العاهل المغربي والانتخابات

العاهل المغربي والانتخابات

المغرب اليوم -

العاهل المغربي والانتخابات

بقلم : محمد الأشهب

 عندما يقر العاهل المغربي الملك محمد السادس بأن وضعه الاعتباري والدستوري يجعله على مسافة واحدة من كل الأحزاب، وأنه ملك المغاربة كافة، بما في ذلك الذين لا يذهبون إلى صناديق الاقتراع، فمعنى ذلك أن ظاهرة العزوف عن المشاركة السياسية لا تزال قائمة، وأن الغالبية النيابية التي يحوزها أي تحالف أو ائتلاف حكومي لا تعكس الصورة الحقيقية للتركيبة الاجتماعية والميول الأيديولوجية والسياسية.
غير أن المسألة لا تتوقف عند المعادلات الحسابية الناتجة من حجم المشاركة في أي اقتراع، فهناك تراجع ملحوظ في نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع يطبع الديموقراطيات المتقدمة والناشئة على حد سواء. وفي أي حال، فإن القطيعة مع سياسة 99 في المئة التي أثبتت نكوصها وإخفاقاتها في التعبير الحقيقي عما يخالج الرأي العام تظل أقرب إلى الواقعية، وإن كانت تفرض بذل جهود مضاعفة لتحقيق درجة أعلى من المشاركة، باعتبارها معياراً وازناً لتقويم الأداء.
وإذ يدعو العاهل المغربي بإلحاح إلى عدم استخدام مكانته السياسية والدستورية في الصراعات الانتخابية، فإن ذلك يعني أحد أمرين، إما أن هناك إصراراً على الزج بشخصه في معارك انتخابية هو أبعد من خوضها أساساً، وإنما أن آليات تدبير العمليات الانتخابية لم تتحرر بعد من محاولات إقحامها كفاعل حزبي. ولا يمكن أمام الوضع الراهن اعتبار الأصوات التي اتخذت من مناهضة ما تصفه بـ «التحكم» مجرد تمارين تسخين تسبق انطلاق الانتخابات.
لكن صيغة الحسم التي ميزت خطاب الملك محمد السادس بهذا الصدد تهدف إلى إعادة المشهد السياسي إلى طبيعته التي يصبح فيها الاختيار الشعبي رهن البرامج والأفكار، وليس الولاءات ومستويات التموقع في هذه الخانة أو تلك. وإذ يقول العاهل المغربي عن استحقاقات السابع من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل إنها «مفصلية» في معاودة الأمور إلى نصابها، فإنه يضع أسس الانتقال من مرحلة إلى أخرى، تصب فيها الكلمة الفصل إلى الاختيار الحر ومنطق المحاسبة والمسؤولية.
اختيار إشارة موضوع الانتخابات قبل أكثر من ثلاثة شهور على حلول موعدها، عبر خطاب عيد الجلوس ذي المرجعية الدستورية التي تحدد الآفاق السياسية والاقتصادية الاستراتيجية، يعني استباق المسار. وفي أقل تقدير، فالدعوة تهدف إلى إلزام الشركاء السياسيين بمنطق المنافسات المشروعة. أكان ذلك بالنسبة إلى الذين يعتقدون بأنهم يقدمون «خدمة للدولة» عبر الارتماء في أحضان اللوبيات المناهضة للتغيير، أو الذين يجاهرون بوجود صعوبات وعراقيل حالت دون الاضطلاع بمسؤولياتهم كاملة. ولا يمكن في هذه الحال الاطمئنان إلى استمرار ظاهرة العزوف عن الإقبال على صناديق الاقتراع، لأن في ذلك اختزال أنماط سلوك غير مشجعة.
وإذ يركز العاهل المغربي في مقاربة الاختيار على أن الناخب مصدر السلطة «يفوضها في نطاق المحاسبة أو التغيير» بناء على النتائج والممارسات، إنما يحدد سقف المنافسات بالنتائج. أكان ذلك بالنسبة إلى السلطة التنفيذية أو المعارضة التي يكمن دورها في النقد البناء. وهذا التصور من شأنه أن يبعد المنافسات من متاهات التذبذب والتشويش، أقلّه لناحية إبرام عقد ثقة لا مكان فيه لأي استغلال أو ضغوط أو مزايدات. وسواء فهم الأمر بخلفية ما تحبل به الساحة الحزبية من صراعات بلغت ذروتها مبكراً، أو في نطاق ترسيم حدود جديدة للمسؤوليات الحزبية والسياسية، فالثابت أن مفصلية الانتخابات التشريعية المقبلة فرضت نفسها. ومن غير الوارد التعاطي معها بغير منطق التعايش الذي تعززه صناديق الاقتراع، أياً كانت نتائجها.
في التحديات الأكثر تأثيراً أنه لا يمكن العودة إلى ما قبل دستور العام 2011. كما لا يجوز الذهاب إلى الانتخابات المقبلة بمنطق الإلغاء أو التهميش. وبين التحديين لا بديل من أن تكون حرية الاقتراع المعيار الوحيد للانتقال بالتجربة السياسية إلى أفق جديد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العاهل المغربي والانتخابات العاهل المغربي والانتخابات



GMT 08:17 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

معنى استعادة سرت من «داعش»

GMT 08:15 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

لغة الإشارات بين المغرب والجزائر

GMT 08:14 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

عن التناوب الحكومي في المغرب

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

GMT 07:17 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

بن كيران والاستحقاق الانتخابي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 12:09 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 21:30 2018 الإثنين ,16 تموز / يوليو

"تحليل ثوري" يكشف "العمر المتبقي" للإنسان

GMT 11:45 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

ناشطون يبحثون عن الطائر «ياسمينة» في سورية

GMT 01:50 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

نساء مغربيات يفضحن قصص تحرش داخل حقول "فراولة"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya