هل «الكورونا» لعنة من السماء

هل «الكورونا» لعنة من السماء؟

المغرب اليوم -

هل «الكورونا» لعنة من السماء

بقلم : خالد منتصر

خرج علينا كاتب كبير فى مساحته التى احتلت نصف صفحة ليخبرنا بأن «الكورونا» انتقام إلهى، وأنه لأسباب التجبر والغرور الإنسانى حقّت على الأرض اللعنة!، وأن «كورونا» رسالة إلهية لكى تعود البشرية إلى الله، وأنه كان لا بد أن يُذَل العلماء وتعاقَب البشرية حتى تعرف وتدرك قيمة الدين فى عصر المادة!!، وأن الحرب العالمية الثانية اندلعت، لأن العالم انساق خلف العلم الذى يمثله أينشتاين وأمثاله وترك الدين والروحانيات، وللأسف هذا الكلام منتشر بشكل سرطانى، وردده من قبل زغلول النجار وغيره من سماسرة الإعجاز، وما زال مَن يرددونه لا يدركون أنهم يروّجون صورة مشوهة عن الدين وعن الخالق وعن العلاقة ما بينه وبين المخلوق، يحولون تلك العلاقة التى قوامها الحب والرحمة إلى حلبة ملاكمة وساحة مصارعة وفخ تربص، لا بد فيها من كسر الأنف وإهانة الروح وتعذيب الجسد وبث الخوف وزرع الرعب كى ترضى السماء عنك وتصبح عبداً صالحاً!، وسأطرح عدة أسئلة على الكاتب الكبير انطلاقاً من هذا المفهوم العقابى الانتقامى الكوفيدى، هل فيروس سى هو عقاب إلهى للمسلمين المصريين؟!، هل الجفاف والإسهال وفقر الدم انتقام ربانى من فقراء الصومال الغلابة؟!، هل الزلزال الذى حدث عند خليفة المسلمين العثمانلى غضب من الله على حكم الإخوان لتركيا؟!!، هل سقوط رافعة فى الحرم المكى لتهرس أجساد الحجاج تحتها هو تأديب للمسلمين ضيوف بيت الله؟!!، ولماذا ترسل السماء مندوباً فيروسياً للانتقام، ألا يكفى الأمر الإلهى بسحق بلد ما وإزالته من على الخريطة دون فيروسات؟؟!، والسؤال المؤرق كيف يتبنى الكاتب الكبير والذى سيكون أول المهرولين إلى حقنة الفاكسين الآتية من دول الكفرة المتجبرين الماسونيين البوذيين الصليبيين العلمانيين.. إلخ، كيف يتبنى منطق التربص الإلهى بعبيده العلماء الذين يريدون شفاء البشر من آلامهم؟!، كيف يتصور أن الخالق عز وجل فى منافسة مع العلماء الذين يسهرون ويكدّون ويتعبون لكى يضيفوا بحثاً أو يضيئوا ظلاماً أو يكتشفوا مجهولاً، ويتوعدهم بأنه سيتركهم حتى يصلوا إلى ذروة التقدم ثم ينتقم منهم عقاباً على التجرؤ والتبجّح باكتشاف علاجات لأمراض مستعصية؟!، كيف لمن طلب منا إعمار الأرض وخلقنا أساساً لذلك الغرض النبيل أن يعاقبنا على أننا عمّرناها وبنيناها وطورناها وعالجنا مرضاها؟!، هذا مجرد فهم ومنطق مغاير لفهم ومنطق آخر عاش فى كهف وهم وخديعة أكبر عنوانها أن العلوم الشرعية هى الخالدة الباقية المفيدة والعلوم الدنيوية هى الزائلة الفانية الضارة، للأسف هذا الكاتب ليس الوحيد أو الاستثناء بل يشاركه هذا المنطق العبثى كثيرون منهم أساتذة جامعيون، تعلموا فى أرقى جامعات أوروبا وأمريكا، ما زالوا مقتنعين بأن المساحة التى ينجح فيها العلم هى حتماً وبالضرورة انتقاص واقتطاع من مساحة الإيمان!!، وهناك سؤال آخر أهمس به فى أذن كاتبنا الكبير الذى أرجع الحروب والدماء إلى غرور هؤلاء العلماء الذين أنساهم العلم دينهم من أمثال أينشتاين وغيره، فحق عليهم العذاب والدمار والهلاك، السؤال: هل الدماء التى أريقت فى حروب المسلمين للمسلمين، والصحابة للصحابة، هى أيضاً لأن المخترعين فى الجزيرة العربية تحدوا الإله وأصابهم الغرور الفيزيائى الكيميائى؟!، هل عندما قُتل «طلحة» و«الزبير» وهما من العشرة المبشرين بسبب قتالهما فى جيش ضد صحابى مبشر آخر وهو على بن أبى طالب، كانا يتحديان السماء باختراعات علمية؟!!، هل قطع رأس الحسين وعبدالله بن الزبير وآلاف الأشلاء المبتورة والبطون المبقورة فى تلك الحروب لصحابة وتابعين بلغوا درجة من الورع والإيمان والتقوى لا يستطيع أحد المزايدة عليها، هل يراها الكاتب الكبير انتقامات إلهية هى الأخرى؟!!، أرجو من مفكرينا الأفاضل عدم استغلال رعب الناس من المرض فى ترويج الخرافات وترسيخ الجهل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل «الكورونا» لعنة من السماء هل «الكورونا» لعنة من السماء



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya