شبح الدولة الدينية

شبح الدولة الدينية

المغرب اليوم -

شبح الدولة الدينية

بقلم : أمينة خيري

ومازلنا فى الخانة نفسها، حيث الإجبار على ارتداء طرحة على رؤوس الطالبات. وأذكر أننى كتبت قبل سنوات عن مدارس حكومية عدة قررت اعتبار «الطرحة البيضاء» زيًا مدرسيًا لا غنى عنه. وهو إجبار من النوع غير المُوثَّق كتابة، لكنه متغلغل اجتماعيًا بدرجة تجعله أقوى من القوانين وأعتى من الاختيارات الشخصية. وبالطبع لم يَشْكُ أحد أو يتذمر- على الأقل رسميًا- من هذا الإجبار، وهذا مفهوم تمامًا بعدما أصبح غطاء الرأس فعليًا زيًا رسميًا للأنثى المصرية. ولست فى صدد مناقشة قضية الحجاب «الجديدة» فى مصر، والمقصود بـ«الجديدة» حداثة ظهورها وانتشارها، ومواليد ما قبل الثمانينيات يفهمون ما أقصد، إذ لم يكن غطاء الرأس حتى أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضى زيًا موحدًا بعد. وتهدئة لكل مَن تُستنفَر مشاعره وتُستفَزّ أعصابه، فيهرع إلى إشهار سلاح التكفير والتخوين فى وجه «الحرب الضَّروس ضد الدين والمتدينين»، والتى لا وجود لها إلا فى رأسه، المحشو بقوالب جامدة ثابتة تمنعه من فهم المراد بالنقاش، فإن فرض «الطرحة» زيًا مدرسيًا بالقرار الرسمى أو الاستفتاء الصحفى أو الإجبار الشفهى أو التنمر بأنواعه هو توكيد واضح وصريح أننا نتجه إلى عصر الدولة الدينية بامتياز. والمتابع لأحوال المجتمع، والذى يملك جرأة النظر فى المرآة، يعرف تمامًا أن البعض فى «المجتمع المتدين بالفطرة» بات يقدس أشخاصًا وأزياء وعادات وتقاليد أكثر من تقديسه المقدسات الأصلية، وقد تم حقن هذا البعض، (وعملية الحقن مستمرة ومستعِرة)، بالمادة الخام للعنف الفكرى والتطرف الاجتماعى، مع تزيين مبدأ التدخل فى حياة الآخرين، باعتباره «أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر». وجارٍ بشكل لا تُخطئه عين هدم جذور الدولة المدنية وتقطيع أوصالها بشكل يستحيل بعدها علاجها أو استعادتها. وليس خفيًا على أحد أيضًا الترويع النفسى الذى تمارسه قاعدة عريضة، حيث المعترض على «طرحة الزى المدرسى» يدعو إلى عرى البنات، والداعى إلى منع الملصقات الدينية وصور الشيوخ الملصقة على الميكروباصات وباصات النقل العام والسيارات يهدف إلى نشر الإلحاد وبث الكفر والفسق، والمعترض على أن يكون فى بهو الوزارات ومحطات مترو الأنفاق وطرقات المصالح الحكومية وأروقة المؤسسات زوايا للصلاة رغم وجود مساجد على مرمى حجر واحد وليس حجرين هو كاره للصلاة ومُعادٍ للمصلين. العجيب والغريب أن مصر قبل أن تعتنق هذا الفكر «المتدين بالفطرة» كانت أكثر تدينًا بالحجة والبرهان. والبرهان على أن التحرش قد توقف لأن الإناث وضعن طرحة على رؤوسهن، وأن الضمائر المُراعية لله فى العمل قد استيقظت والرشاوى قد انعدمت، بعد أن أصبح لكل مكتب زاوية للصلاة، لا أثر له. ألا يستوجب الأمر تدخلًا ما أو مواجهة حتمية طال انتظارها فأصبحنا شبه دولة دينية؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شبح الدولة الدينية شبح الدولة الدينية



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 12:31 2019 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

4 أكواب من القهوة يوميا تحد من زيادة الوزن

GMT 22:15 2016 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد مصارعة المحترفين "wwe" ينفي وفاة النجم بيغ شو

GMT 06:58 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

إيلي صعب يقدم مجموعته الجديدة من الفساتين لشتاء 2017

GMT 19:08 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

نادين الراسي تفجر مفاجأة صادمة عبر "توتير"

GMT 22:37 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

عمرو أديب يكشف عن موعد إذاعة حوار صلاح

GMT 12:04 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

المغرب يطلق أول كبسولة إلى الفضاء

GMT 20:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة تهيئة مرافق نادي التنس في وجدة

GMT 17:26 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مارين سيليتش يبلغ ربع نهائي بطولة أستراليا المفتوحة

GMT 09:28 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

استطلاع يعلن أنّه يُنظر إلى ميلانيا ترامب بشكل إيجابي

GMT 04:32 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

شابة في أستراليا تشعل التواصل الاجتماعي بصور عن المأكولات

GMT 11:31 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الاسباني فيليبي السادس يستعد لزيارة المملكة المغربية

GMT 20:45 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

كالديرون "يذبح" الزمالك ونيبوشا يقترب مِن الرحيل

GMT 05:59 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الخميس

GMT 07:22 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ريم بوشناق تُواصل "البيت الكبير" بعد سلسلة من التأجيلات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المدير العام للأمن الوطني يعفي أحد المسؤولين في طنجة

GMT 11:27 2013 الخميس ,13 حزيران / يونيو

إيمي أنيقة في فستان أسود وبني دون أكمام
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya