محمد وبسنت وجريمة شطب الطفولة

"محمد وبسنت" وجريمة شطب الطفولة

المغرب اليوم -

محمد وبسنت وجريمة شطب الطفولة

بقلم : خالد منتصر

أكبر متعة أن تظل طفلاً، تتمتع بدهشة الطفولة، وبراءة الطفولة، وعفوية الطفولة، أكبر مكسب أن تجعل الكبار محتفظين بطفولتهم التى لا تشبع من الكشف والبحث حتى آخر لحظة، لكننا فى مصر على عكس الدنيا، نحاول ونجاهد بشتى الطرق أن نكبر أطفالنا قبل الأوان، وأن نجعلهم عواجيز بالبامبرز، نفخر بحرق المراحل، ونجبر أطفالنا على هجر مفردات الطفولة، والسباحة فى محيط المراهقة والشباب الهادر المتلاطم الأمواج منذ الـ«كى جى».

حكاية الطفلين «محمد وبسنت»، التى انتشرت كالنار فى الهشيم بواسطة السوشيال ميديا، لخصت هذا الوضع المزعج والسلوك المعيب، بل والجريمة الكارثية، لم تكن المشكلة فقط فى كلام طفل عن علاقة حب بطفلة ستتعرض للتنمر فيما بعد، وصراعه مع زميله فى الحضانة عليها، بل الجريمة هى فى تفاخر الأب وفرحته بابنه، فهو فرحان لأنه قد «خلف راجل»، يتحدث عن الحب والغرام والهيام، والمهم أنه يتخذ من ابنه مادة للهزار، ثم يتعمد نشر تلك الفضيحة على أوسع نطاق بحيث يشاهدها الملايين!

الجريمة الأكبر هى فى فرحة المشاهدين بالطفل «الأروبة»، الطفل الذى انتزع آهات الإعجاب وقهقات الفرح والانبساط، برغم أن ما شاهدناه يثير الرثاء ويستحق البكاء لا الضحك، نحن أمام ظاهرة خطيرة سببها أننا تركنا الأطفال بدون أى دعم أو اهتمام، لم نخلق لهم عالمهم الطفولى الخاص، فلم يكن عندهم بديل إلا أن يقتحموا عالمنا بكل موبقاته وخداعه وزيفه ومشكلاته وعقده.

تركنا أطفالنا بدون برامج أطفال تتحدث معهم وعنهم، تحاورهم وتستمع إليهم، تجسد أحلامهم وتحلق فى خيالاتهم، فهاجروا بسرعة إلى تمثيلياتنا وجرائمنا وعلاقاتنا غير البريئة ومشاجراتنا بدمائها ونزيفها وتجاوزاتها.. إلخ، افتقدنا حكايات الأطفال على الشاشة، تلك الحكايات التى تخلق عالماً موازياً للطفل يرتمى فى أحضانه، يعلمه ويعالج هواجسه ومخاوفه وينمى خياله وينسج أحلامه، حرمنا الطفل من كتاب وقصص الأطفال المدروسة بعناية والملونة ببهجة، القصص الجذابة والممتعة والمثقفة، ضيقنا على دور النشر فأصبحت لا تطبع كتباً للأطفال، لأنها غير مربحة، ولا تشتريها مكتبات وزارة التربية والتعليم، فتركد فى المخازن.

ألغينا مسابقات وجوائز كتاب الأطفال، كل تخصصات الأدب لها جوائز تقديرية وتشجيعية وجائزة النيل إلا أدب الأطفال، لا توجد أغنية للطفل منذ محاولات عمار الشريعى وسيد حجاب، اذهب لأى حفلة مدرسية سترى المهازل، أطفال فى سن السادسة والسابعة يغنون أغانى مهرجانات وهجر وخيانة ولوعة.. إلخ.

الأطفال تائهون، ونحن المدانون، نحن المتهمون، تركنا الطفل فى صحراء فكبر وشاخ وتجعد قبل الأوان، مجتمع لا طفولة فيه هو مجتمع مريض، مجتمع افتقد حس الدهشة والبراءة والسؤال المؤرق المزمن وشغف وفضول العين الطفولية الباحثة الكاشفة لا العين المتلصصة المتربصة، هو مجتمع ينتحر ويشيخ ويذبل، أنقذوا الأطفال والطفولة ولا تطلبوا منهم خلع طفولتهم عند أعتاب رغباتكم المريضة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد وبسنت وجريمة شطب الطفولة محمد وبسنت وجريمة شطب الطفولة



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya