لا غالب ولا مغلوب

لا غالب ولا مغلوب!

المغرب اليوم -

لا غالب ولا مغلوب

بقلم : محمد أمين

البرلمانات فى العالم لا يمكن أن تصدق على مشروعات قوانين ضد إرادة الناس.. وقد كانت الاحتجاجات الفرنسية الأخيرة استفتاء على مشروع قانون الأمن الشامل للشرطة، وكانت النتيجة أن رفضت الجمعية الوطنية الفرنسية «البرلمان» مشروع القانون، بما يمثله من اعتداء على حرية الصحافة، واستجابة لطلبات الرأى العام وحماية لحرية الصحافة.. فقد كان مشروع القانون يحظر تصوير رجال الشرطة أثناء عملهم، ولا أظن أن وسائل الإعلام سوف تعتبر قرار الجمعية الوطنية بأنه انتصار لحرية الصحافة وانكسار للشرطة، وإنما عودة الأمور إلى طبيعتها، لا غالب ولا مغلوب!

فلم يكن احتجاج الفرنسيين ضد الشرطة نفسها، ولا رغبة منهم فى كسر إرادتها، وإنما كان الهدف حماية الحريات وحماية حق الشرطة فى التأمين أيضاً!

وكان أعضاء البرلمان عند ظن الناس بهم، ورفضوا المادة المكبّـلة للحريات، التى أثارت احتجاج الفرنسيين، ورفضها الآلاف، وبالتالى رفضت الجمعية الوطنية إقرار المشروع كله، واعتبرته كأن لم يكن.. وفى السياسة لا يعد ذلك انكساراً للشرطة ولا الدولة ولكن يعتبر تفهماً لمشاعر المواطنين، وعدم الدخول فى دوامة العنف والعنف المضاد، والانتصار للديمقراطية، التى تحمى الجميع مواطنين وأجهزة أمنية!

وسحبت الحكومة مشروع القانون لا لكى تقدمه فى وقت لاحق، ولا لكى تنتهز فرصة وباء الكورونا والناس مشغولة، وإنما لكى تقر بحق الناس فى الحريات التى كفلها القانون والدستور!

ولا تسخر من أن الديمقراطية لم يعد لها مكان فى البلاد التى اخترعتها، ولا تفرح بما فعله «ترامب» حتى الآن وعدم اعترافه بالهزيمة، وعدم الانتقال السلس للسلطة، فإن ترامب حتى الآن يلعب فى المساحة المسموحة له حتى العشرين من يناير القادم، وسينزل على إرادة الناخبين طوعاً أو كرهاً، فكما قال السادات إن الديمقراطية لها أنياب!، وقد تستخدم أنيابها لتنتصر فى النهاية!

الديمقراطية تسمح بفكرة التعايش الآمن، فكما أن للدولة حقوقاً، فإن للمواطن أيضاً حقوقاً.. وفى فرنسا وأمريكا تأخذ الديمقراطية من الدولة والرئيس عندما يجور على حق الشعب، وتأخذ من الشعب عندما يجور على حق الرئيس، فالحياة ليست غالباً ولا مغلوباً، ولا هى انتصار لفريق وانكسار لفريق آخر.. إنما هى توازن بين السلطات التى يحميها الدستور والقانون!

وعلى أى حال، فإن التجربة الفرنسية فى الديمقراطية أكثر رشداً من التجربة الأمريكية، فحتى الآن لم يمكث أى رئيس فرنسى سابق فى الحكم أكثر من دورتين مع أن الدستور الفرنسى لا يمنع ذلك.. ومع هذا انتصرت التقاليد والأعراف الديمقراطية على نصوص الدستور، الذى دفع فيه الفرنسيون أثماناً غالية، فلم يحدث أن التجربة الفرنسية شهدت أى تخبط مثل الذى تعيشه أمريكا الآن!

وباختصار، فإن تراجع الجمعية الوطنية عن إقرار مشروع الأمن الشامل، ليس هزيمة، ولكنه إيمان بقيمة الديمقراطية، والانصياع لإرادة المواطنين.. فليس من المعقول ولا المقبول إقرار قانون يثير غضب الجمهور، فما لهذا كانت البرلمانات فى البلاد الديمقراطية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا غالب ولا مغلوب لا غالب ولا مغلوب



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:33 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

النعناع البلدي يساعد في القضاء على الصداع

GMT 08:51 2018 السبت ,19 أيار / مايو

أطعمة تخلصك من الهالات السوداء

GMT 08:15 2018 الخميس ,08 شباط / فبراير

أبرز العطور الخاصة الموجودة بموسم شتاء 2018

GMT 05:36 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

أبعدوا حزب المرقة

GMT 00:51 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

تونس تلاقي أنغولا في نصف نهاية كأس إفريقيا لكرة اليد

GMT 04:25 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

مخاوف من عصر جليدي صغير وسيء خلال 30 عامًا

GMT 21:10 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

سلسلة مطاعم "أوباك" المظلمة تجربة تعزّز حواسك كلّها

GMT 10:29 2015 الأربعاء ,06 أيار / مايو

الضّعف الجنسي عند الرّجل سببه المرأة

GMT 04:07 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

مدينة غزة تصارع الأزمات المتعاقبة وتتمسّك بالأمل للبقاء

GMT 19:47 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

المغني المغربي مسلم يستعد لطرح "العين الحمرا" قريبًا
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya