئة في اتجاه ليبيا، وإن بدوافع مغايرة.
لا يستطيع أي بلد مغاربي أن يطمئن إلى أنه أبعد عن الاكتواء بنيران الإرهاب أو بمخاطر الانفصال أو عدوى الانفلات. لم يعد السؤال حول ما يجب فعله، بل حول غياب الإرادة في تلمس معالم الطريق والذهاب نحوها بكل عزم، بعد ضياع ما يكفي من الوقت والجهد والمال واستشراء «عقيدة» التمزق، الذي يهدد الجميع.
أي مكان لجبهة «بوليساريو» في هذا النسق المتشابك من التطورات؟ وهل من الوارد أن يترتب على رحيل زعيمها محمد عبد العزيز تحول شبه راديكالي في رسم دوائر المستقبل؟ في أي حال فقد خطا المغرب في اتجاه طرح مبادرة وفاقية، تحدثت للمرة الأولى عن إشراك صحراويي «بوليساريو» في إدارة حكم ذاتي موسع بمعايير دولية. وبقي على الجبهة أن تتقدم من جهتها خطوات إلى الأمام.
السؤال المطروح: هل في إمكانها أن تفعل ذلك غداً، طالما أنها أسيرة إكراهات لا سبيل لإزاحتها، من دون إحلال وفاق إقليمي، قيل عنه يوم تأسيس الاتحاد المغاربي في العام 1989 أن العواصم المغاربية بدأت في نزع الأشواك التي تعيق الإقدام على طريق المشي نحو المستقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بوليساريو» بعد محمد عبد العزيز «بوليساريو» بعد محمد عبد العزيز



GMT 08:17 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

معنى استعادة سرت من «داعش»

GMT 08:15 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

لغة الإشارات بين المغرب والجزائر

GMT 08:14 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

عن التناوب الحكومي في المغرب

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

GMT 07:17 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

بن كيران والاستحقاق الانتخابي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 08:24 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

أهم ما يميز السيارة الكهربائية هيونداي كونا EV

GMT 21:06 2016 الإثنين ,16 أيار / مايو

رجال بلا أخلاق والنساء يدفعن الثمن

GMT 13:16 2015 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مكياج عيون الغزال

GMT 15:59 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

اختتام حفل تتويج ملكة جمال الأمازيغ لعام 2017

GMT 13:36 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"Weta" العملاقة أكبر حشرة على سطح الكرة الأرضية

GMT 15:54 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

عصابات خطيرة في المغرب تعيد بيع الدجاج الميت للمواطنين

GMT 08:06 2013 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

شابه تتحول إلى بطلة في كمال الأجسام

GMT 04:52 2016 الثلاثاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

عبير الأنصاري تؤكد أن فستان صبا مبارك الأفضل

GMT 05:14 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

الرجل المغربي الخامس عربيًا و الـ40 عالميًا من حيث الوسامة

GMT 00:21 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

امرأة "الجدي" تسعى إلى إدارة منزلها بشكل حكيم
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya