رائحة أمى

رائحة أمى!

المغرب اليوم -

رائحة أمى

بقلم - محمد أمين

طلبت من أبى أن نزور شقتنا القديمة لعلى آتى ببعض الأشياء من هناك.. وافق أبى على الفور.. وعندما وصلنا، كان هناك تراب على باب الشقة.. أحسست بمشاعر مختلطة وسقطت من عينى دمعة ساخنة.. لا أعرف سببها.. لكن أهم شىء أن أبى لم يشعر بى والألم يعتصرنى.. أعرف أن أبى يتمتع بشخصية قوية، لكنى كثيراً ما رأيته يبكى أيضاً.. وكنت أتمزق.. ولا أريد أن أضيف إليه عبئاً جديداً!

دخلنا الشقة، وكان التراب يغطى كل شىء.. تركنا هذه الشقة منذ سنوات وانتقلنا إلى حى آخر.. تذكرت كيف كنت هنا طفلاً.. وتذكرت إخوتى.. فتحت الدولاب وشممت رائحة أمى.. لم أستطع أن أخفى مشاعرى أكثر.. قلت لأبى.. إننى أشم رائحة أمى وإخوتى.. كنا نعيش هنا قبل الانفصال، وقبل أن تأخذ أمى إخوتى وتذهب إلى مدينة بعيدة عند أهلها.. هز أبى رأسه ولم يعلق.. كان أبى لا يطيق هذه السيرة، ولا يحب الشقة القديمة لأنها تذكره بها.. الآن لا يريد الكلام ولا يريد التعليق.. ما صدقنا أن التأم الجرح بعد عشر سنين!

كان أبى حين يأتى إلى شقتنا القديمة، أحس بزفراته وأشعر بوجعه.. لمجرد أن يرى التراب على الأثاث.. كان يحزن. لم يشأ أبى أن ينقل العفش أملاً فى استعادة كل شىء زمان.. أمى أصرت على هدم البيت.. الآن لم أعد صغيراً.. كنت أعرف كل شىء.. وبدأت أقرأ قصص الانفصال وأتعرف على بعض قوانين الأحوال الشخصية.. كان أبى يملك أن يفعل أشياء كثيرة، ولكنه كان يقول: علشانكم.. أحياناً كنت أحرضه على إيذائها إن استطاع.. وكان يقول: بكرة هتعرف أنا عملت الصح.. مينفعش هى فى النهاية ماما، وستعايرون بأى شىء يحدث لها.. وكنت أقول له ولكنها لا تراعى أى شىء!

لا أعرف كيف مر شريط الذكريات بهذه السرعة هكذا، فقد تعكر مزاجى واغرورقت عينى بالدموع.. مسحت دموعى دون أن يشعر أبى.. عشت سنوات بعيداً عن أمى وإخوتى، حين قررت أن أختار العيش مع أبى بمحض إرادتى.. وكانت أمى تتصور أن أبى أغوانى.. وتركتنى كأنها لا تعرفنى.. وانتقلت للدراسة فى القاهرة، لم يحاول أبى اللجوء للمحاكم لرؤية إخوتى.. ولم يوكل أى محام.. ولجأ للطرق السلمية!

وبالفعل نجح أبى مؤخراً أن يجمع شملنا.. والتقيت أنا وإخوتى.. وحتى أمى كانت تحضر معنا فى كل فسحة، وكل غداء يعزمنا عليه.. كانت تحضر بحجة أنها لن تتركنا.. وكان أبى يوافق لاستكمال الشكل العائلى.. ياااه.. ليتنى لم أذهب إلى شقتنا القديمة.. ما صدقت أننا عدنا كما كنا زمان.. الفرق أن أبى فى غرفة، وأمى فى غرفة أخرى، كنت أخشى عليه حين ينام، وأذهب لأطمئن عليه!

أصبحت «رجلاً» عشرينيًا.. وبإمكانى أن أقوم برأب صدع الأسرة.. أمى قد تتمنى العودة، بعد الانكسار، وتقدم سنها.. لكن المعضلة أصبحت عند أبى.. فقد عانى منها الكثير بسبب العناد، وكنت شريكه فى رحلة المعاناة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة أمى رائحة أمى



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 18:41 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

النادي القنيطري يحدد موعد جمعه العام نهاية الشهر الجاري

GMT 10:04 2017 الثلاثاء ,19 أيلول / سبتمبر

شاطئ كابوتاش ذو الرمال البيضاء في أنطاليا التركية

GMT 09:36 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ليدي غاغا تتألق في اللون الوردي أثناء ترويج ألبومها "جوان"

GMT 16:15 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

"نايل فاميلي" تعرض مسلسل "رياح الشرق" بعد خوضه سلسلة قضايا

GMT 10:48 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جبل الأولداغ في تركيا من أفضل الأماكن لممارسة رياضة التزلج

GMT 09:42 2017 الجمعة ,10 شباط / فبراير

نيكول سابا تبدو مثيرة في أجدد جلسة تصوير لها

GMT 14:31 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة المستشارة البرلمانية فاطمة أيت موسى

GMT 11:50 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

"سيشيل" لؤلؤة المحيط الهندي تضم 115 جزيرة من الجرانيت والمرجان

GMT 09:04 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ريجيس دوبريه ينصح في كتابه الأخير نجله بألا يتبع مساره
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya