شخبطات على جدار الاكتئاب

شخبطات على جدار الاكتئاب

المغرب اليوم -

شخبطات على جدار الاكتئاب

بقلم : خالد منتصر

«الاكتئاب كلب أسود ثقيل»، هكذا كان يصفه ونستون تشرشل، كان هذا الكلب الأسود يجثم على صدره يومياً، هناك آخرون وصفوه بالسجن، أو بالغرق فى قاع المحيط، ألم الاكتئاب أقسى من السرطان، والكارثة أننا لا نحس بمدى هذا الألم، ونريد أن يتجرعه المريض ويمرره على أنه مجرد ضيق أو حزن عادى وسيمر مرور الكرام، كأى ضيف لزج ثقيل الظل.

بعد لقائى مع صديق عزيز مريض بالاكتئاب، كتبت تلك الخواطر، هى مجرد خواطر أدبية من طبيب غير متخصص فى الطب النفسى، وهى ليست معلومات علمية مكتوبة فى المراجع، ولكنها شخبطات أحاسيس بمرض ما زال يحمل الكثير من الأسرار، وما زالت فيه مساحات للتأمل الأدبى بعيداً عن السيروتونين والوصلات العصبية والبروزاك ومورفينات المخ، وتلك هى الحصيلة التى عدت بها من رحلة هذا اللقاء الموجع الذى كان بطعم المرارة، ليس لأن المرض مستحيل الشفاء، بالعكس علاج الاكتئاب صار ناجحاً ومبشراً بنسبة كبيرة، لكن لأن المريض لا يحس به أحد، لا يفهمه أحد، ويتعاملون مع اكتئابه على أنه مجرد مغص، سيختفى بالقرص المسكن، تلك هى شخبطاتى على جدار الاكتئاب:

مريض الاكتئاب لا يريد الشفاء من أجل السعادة ولكنه يريده فقط من أجل التخلص من الألم.

تعبير لا أنساه لمريض اكتئاب، أنا يا دكتور عايز أفتح باب نفسى وأخرج فى البراح!

تناول مريض الاكتئاب قرص المنوم، لم تغمض عيناه لحظة، وبالرغم من ذلك تناوله فى اليوم التالى، حقاً لم ينم لكن الجميل الذى أسداه له قرص المنوم، أنه ظل يقظاً دون رعب.. دون هلع.. دون إحساس بأن شبح الموت يضغط على حنجرته ويجثم على صدره.

الألم فى الاكتئاب مش مجرد إحساس، ده فكرة ما تقدرش تفصلها عن نفسك، عن ذاتك، ممكن ألم ركبتك تضيعه بمسكن، لكن لما يكون الألم فكرة، لما يكون الألم أنت نفسك، مستحيل يضيع بالمسكن، مطلوب شوية شعور بمرضى الاكتئاب، فألمهم فوق الوصف.

دائماً لا يكتشف مريض الاكتئاب بدايات مرضه، ليس لأنه لا يستطيع وصف أعراضه، ولكن لأن أعراضه فوق الوصف.

شكاوى مريض الاكتئاب المتكررة: مرهق دايماً وبدون سبب، مش واثق فى نفسى، بطىء، مش فارق معايا، مليش نفس للأكل، بأعيط، مش مبسوط ولا حاسس بأى لذة، مش عايز أتكلم وكأن لسانى مربوط فى سقف حلقى، الناس اللى حواليا مش شايفهم.

من أروع وأدق التعبيرات التى سمعتها من مريض بالاكتئاب، أشتاق وأنا بين الناس إلى الوحدة والعزلة، اشتياق سمكة لمياه البحر وهى على حافة قارب الصيد!!.

«نضحى بثلاثة أرباع ذواتنا لنصبح كالآخرين»، قالها شوبنهاور، حاول أن تكون نفسك، لا تبحث عن أقنعة طوال الوقت لترضيهم وتصبح نسخة منهم، عندما تحب فقط يصبح تنازلك عن جزء من ذاتك له مكسب، الحب تفاعل إيجابى يربح فيه الطرفان، وليس خصماً من الرصيد، أنت بنقطة ضعفك أفضل من كونك مسخاً بلا ملامح.

قال لى: قبل الاكتئاب كانت منطقة دائرة الألغام على حدود أطراف العالم، وأحياناً خارج الكرة الأرضية، الآن صارت حول سريرى، وأحياناً مرسومة بمساحة جسدى نفسه، صرخ وهو يبكى: منطقتى الآمنة تقلصت بل تبخرت.

أخبرنى صديقى المكتئب ذات يوم فى نوبة صراحة قائلاً: قبل اكتئابى كانت أزرار شخصيتى بداخلى، جزءاً منى وعند أطراف أصابعى، أضغط عليها بمجرد لمسة، فأتفاعل وتتفاعل، بعد الاكتئاب، صرت أضغط على ريموت كونترول، بطارياته ضعيفة، وأحياناً دون بطاريات، أطل على شاشة نفسى المتثاقلة من الخارج بريموت ميت بارد.

ضع أذنك على ثقب باب روحك، واستمع إلى زفراتها ونجواها، أصغ إليها جيداً، قف على أطراف أصابعك، واستجمع كل نهايات أعصابك وخلايا تركيزك، أنت لم تنصت إلى داخلك أبداً، عشت مرآة لمن هم حولك فقط، ولم تتجول داخل ردهات روحك، تراكم لديك مخزون مبعثر فى قبو الذات، وبدلاً من البحث والترتيب أغلقته

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شخبطات على جدار الاكتئاب شخبطات على جدار الاكتئاب



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 20:51 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

العثور على دمية غريبة الشكل بها أعمال سحر في مديونة

GMT 14:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامية داليا كريم تُكرّم الممثلة اللبنانية رينيه ديك

GMT 08:45 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

تعرف علي أهم أسباب هجرة الرسول إلى المدينة المنورة

GMT 05:04 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

حذاء الكاحل الأكثر رواجًا في موسم شتاء 2019

GMT 08:20 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

بقعة حمراء بجسدك قد تشير إلى إصابتك بالسرطان

GMT 13:31 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

"WWE" يعلن عودة دانيال براين للحلبات مجددًا

GMT 19:43 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

انخفاض جديد في أسعار المحروقات في المغرب

GMT 10:54 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

فوزنياكي تقتنص صدارة تصنيف التنس وتتويجها بلقب أستراليا

GMT 13:44 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعرض مهاجمه أوباميانغ للبيع

GMT 06:02 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

3 فنانين أثروا السينما المصرية بتجسيد مشاكل الصم والبكم

GMT 21:01 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدينة "فاطمة" في البرتغال مزار الكاثوليك حول العالم

GMT 17:32 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الملك محمد السادس يقرر تأجيل زيارته لغينيا كوناكري
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya