بقلم : سليمان جودة
من الواضح أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سوف تقضى الفترة من هنا إلى الثالث من نوفمبر، وفى نفسها شىء من السودان بالذات!
ففى هذا اليوم ستجرى انتخابات الرئاسة الأمريكية، وفيه سوف يتحدد ما إذا كان ترامب سيبقى فترة أخرى وأخيرة فى مكتبه البيضاوى رئيسًا، أم أنه سيخسر ويرحل مُشيعًا بالكثير من اللعنات حول العالم!.. وهو يرى فى الفوز مسألة حياة أو موت.. إنه يرى أنه سيحيا إذا فاز، وسيموت إذا خسر، ولذلك يقاتل بمعنى الكلمة ليبقى مهما كان الثمن!
وتقديره أن من بين عوامل فوزه فى سباق الرئاسة نجاحه فى دفع أكبر عدد من العواصم العربية إلى إقامة علاقات مع إسرائيل.. فمن شأن مثل هذه الخطوة أن ترفع أسهمه لدى اللوبى الإسرائيلى فى الولايات المتحدة، وهذا اللوبى قادر هناك على إنجاح مرشح وإسقاط آخر!
ولا تزال إدارته تتطلع إلى السودان على وجه الخصوص، وكأنه الكفة الوحيدة التى سترجح حظوظه فى نظر اللوبى الشهير، وربما لهذا السبب راحت تضغط على الأشقاء فى الخرطوم كما لم يضغط عليهم أحد من قبل.. وقد أخذت الضغوط أشكالًا نادرة وصورًا فريدة من نوعها!
مثلًا.. كان مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى، فى زيارة إلى السودان فى أغسطس، وحين التقى الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السودانى، طلب منه طلبًا غريبًا عجيبًا.. كان الطلب أن يتصل حمدوك فورًا، وفى أثناء لقائهما، برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو!
ولم يحدث طبعًا لأن حمدوك تهرب بذكاء من الطلب عندما شرح للوزير بومبيو، أن حكومته هى حكومة سودانية مؤقتة، وأنها بهذه الصفة لا تملك تفويضًا من السودانيين الذين تحكم باسمهم، لاتخاذ قرار بحجم قرار تطبيع العلاقات مع تل أبيب!.. ولم تيأس إدارة ترامب.. فعادت تضرب مدى زمنيًّا يقرر السودان فيه بدء علاقاته الإسرائيلية، وقالت إن هذا المدى ينتهى بغروب شمس الخامس عشر من أكتوبر!
وقد حل الموعد المحدد ثم انقضى، دون أن يحدث التطبيع، لأنه ببساطة لا يتم من خلال ضغطة على زر، ولكنه عملية مكتملة لها محددات، ومقدمات، ثم التزامات تقع على الطرف الإسرائيلى تحديدًا تجاه فلسطين.. وإلا.. فإنه يظل تطبيعًا على ورق!