ظاهرة 40 عاماً

ظاهرة 40 عاماً

المغرب اليوم -

ظاهرة 40 عاماً

بقلم : سمير عطاالله

ما يميّز القراءة في مذكرات عمرو موسى «سنوات الجامعة العربية»، أننا نتأمل معاً في مرحلة تاريخية عشناها جميعاً، وليس في تاريخ مضى عليه الزمن وغاب شهوده وغَمُضت تفاصيله. الميزة الأخرى طبعاً أن صاحب المذكرات رجل عاقل ومحترف وبعيد عن الأسلوب العربي المألوف في خلط الحقائق بالتمنيات، والوقائع بالخطابيات. أمام مثل هذا السرد يستعيد المرء بعض أحداث الأمة وهو في حالة من الذهول حيال ما رأى وما سمع.

تغطي المذكرات - على سبيل المثال - المواقف العربية من تلك الجائحة السياسية التي ضربت تونس ومصر وليبيا في وقت واحد تحت اسم «الربيع العربي». تتأمل وكأنك تحضر فيلماً سينمائياً درامي الإخراج، سلوك ثلاثة سياسيين جميعهم من خلفية عسكرية: زين العابدين بن علي، الذي يسارع إلى التخلي عن السلطة تجنباً للمواجهة والدماء. 

وحسني مبارك، الذي يتردّد قليلاً في التنحّي، ثم يترك السلطة من دون أن يترك البلاد. ومعمر القذافي، الذي يتطلّع إلى شوارع طرابلس وبنغازي وطبرق ويقول للناس: «من أنتم؟ من أنتم؟. جرذان جرذان». في مقر الجامعة العربية في القاهرة يصغي دبلوماسي عربي عريق، هو الأمير سعود الفيصل، إلى هذا الكلام المذعور، ويخاطب الحضور قائلاً: «أيها الإخوة هذه دعوة لإبادة الناس، وهو أمر غير مقبول».

قد يبدو للذين يتابعون هذه الزاوية منذ ثلاثة عقود أنني مُصابٌ بعقدة اسمها «الأخ العقيد». وبعد عقد على غيابه في ظروف توحشية معادية لمظاهر القانون وأبسط الحقوق الإنسانية، يبدو لي أنها عقدة حقيقية. إلى اليوم لست أفهم كيف يستمر رجل بمثل سلوكه، 42 عاماً في حكم بلد تاريخي مثل ليبيا.

ليس صحيحاً على الإطلاق أن الشخصية القذافية كانت أمراً خاصاً به. لا غرائب مظهره ولا أثوابه المزركشة ولا خيامه التكنولوجية ولا خطبه الفاقعة ولا طريقته في التعامل مع الزعماء العرب ودول العالم - لا شيء من ذلك كان عادياً بأي مقياس من المقاييس.

نقل القذافي، أو نسخ كل ما طاب له عن الآخرين، خصوصاً عن ماو تسي تونغ. كتابه الأحمر أصبح في الجماهيرية كتاباً أخضر، ونقل عن ماو فكرة «الممرضات» المرافقات، وأضاف إليها مشهد الحارسات وقائدتهن الشهيرة، يتنقلن في مواكبه الرسمية من بلد إلى بلد، والعالم يضحك، والليبيون يخجلون صامتين.

أربعة عقود والقذافي مأخوذ بما يفعل. كل فترة يسمع عن فكرة ينقلها وينسبها إلى جماهيريته. وذات يوم أعجبته فكرة «كومونة» (جماعية) باريس فأعلنها، فكتبت هنا ساخراً من الأمر. وبعد أيام أخبرني الروائي الراحل أحمد إبراهيم الفقيه أن العقيد ألقى خطاباً في سرت وشرح مقالتي على أنها مديح له. كما اتصل بي جماعة من «اللجان» تدعونني للتوسع في بحث أفكار القائد حول «الكومونة». 

وكتبت يومها أنني أحلت الدعوة على اللجنة الشعبية المختصة!
لن نرى في مذكرات عمرو موسى شخصية عربية مشابهة. لكن تلك العقود الأربعة لم تبدُ في ليبيا وحدها، بل في كل «الوطن العربي الكبير»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظاهرة 40 عاماً ظاهرة 40 عاماً



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 19:03 2015 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيروز تحتفل بعيد ميلاد الثمانين السبت

GMT 19:51 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لكل ربة منزل لا تضعي هذه الأطعمة في الثلاجة

GMT 23:56 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

200 شاحنة عسكرية أميركية لتدعيم الجيش المغربي

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 02:16 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

بريجيت ماكرون تظهر في حجاب حريري في الإمارات

GMT 15:32 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل جديدة في جريمة قتل أجنبيتيْن في إقليم الحوز

GMT 16:47 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة التركية تستعين بـ عفريت خاشقجى لإيجاد جثته
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya