فى ملتقى تحالف الأديان

فى ملتقى تحالف الأديان

المغرب اليوم -

فى ملتقى تحالف الأديان

بقلم : مكرم محمد أحمد

فى ملتقى تحالف الأديان الذى افتتحه الشيخ محمد بن زايد ولى عهد دولة الإمارات، وشارك فيه الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، كما شارك فيه عدد من ممثلى الأديان السماوية، الإسلامية والمسيحية واليهودية، وممثلين عن المعتقدات الإنسانية بما فى ذلك البوذية، والذى خصص دورته الأولى هذا العام لمناقشة قضايا الطفل والمرأة، دعا الأزهر الشريف جامعاً وجامعة على لسان الإمام الأكبر إلى أن يقوم تحالف الأديان والمعتقدات بصياغة منظومة أخلاقية عالمية مشتركة، تحمى حقوق الأطفال وحقوق المرأة من العنف والتسلط والاستغلال فى تجارة الجنس، كما تحمى الشباب من كل ما يغيب وعيه العقلى والدينى ويدفعه إلى السقوط فى جرائم التطرف باسم الدين!.

وطالب شيخ الأزهر جميع المؤسسات الدينية والدولية المعنية بحقوق الطفل والمرأة، مراعاة ثوابت الثقافة الشرقية القائمة على أصول الأديان، واحترام خصوصيات الأمم والشعوب فى صياغتها لمفهوم حقوق الإنسان والطفل والمرأة بما يُمكن الثقافات الشرقية من تحقيق تبادل حضارى متكافئ ومنسجم بين الشرق والغرب، لأنه لا معنى لأن يفرض البعض تعريفاً للأسرة يختلف مع الفطرة ومع ما درجت عليه الإنسانية فى مشوار حضارتها ومع معتقدات الأديان فى تعريفها للأسرة بأنها الأب والأم والأطفال، ويسعى إلى فرضه على العالم أجمع!، وقد استقبل ملتقى تحالف الأديان على تنوعه الذى شمل جميع الأديان السماوية وأغلب المعتقدات الإنسانية، كلمات الإمام الأكبر على صراحتها بالترحيب الشديد، خاصة أن خطاب الشيخ الطيب إلى المؤتمر كان خطاباً عقلانياً مدروساً، جسد حقائق الفكر الإسلامى الصحيح وجوهر النص المقدس قرآناً وسُنة وسطية الإسلام واعتداله على أحسن وجه، وكشف بوضوح شديد أن الشريعة الإسلامية التفتت لقضية حقوق الطفل والمرأة فى أزمان موغلة فى الماضى، كانت الوحشية البشرية تدفع فى تلك الفترات الآباء دفعاً إلى وأد بناتهم ودفنهن فى التراب خشية إملاق! وجاء الإسلام ليُحرم الزنا وهتك الأعراض والتحرش بالنساء وقتل الأولاد ووأد البنات حفاظاً للنسل الذى نعبر عنه فى مؤتمرنا بعنوان تكريم الطفل، وأبان شيخ الأزهر لمؤتمر تحالف الأديان أن الإسلام حفظ حقوق الطفل وهو فى عالم الغيب، حيث جعل له حقاً على والده أن يُحسن اختيار أمه، ويختار له اسماً لا يجعله مثار سخرية أقرانه، وحفظ له نصيبه من الميراث وهو جنين فى بطن أمه، وحرم الاعتداء على حياة الأجنة والمساس بها تحت أى ظرف من الظروف، ورفض الإجهاض بصورة مُطلقة، إلا أن يمثل بقاء الجنين خطراً مُحققاً على حياة الأم، عملاً بالقاعدة الشرعية التى تنص على وجوب ارتكاب أخف الضررين وإزالة الضرر الأكبر بالضرر الأصغر، قدم الشيخ الطيب حججه القوية على أن اهتمام الشريعة الإسلامية بحضانة الطفل فاقت كل الديانات والحضارات، لأن الطفل الذى يولد من أب مُسلم وأم مسيحية أو يهودية ثم يفترق أبواه لأى سبب فإن شريعة الإسلام تقضى للأم المسيحية أو اليهودية بحضانة طفلها المسلم، ولا تقضى لأبيه وأسرته المسلمة بحضانته، لأن الحديث النبوى الصحيح يقول: من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته، والأكثر إنسانية أن الرسول الكريم كان ينهى عن التفريق بين الأم وولدها فى عالم الحيوان والطيور.

ولكى لا يسىء البعض فهم كلمات شيخ الأزهر عن سبق الإسلام فى قضية حقوق الأطفال، كان الشيخ أحمد الطيب واضحاً وهو يُقرر أمام مؤتمر ملتقى تحالف الأديان أن سبق الإسلام فى قضية حقوق الطفل والمرأة لا يعنى أن نستغنى بما ورد فيه عما أضافته المواثيق والاتفاقات والبروتوكولات الحديثة المعاصرة لأن أطفال اليوم يتعرضون لمشكلات شديدة التعقيد لم يكن يتعرض لها أطفال الأمس، مثل مشكلات بيع الأطفال ونقل أعضاء الفقراء منهم لأبناء الأثرياء وتجنيدهم فى النزاعات المُسلحة وتفخيخهم فى جرائم الإرهاب واستباحتهم فى جرائم الجنس والمتاجرة بطفولتهم فى الإعلانات والمواد الإباحية، وحرمانهم من حقهم فى التعلم وإجبارهم على أعمال لا تناسب أعمارهم يجبرون عليها إلى مشكلات أخرى تنجم عن الفقر والصراعات المُسلحة التى لا خلاف بين علماء الإسلام على تجريمها تجريماً قاطعاً, وباختصار شديد كانت وسطية الإسلام واعتداله حاضرة فى ملتقى تحالفات الأديان بقوة حجتها وإنسانيتها وسلامة منطقها ومفهومها العميق لأهمية التعارف بين الشعوب.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى ملتقى تحالف الأديان فى ملتقى تحالف الأديان



GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 07:56 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

الفساد فى إفريقيا

GMT 07:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الطريق الصحيح إلى استقرار السودان

GMT 04:11 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أيام فى الإسكندرية

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya