الإستقالة أقصر الطرق الى الحلّ وأصعبها

الإستقالة أقصر الطرق الى الحلّ... وأصعبها!

المغرب اليوم -

الإستقالة أقصر الطرق الى الحلّ وأصعبها

بقلم : جورج شاهين

اقترب مختلف الأطراف بمن فيهم الأقوياء من تكوين قناعة ثابتة بأنّ استقالة الحكومة من أقصر الطرق وأرخص المخارج من المأزق. ورغم ذلك فهي بالنسبة الى البعض منهم الخطوة الأكثر صعوبة. فهي تعكس مظهراً من مظاهر «الهزيمة» التي لا يمكن استيعابها أو تجاوزها بسهولة في ظلّ السيناريوات المأسوية المتداولة. فما الذي يقود الى هذه المعادلة؟

لا يخفي مقربون من العهد أنّ معظم البرامج التي أعدّت من أجل الاحتفال بالذكرى الثالثة لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد أيام قليلة قد أرجئت أو ألغيت وما بقي منها سيبقى محصوراً بما هو ضروري ويتناسب مع ما آلت اليه البلاد من حال. فالرسالة الرئاسية ما زالت في موعدها رغم أنّ قسماً منها قد استهلكته الرسالة التي اضطر رئيس الجمهورية الى توجيهها أول من أمس الى اللبنانيين المعتصمين والمنتشرين في الشوارع والساحات، كما في المنازل. فالظروف قد لا تسمح بالمزيد مما يقال، وخصوصاً انّ ما هو مطروح على هامش التغيير الحكومي قلّص الكثير من خيارات المناسبة في الشكل والتوقيت والمضمون.

لم تكن مناسبة الحديث عن الذكرى، إلّا مجرد محطة لتزامنها مع الأحداث الأخيرة وانتفاضة قسم كبير من اللبنانيين نادت في بداية حراكها بالتغيير الشامل على قاعدة «كلّن يعني كلّن»، ابتداء من رئيس الجمهورية الى ما بات محصوراً بإجراء التغيير الحكومي. فهو سيبعد العديد ممن استفزوا الشارع في معظم الملفات سواء في ما بين اعضاء الحكومة أو ما بينها والشارع اللبناني المنتفض. لذلك باتت استقالة الحكومة من أقصر ما هو متوقع من خيارات لاستعادة الوضع طبيعته وانسحاب مئات الآلاف من اللبنانيين من الشوارع والساحات على مساحة الوطن بالشكل غير المسبوق والذي لم يعرفه اللبنانيون يوماً في أيّ مناسبة يمكن إدراجها في محطات الانكسار أو في محطات الانتصار.

على هذه الخلفيات، ورغم اقتناع أطراف السلطة، ولاسيّما الأقوياء الأربعة الذين عقدوا التسوية السياسية قبل ثلاث سنوات، والتي انتجت بداية للعهد الحالي وعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، أنه لم يعد هناك بدّ من التغيير الحكومي أيّاً يكن الثمن. وما على الجميع سوى البحث عن الآلية التي يمكن اللجوء اليها لتنفيذ الخطوات الدستورية الضرورية بأرخص ثمن. فالمكابرة التي يعبّر عنها البعض حتى الرمق الأخير والتي ميّزت بعض المواقف ممن لا يريد أن يرى أو يعترف بما يجري في الساعات الأخيرة لم تعد ذات جدوى. فالقناعة باتت شبه شاملة بأنّ ما هو مطلوب من تغيير حكومي بات ممراً إجبارياً للخروج من الأزمة.

ومردّ هذه القناعة، يعود الى ردود الفعل على كل ما يجري في الداخل والخارج. فالحراك الديبلوماسي الذي قاده سفراء مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان ومجموعة السفراء الأوروبيين، بمن فيهم ممثلو الجامعة العربية والأمم المتحدة حمل الكثير من الرسائل الى كبار المسؤولين. فهم والى جانب إصرارهم على حماية الحراك الشعبي وعدم استخدام أيّ من وسائل القوة لإخلاء الساحات لم يغفلوا أهمية الإقدام على الإصلاحات البنيوية المطلوبة المعروفة منذ سنوات، ومنها تشكيل حكومة توحي بالثقة للناس قبل المجتمع الدولي الذي عبّر أكثر من مرة عن قرار لم يتزعزع بعد بمساعدة لبنان ومنع انهياره، ولكن ليس بأيّ ثمن.

وفي مقابل رسائل المجتمع الدولي التي دعت الى تغيير حكومي من ضمن المؤسسات الدستورية دون التدخل في شكل الحكومة وتقديم أي توصيف لها، لم يعد سراً أن معظم القيادات باشروا مناقشات تفصيلية لمعالجة هذا الوضع واستعرضوا مجمل الصيغ الممكنة والتي تهاوت الواحدة تلو الأخرى وصولاً الى التغيير الشامل. فقد تمّت غربلة الكثير مما تمّ تداوله من صيغ لسدّ الشغور الناجم عن استقالة الوزراء الأربعة ومشاريع الترميم والتعديل وتبادل الحقائب الى أن بات المخرج الوحيد الاستقالة. وهو ما عبّر عنه رئيس الجمهورية امس عندما أصرّ على الآليات الدستورية التي تفرض تقديم رئيس الحكومة استقالته لاستحالة اللجوء الى الوسائل الأخرى.

عند ما بلغته هذه المناقشات، برزت المصاعب أمام مشاريع التغيير الحكومي التي لا يمكن الاستهانة بها، فكلّ ما هو مطروح يفرض تنازلات مؤلمة للعديد منهم. وقد يكون الرئيس الحريري الأكثر تحرراً منها، ومن بعده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، مما هو مطلوب، ولذلك توزعت العقد بالتساوي عند الأطراف الأخرى. فليس خافياً أهمية ما سيلقيه الاستحقاق على «حزب الله» من مصاعب عند التغيير الحكومي في ظلّ ما هو معرّض له من عقوبات، كما بالنسبة الى الرئيس نبيه بري وقبلهما الرئيس ميشال عون. فهم مدعوون الى قرارات جريئة طالما أنّ ما هو مطلوب التخلي عن وزراء تمسكوا بهم لفترات طويلة، وأنّ التخلي عنهم بات خطوة إلزامية صعبة.

لكن الجواب الذي يمكن أن يقود الى التخفيف من الخسائر قد يؤدّي الى بدائل تخفّف من حجم الخسائر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: ما الذي يمنع «حزب الله» من استنساخ تجربة جميل جبق الناجحة؟ وما الذي يحول دون تبديل علي حسن خليل؟ هل من شخص لا بديل منه لدى الثنائي الشيعي في ظل ما يحكى عن «فيتو» لـ«حزب الله» قد شمله. ولكن ما يبدو أنه القرار الأكثر إيلاماً في إبعاد وزير الخارجية جبران باسيل عن الحكومة. فهناك من يقول انّ باسيل لن يبعد من البلد، وهو باقٍ رئيساً لـ«التيار الوطني الحر» ويمكنه اختيار أيّ بديل من الأسماء التي لا تستفز أحداً. وعليه فإن خلت اوساط هؤلاء من مثل هذه المخارج فانّ الكارثة تكون قد اقتربت وستطيح بالجميع. فمشاريع بناء شوارع استفزازية في مواجهة ما هو قائم منذ 9 ايام ستكون خطوات فاشلة ترتدّ على الساعين اليها. ولن تعود على البلاد إلا بما هو أخطر وأعظم، ومن يعش يرَ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإستقالة أقصر الطرق الى الحلّ وأصعبها الإستقالة أقصر الطرق الى الحلّ وأصعبها



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 18:43 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

ديكارت ومحافظ البصرة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش

GMT 15:21 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة شاغو لاعب الرجاء البيضاوي لا تدعو للقلق

GMT 12:56 2014 الثلاثاء ,15 تموز / يوليو

خيرية نجران تواصل تقديم وجبات إفطار صائم

GMT 00:07 2017 الخميس ,17 آب / أغسطس

توقعات أحوال الطقس في اليمن الأربعاء
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya