قميص «الأغنية»

قميص «الأغنية»

المغرب اليوم -

قميص «الأغنية»

بقلم : حسن البطل

أين ينتهي الفرعون أخناتون؛ وأين يبدأ النبي موسى؟ هناك قول في التاريخ المدوّن عن أخناتون؛ وقول آخر في كتب السماء عن موسى. لن تُحلّ المشكلة كما حلها المناطقة: «في المسألة قولان».
هناك دور محدد لأخناتون في التوحيد؛ ودور لموسى في التوحيد. اذا قيل انهما شخص واحد باسمين، سوف تهبُّ العواصف، قد تقودنا ازدواجية اخناتون - موسى الى ما يحاجج به الباحث والمفكر احمد عثمان في مجلة «العصور الجديدة» المصرية، في عدد أيلول 2014: النبي يوسف هو نفسه يويا، وزير امنحوتب الثالث؛ ومن ثم، ان داود هو تحوتمس؟!

مقولة احمد عثمان مفيدة لمؤرخين اسرائيليين اصيبوا بالعياء والخذلان وهم يفتشون، بلا طائل، عن أثر يؤكد وجود موسى، كشخصية مستقلة وقائمة في ذاتها، (خلافاً لأخناتون).

جذر المسألة أن مقولات، لم تنقطع عن التواتر، لا تتعارض، بالضرورة، مع نص في الكتب السماوية المقدسة، ولكنها تتعارض مع التفسير المقبول، الآن، لهذه الكتب.
ربما كان أحمد عثمان المصري معنياً بتأكيد مركزية مصر القديمة في الديانتين اليهودية والمسيحية. السيد المسيح قال: «ما جئت لأبدل الناموس لكن لأهدي خراف بني اسرائيل الضالة». في وقت لاحق سيفهم بطرس انه «الصخرة»، ومن ثم المؤسس الفعلي للديانة المسيحية.

ربما - من وجهة أخرى - كان «المؤرخ» كمال الصليبي موغلاً في البحث التاريخي استنادا الى الجذر الواحد للكلمة السامية .. واشتقاقاتها. وهكذا، سيجد «مصرايم» في تهامة. ستثور عاصفة تهب عليه من بلاد نجد الحديثة (السعودية).

المهم الآن، ما هو ماثل في لبنان. الصلة بين «يوسف» و»جوزيف» واضحة لغوياً، اكثر من «مصادفة» تشابه «مصر» و»مصرايم»، أو «الفادي» يسوع و»الفدائي» الفلسطيني؛ او «الأخ» في خطاب مرتبة النضال، و»الأخ» في روحية التعامل الأخوي المسيحية.

المسلمون وجدوا في حركات الاعراب في اللغة العربية مخرجاً لائقاً بين لفظ اسم الرسول الأعظم محمد وبين لفظ الاسم الاكثر شيوعاً على نطاق العالم، بتسكين حرف الميم. «عبد النبي» اسم سائر في مصر بخاصة، وفي لبنان تجد، احياناً «عبد المسيح» .. وفي كل مكان «عبدالله» للمسلمين والمسيحيين، وبالطبع «يوسف» و»مريم» ايضاً.

عندما قال الشاعر الفلسطيني في وصف الفدائي انه «قديس في زي مقاتل» لم تنشب عاصفة نجدية - وهابية. ربما لأن «الحقبة السعودية» كانت في مطلعها، بينما كانت الحركة الفدائية الفلسطينية في ذروة تألقها.

لنلاحظ، الآن، ان البطريركية المارونية اللبنانية، ومقرها في «بكركي» (الباء ساكنة، الكاف مكسورة. الراء ساكنة) لم تحرك ساكناً دفاعاً عن هذا المغني الثائر مرسيل خليفة. لماذا؟
أبعد من سهولة القول، لنتذكر ان دار الافتاء السنية الاسلامية وقفت، دونما ادنى تحفظ، الى جانب البطريركية المارونية ضد عرض فيلم «يسوع ملكا» لأحد ابرز المخرجين السينمائيين الايطاليين .. الكاثوليك.

قضية غناء قصيدة «أنا يوسف يا أبي» وضعت مذاهب لبنان في حالة ارتصاف جديد: الاجتهاد الشيعي لا يرى كبير شائنة في شعر يستحضر روح النص القرآني، كما فعل الشعر العربي القديم، سواء أكان مدائح نبوية، او لم يكن.

بشكل مواز و/أو مقابل، ارتصف الديمقراطيون اللبنانيون في خندق واحد، أياً كانت دياناتهم او مذاهبهم.
في بعض وجوهها المعنوية، فإن علاقة المغني والملحن مارسيل خليفة مع الشاعر محمود درويش تشبه علاقة الشاعر جلال الدين الرومي بالصوفي شمس تبريز: أن تؤمن بالله يعني ان تعرفه بقلبك ايضا، وأن تعشقه روحك. وايضا، هناك هذا التمادي - التشابه بين قصة يوسف وقصة الفلسطيني مع اخوته العرب.

.. والقصة أن الاسلام هو خط الدفاع الاول عن الديانات السماوية. فإذا قال علماء آثار اسرائيليون علمانيون ان موسى لا وجود له، قال المسلمون بخلاف ذلك. واذا أهان أحد الكاثوليك الطليان السيد المسيح، فإن المسلمين لا يقبلون إهانة نبي واحد.

مع ذلك، فالأغنية أبسط من هذا كله بكثير لو حسنت النوايا، وتم تخليصها من تبادل مواقع مدهش بين أصولية دينية سياسية تخلو من اجتهاد، وأصولية سياسية دينية لا تخلو من اجتهاد!

الأفعى
كانوا في الكاريكاتير العربي القديم يُصوِّرُون إسرائيل كأنّها أفعى.. والآن شجر خلاف طريف ـ غير طريف فلسطيني ـ إسرائيلي حول نسبة «الأفعى الفلسطينية» النادرة الذي انتحلته إسرائيل إلى «أفعى أرض إسرائيل»!

السلطة رفعت شكوى ضد هذا الانتحال إلى من يعنيه الأمر، وكانت إسرائيل قد حاولت انتحال اسم «طائر الشمس» الفلسطيني.
اسم المكان، واسم الكائنات، واسم الزهور والنباتات موضع انتحال، لكن كيف يمكن انتحال اسم الشعب الذي يسكن البلاد! إلى «عرب أرض إسرائيل»؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قميص «الأغنية» قميص «الأغنية»



GMT 12:12 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

الصدمة السودانية؛ مقدماتها وتوابعها؟

GMT 11:42 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

في الإجمال والتفاصيل!

GMT 08:22 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الطواف حول بحر الجليل

GMT 16:35 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

أربعة عقود، ثلاث هزّات !

GMT 13:18 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

أوان الشـدّ ؟

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 17:57 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي التحدي يبرم عدة صفقات استعدادًا للدوري الليبي

GMT 21:00 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ترامب ينشر خريطة دولة فلسطين وفقا لـ"صفقة القرن"

GMT 11:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط ترتفع بسبب توقف خط أنابيب في بحر الشمال

GMT 02:55 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مجتمع اليخوت الفاخرة مقصد أصحاب لثروات في موناكو

GMT 23:36 2017 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

أجزاؤها أشيائي

GMT 15:10 2015 الإثنين ,02 شباط / فبراير

سلطة العدس

GMT 17:34 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

صوفيا فيرغارا في تصميم لزهير مراد

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:06 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح الدين بصير شبح أسود لحراس المرمى

GMT 15:09 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إحباط سرقة سيارة لنقل الأموال في أيت أورير ضواحي مراكش
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya